أعادت صورة متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي قصة بلانش مونييه إلى تصدر محركات البحث، وبدأ عدد كبير من النشطاء في السؤال عن قصة الحب المأساوية التي تجاوزت بشاعتها أشهر القصص الرومانسية وهي قصة روميو وجولييت. ففي مدينة بواتييه، عاشت الشابة الجميلة بلانش مونييه حياة أشبه بسجن ذهبي، قيدتها فيه عائلة أرستقراطية متسلّطة. خطف جمال بلانش قلوب الكثيرين، لكنّ قلبها وقع في غرام محامٍ شاب لا ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية التي تنتمي إليها، رفضت العائلة هذا الارتباط بشدة، ورأت فيه "عبئاً" على سمعتهم ومكانتهم. ولكن لم تنته القصة عند هذا الحد، ولجأت الأم الأرملة إلى حلّ وحشي انعدمت فيه كل مشاعر الإنسانية، وماتت معه معاني الأمومة، وقامت الأم بحبس ابنتها بلانش في غرفة ضيقة في الطابق العلوي من القصر، قيّدت يديها بالأصفاد، وحرمتها من ضوء الشمس، وأنهت أي تواصل بين ابنتها صاحبة الـ25 عامًا والعالم الخارجي.قصة بلانش مونييه جاءت الصورة المتداولة للفتاة الشابة دليلا على أقصى درجات تجرد أم من الإنسانية، ولتستطر قصة بلانش مونييه اسمها بين أشهر قصص الحب الحزينة وواحدة من أبشع قصص الحبس القسري. وعلى الرغم من مرور ما يزيد من قرن من الزمن على قصة الفتاة المسكينة بلانش مونييه، إلا أنه في كل مرة يعيد فيها الحديث عن تلك القصة المرعبة تثير الاشمئزاز لدى كل من يقرأها. بدأت أحداث قصة حب لانش مونييه في عام 1976، حينما كانت تستمتع الفتاة صاحبة الـ 25 عامًا في ذلك الوقت بإجازة في مدينة فيينا، وهناك التقت الفتاة سليلة العائلة الاستقراطية بشخص صاحب شخصية جذابة يعمل في المحاماة، لفت جمال بلانش أنظار هذا الرجل، وبدأ يتقرب منها، ووقعت في حبه.بعد عودة بلانش مونييه من فيينا أبلغت والدتها وشقيقها الوحيد عن رغبتها في الزواج من ذلك المحامي، ولكن واجهت بلانش رافضًا قاطعًا من عائلتها نظرًا لأن هذا المحامي ليس من النبلاء، كما أنه لا يمتلك أي مركز مادي أو اجتماعي بالإضافة لفارق السن بينهم. طلب بلانش مونييه حطم آمال والدتها السيدة مونييه ابنة العائلة الأرستقراطية الشهيرة في فرنسا التي كانت تمني نفسها بأن تتزوج ابنتها الفاتنة من شخص من العائلات المرموقة صاحب سلطة وثروة يحافظ على أموال العائلة، ويحافظ لهم مستواهم الاجتماعي. قررت مدام مونييه، أن تعاقب ابنتها، وتقضي على أي احتمال بأن تتزوج ابنتها الفاتنة من المحامي الفقير، فاتفقت مع شقيق بلانش مونييه، واحتجزوها داخل غرفة ضيقة في المنزل غطوا نوافذها بإحكام لمنع رؤية ابنتهم من قبل أي شخص بالخارج.بلانش مونييه والجنون انتظرت بلانش مونييه داخل الغرفة القذرة أن تحن والدتها أو شقيقها لحالها، وفضلت تمنى نفسها باللحظة التي تخرج فيها من تلك الغرفة، وأن تفك الأصفاد، وتحصل على حريتها، ولكن هذه اللحظة لم تأت. وظلت بلانش مونييه نحو 25 عامًا مربوطة بالأصفاد في غرفة ضيقة لا ترى الضوء، وهو الأمر الذي جعلها تفقد عقلها ببطء وتصاب بالجنون. في البداية قالت والدتها إن ابنتها قد ماتت لكي تبرر للجيران والأقارب سبب اختفائها، بل وأمضت عامًا بالكامل في حالة حداد على ابنتها، ومع علو صرخات ابنتها في الطابق العلوي إلى حد وصل للجيران، عادت الأم لتخبر الناس أن ابنتها أصيبت بالجنون. وظلت بلانش مونييه مقيدة في غرفة عفنة يتآكل شبابها وجمالها وصحتها البدنية والعقلية مدة 25 عامًا، حتى وصلت إليها السلطات في عام 1901، وأخرجوها من هذا القبر.فجع منظرها السلطات حينما دخلوا عليها، حيث تحولت وهي في الخمسين من عمرها إلى هيكل عظمي، وكان وزنها نحو 30 كيلوغراماً فقط، ووجدوها مقيدة في غرفة مظلمة تمتلئ بالمخلفات والقذارة. كما وجدت السلطات حشرات وفئران تعيش معها، وتأكل من بقايا الطعام المتعفن الموجود حولها، وبمجرد دخول الضوء إلى الغرفة ارتعدت بلانش التي عاشت نحو 25 عامًا في ظلام دامس، وإلى جانب إصابتها بالجنون كانت الفاتنة الفرنسية فقدت القدرة على تكوين جمل.قصة العثور على بلانش مونييه عبر رسالة مجهولة أرسلت إلى مكتب المدعي العام في باريس في 23 مايو من عام 1901، عن وجود فتاة عانس تعيش على بقايا الطعام تم حبسها لمدة 25 عامًا داخل منزل مدام مونييه، قررت السلطات الذهاب للتحقيق رغم التشكيك؛ لأن هذا الاتهام موجه لواحدة من كبرى العائلات في باريس. ولكن بعد ذهاب الشرطة كانت المفاجأة، حينما كسروا الضباط الباب ليجدوا منظرًا ورائحة لم يتحملوها، لدرجة دفعتهم لكسر النوافذ حتى يستطيعوا التنفس.ووجدت السلطات بلانش مونييه مقيدة في السرير شبه عارية يحيط بها البراز والقذارة وحشرات وبقايا طعام فاسد، ولم تستطع قوات الشرطة البقاء في الغرفة، وأسرعوا للخارج وتم نقل الفتاة بشكل سريع إلى المستشفى وإلقاء القبض على والدتها وشقيقها مارسيل. وعلى مدار 12 عامًا عاشتها بلانش مونييه ظلت في مستشفى للأمراض النفسية في بلوا بفرنسا، ولم تفلح محاولات الأطباء في إسعاده عقلها الذي أصابه الجنون حتى غيبها الموت في عام 1913.أما والدتها، فتوفيت بعد 15 يومًا فقط من إلقاء القبض عليها، أما شقيقها المحامي الشهير، فبعد أن أمضي 15 شهرًا فقط داخل السجن استطاع أن يحصل على البراءة بسبب ثغرة قانونية.(المشهد)