للجسد لغته الخاصة، نعبر عن أنفسنا بالكلمات، ولكن أيضا بإيماءات وحركات. لذلك يمكن لأي شخص مخادع أن يقول شيئا وأن يقصد شيئا آخر بغرض تضليل الآخر، إلا أن خداع شخص ما بلغة الجسد يعتبر مهمة معقدة، لأن الشخص المخادع يكون غير واعي بتعبيرات وجهه وحركات يديه.من خلال معرفة كيفية فك رموز لغة الجسد بشكل صحيح، تكون لديك ميزة كبيرة في التواصل مع الآخرين. في الوقت نفسه، يعد فهمك للإشارات غير اللفظية بمثابة خطوة أولى لتكون قادرا على استخدام لغة جسدك بطريقة ذكية لتحقيق هدفك من التواصل مع شخص. لا يتعلق الأمر بتضليل الآخرين عمدا، بل يتعلق بمرافقة كلماتنا بحركات تجعلنها صادقين وواثقين.فكيف يتكلم جسدا؟ كيف نفسر لغة الجسد؟ كيف أتحكم في لغة الجسد؟ وما الفائدة من لغة الجسد؟ أسئلة وأخرى سنجيب عنها في المقال التالي.تعريف لغة الجسدتشير لغة الجسد إلى الإشارات غير اللفظية التي نستخدمها للتواصل. تشكل هذه الإشارات غير اللفظية جزءا كبيرا من الاتصال اليومي. من تعابير وجهنا إلى حركات أجسادنا، الأشياء التي لا نقولها بوضوح يقولها جسدنا. يمكننا التمييز بين لغة الجسد الإيجابية والسلبية.أنواع لغة الجسدلغة الجسد الإيجابية:لغة الجسد الإيجابية هي نوع من أنواع التواصل غير اللفظي الذي يضعنا في موقف من الراحة والمثابرة والكرامة. تعرف أيضا باسم لغة الجسد المفتوحة. تساعدنا على نكون منفتحين مع الآخر. مما يساعدهم في الشعور بالراحة. عندما تولي اهتماما للغة جسدك الإيجابية، تكون لديك القدرة لفك النزاعات وبناء علاقات شخصية ومهنية صحية.لغة الجسد السلبية:لغة الجسد السلبية أو المغلقة هي إشارات غير لفظية تؤثر على مصداقيتك وتأثيرك في المحادثة. قد تقوم بإيماءات وحركات مسيئة للآخرين تجعلك غير مريح وغير واضح. تقلق لغة جسدك السلبية من قدرتك على التواصل بفعالية. يجب عليك إبقاء لغتك الصامتة قيد المراقبة لتحسينها.في علوم الاتصال، يدرس تخصص علم الحركة. يتم من خلاله تحليل تأثيرات الإيماءات وتعبيرات الوجه وحركات الجسم في مواقف اتصال محددة. مثل محادثات البيع أو مفاوضات العقود أو خطابات ولقاءات زعماء الدول والمشاهير.تاريخ لغة الجسديعود استخدام لغة الجسد إلى عصور ما قبل التاريخ وفي الواقع عصور ما قبل اللغة. حين كان البشر لا يعرفون كيف يتواصلون لفظيا، كانوا يعتمدون على جسدهم. بعض الإشارات عالمية. الجميع يدرك أن الضحك تعبير عن السعادة والبكاء تعبير عن الحزن أو الأم.تواصلنا غير اللفظي فطري، لكن الأمر استغرق وقتا حتى نهتم به. اعتمدت بعض التخصصات على إيماءاتنا، أو على المساحة التي نضعها بيننا وبين الآخرين. لكن ظهور الفيديو وتطور الأنترنت ساهما بقوة في تطوير العديد من النظريات حول لغة الجسد.أثار عالم الجيولوجيا تشارلز داروين لأول مرة أهمية التواصل غير اللفظي عام 1872، حيث افترض عالمية لغة الجسد. ثم في عام 1941، أجرى عالم الأنثروبولوجيا ديفيد إيفرون أول دراسة غير لفظية لإظهار أن الإيماءات كانت رمز اتصال مشترك بين أفراد نفس الثقافة.في عام 1956، قدم عالم الأنثروبولوجيا جريجوري بيتسون، مفهوم "الرابطة المزدوجة" والتي بموجبها يمكن للرسائل الشفوية والرسائل الجسدية أن تتعارض مع بعضها البعض وتجعل عملية الاتصال ضارة للغاية. عام 1966 حدد السيميائي الروسي جوليان جريماس الأسس النظرية للسيميائية، وهو عليم يدرس العلامات والرموز، ليس فقط الكلمات وإنما أيضا الإيماءات.عام 1968، أسس عالم الاجتماع الأميركي راي بيردويسل، علم الحركة الذي يدرس الجوانب التواصلية المنظمة لحركات الجسم.يمكننا أن نلاحظ أن جميع التخصصات تهتم بلغة الجسد بطريقة أو بأخرى، لأنه من الصعب تجاوز هذا الجزء المهم جدا من تواصلنا.أقسام لغة الجسدانطلاقا مما سبق نستنتج أن التواصل عن طريق الجسد فطري وليس مرادفا للتحدث بلغة فقط. هناك أربعة أقسام للتواصل غير اللفظي يمكن تلخيصهم في الآتي:الإيماءات: الإيماءات تختلف من ثقافة إلى أخرى. يمكن للإيماءة أن تترجم رسالة كاملة أو تعطي أدلة على المعلومات التي تريد نقلها.الوضعية: هناك الوضعية الدقيقة غير الواعية، والوضعية المحدودة في الوقت مثل الوضعيات المعبرة على الغضب أو عدم الثقة، وهناك أيضا الوضعية العامة للجسم.تعابير الوجه: ينقسم الوجه إلى 3 مناطق لدراسة تعبيره: الجزء العلوي من الوجه وهو المنطقة المكونة من الجبهة والحواجب، تعتبر منطقة التفكير والبحث. المنطقة الوسطى أو منطقة العاطفة المكونة من الخدين. ثم الجزء السفلي وهو منطقة الغرائز لكن تعبيرات الوجه تولد علامات يمكن أن تكون مكتسبة وليست مقصودة. مثلا تجعد الجبين أثناء سوء الفهم.النظرة: "النظرة" هي مرآة الروح. في علوم الاتصال يجب أن يكون هناك نظرة، لأن التواصل يعني معرفة كيفية قبول الآخر وقبول الآخر يعتمد على قبول مظهره.هناك من يضيف أيضا إلى لغة الجسد نبرة صوت المتحدث. وتتضمن نبرة الصوت النغمة التي تستخدم أثناء الحديث والعاطفة التي تنقل من خلالها.كيف تقرأ لغة الجسد؟لتصبح قارئا جيدا للغة الجسد، اتبع الخطوات التالية:انتبه إلى التناقضات: يجب ان يعزز التواصل غير اللفظي ما يقال. هل يقول الشخص شيئا، ولكن لغة جسده تنقل لك شيئا آخر؟راقب الإشارات مجتمعة: لا تقرأ كل إيماءة وحركة لوحدها، بل ركز على جميع الإشارات غير اللفظية التي تراها.ثق بحدسك ومشاعرك: لا تتجاهل مشاعرك إن شعرت أن شخصا ليس صادقا أو لئيما.رموز لغة الجسدبعد معرفتك لأقسام لغة الجسد، حان الوقت لتعرف أساسيات فك رموزها لتتضح لك شخصية من يخاطبك.بالنسبة للوجه:التحديق: يمكن أن يعبر عن اليأس أو الإحراج.رفع الحاجب الأيمن: يدر على الشعور بعدم الارتياح مع محاورنا مع الرغبة في إبعاده.مداعبة الأذن اليسرى: لمس الأذن اليسرى له علاقة بالسعادة أو الخجل.إخفاء الشفاه: يمكن أن يكون علامة على القلق والتوتر وحجب الرسالة.حك الذقن: يبدو أن مخاطبك مشكوك فيه.حك العنق: استراتيجية غير واعية ينفذها الدماغ لإظهار التفوق والتعالي على الآخر.لمس الأنف: هذه الإيماء تظهر الفضول وليس بالضرورة الكذب كما هو شائع.مداعبة الحاجب: تعني تخيل الصور والأماكن والذكريات، إذا كان مخاطبك يداعب حاجبه الأيسر فهو يتخيل ذكريات خاصة تثير قلقه. أما إذا كان يداعب حاجبه الأيمن فيتعلق الأمر بذكريات تتعلق بالعالم الخارجي وليس لها علاقة مباشرة به.توجيه الوجه إلى اليمين: ربما تكون هذه علامة على وجود علاقة إيجابية مع المحاور. من يدير وجهه إلى اليمين يكون مرتاحا ومتقبلا.بالنسبة للصدر:إذا كان الشخص الذي أمامك يميل صدره إلى اليمين، فهو شديد التركيز في المحادثة.إذا كان الشخص يميل صدره إلى اليسار فاعلم لدي مشاعر سلبية تجاه المحاور.بالنسبة للذراعين:تقاطع الذراعين قد يشير إلى وضع الشخص إلى حواجز تحول دون تقبله لما تقول، لكن يمكن أن تشير إلى عودة الشخص إي طبيعته بعد موقف عصيب. لا يهم اتجاه التقاطع أو شكله. لأن ذلك يتم بشكل غير واعي.بالنسبة للساقين:تقاطع الساقين مرتبط بوضعيته. عند الوقوف فيشير إلى الهدوء في محادثة غير رسمية. أما في المحادثة الرسمية فعدم الوقوف بثبات يدل على عدم الجدية أو العدوانية.تقاطع الساقين أثناء الجلوس فيدل على حاجة الشخص إلى الخصوصية. وأحيانا قد تدل على عدم الرغبة في المغادرة حين تكون المحادثة مهمة.تفسير أسرار لغة الجسدإذا كنت تحاول تفسير لغة الجسد بعمق أكبر، إليك ما تبحث عنه:تعابير الوجهفكر للحظة في مدى قدرة الشخص على التحدث عن نفسه من خلال تعبيرات الوجه فقط. يمكن أن تشير الابتسامة إلى الموافقة والسعادة. ويمكن أن تشير إلى الرفض والتعاسة. تعابير وجهنا تكشف مشاعرنا الحقيقية تجاه موقف معين. بينما تقول إنك على ما يرام، فإن النظرة على وجهك قد تخبر الناس بخلاف ذلك.تشير بعض الدراسات إلى أن تعبيرات الوجه الجديرة بالثقة هي التي يتم فيها رفع طفيف للحاجبين مع ابتسامة خفيفة. هذا التعبير ينقل كلا من الود والثقة. تم التوصل أيضا إلى أن الأشخاص من ذوي العبارات المبتسمة والتي يبدو فيها واضحا الابتهاج هم أكثر ذكاء من الذين يملكون تعبيرات وجه غاضبة دائما.العيونالعيون نوافذ الروح لأنها قادرة على كشف العديد من العواطف والأفكار التي يمر بها الشخص أو يفكر بها وذلك من خلال تقييمك لللعيون، وفيما يلي أهم الإشارات التي يجب الانتباه إليها.النظرات: عندما بقوم شخص ما بالنظر إلى عينك مباشرة، فهذا يدل على اهتمامه. لكن الاتصال المطول بالعين قد يشعر الآخر بالتهديد. من جانب آخر قد يشير قطع الاتصال بالعين إلى أن الإنسان مشتت وغير مرتاح أو يسعى لإخفاء ما في داخله.رمش العين: يرمش الشخص بسرعة عندما يشعر بالضيق، فيما يرمش الشخص ببطء حين يشعر أن حديثك ممل.بؤبؤ العين: رغم أن مستويات الضوء تتحكم في كبر حدقة العين. إلا أن هذا الاتساع قد يحدث للشخص كتعبير عن انجذابه للآخر.الفمغالبا ما تمكنك تعابير الفم قراءة لغة الجسد. مثلا قد يدل عض الشفة السفلية أن الفرد يعاني من مشاعر القلق والخوف وعدم الأمان. قد تكون تغطية الفم دلالة على أنك شخص مهذب إذا كنت تتثاءب أو تسعل، ولكنه أيضا محاولة لإخفاء الرفض.تحدث أيضا تغييرات في وضعية الفم، إذا كان مرفوعا قليلا، فهذا يعني أن الشخص سعيد ومتفائل، في المقابل يمكن أن يكون الفم المنحني مؤشرا على الحزن أو الرفض.قد تكون الابتسامة من أعظم إشارات لغة الجسد، لكن يمكن أيضا تفسيرها بعدة طرق. قد تكون الابتسامة حقيقية وقد تكون زائفة أثناء السخرية.الإيماءاتالتلويح والإشارة واستخدام الأصابع، كلها أمور شائعة وسهلة للفهم أثناء التواصل. لكنها تختلف من بلد إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى. على سبيل المثال قبضة اليد المشدودة قد تشير إلى الغضب في بعض المواقف أو التضامن في حالات أخرى. غالبا ما يتم استخدام رفع إشارة الإبهام للأعلى للقبول أما خفضها للأسفل فيشير إلى الرفض.الذراعين والساقينقد يشير إبعاد الساقين عن شخص آخر إلى عدم الإعجاب أو عدم الراحة تجاه هذا الشخص. قد تكون الإشارات أكثر دقة مثل توسيع الذراعين تد محاولة لتبدو أكثر تحكما. أما إبقاء الذراعين بالقرب من الجسم أثناء الحديث فيكون محاولة لتقليل انتباه الأشخاص لك.وضع اليدين على الوركين يدل أحيانا على السيطرة والجهوزية وقد يشير في بعض الأوقات إلى بعض العدوانية.أو وضع اليدين وإمساكهما خلف الظهر فهو يدل على الزهق اليأس أو القلق ويمكن أحيانا الغضب.قد يقوم الكثير منكم بنقر أصابعه وهذا دليل واضح نفاذ صبر الشخص وبأنه وبدأ يمل أو يشعر بالإحباط، لكن نقر القدمين فهو يدل على عدم الاكتراث.الوضعيةالوضعية أو الشكل الجسدي العام للفرد ينقل ثروة من المعلومات عن الشخص. على سبيل المثال قد يشير الجلوس بشكل مستقيم على التركيز، في المقابل جلوس الشخص منحنيا يشير إلى أنه يشعر بالملل أو اللامبالاة. إبقاء جذع الجسم مفتوحا ومكشوفا يشير إلى الود والانفتاح والاستعداد، أما الوضعية المغلقة من خلال إبقاء الذراعين والساقين مغلقتين، فمكن أن تدل على العداء أو القلق.المساحة الشخصيةقد يطلب منك شخص يوما ما حاجته إلى مساحة شخصية، أو ربما سبق لك أن شعرت بعدم الارتياح عنما يقف شخص ما بالقرب منك. يمكن للمساحة المادية بين الأفراد أن تنقل قدرا كبيرا من المعلومات غير اللفظية. لكنها تختلف من دولة إلى أخرى. لذا نذكرك من جديد بمعرفة ثقافة المخاطب لتراعي مساحته الشخصية أثناء التواصل.فائدة لغة الجسدتؤثر لغة الجسد على الانطباع الذي يعطيه الناس والطريقة التي يتم من خلالها تلقي كلماتهم. ألق نظرة على مقاطع فيديو الخطب الشهيرة. ستلاحظ أنه إضافة إلى محتوى الخطاب، فالإماءات والنظرات والحركات التي يتم تقديمها تلعب دورا حاسما في نجاحها.تشير لغة الجسد على وجه الخصوص للجمهور إلى مدى قرب الموضوع من قلب المتحدث، وبالتالي فهي معيار حاسم لمصداقيته. لكن في الحياة الشخصية أو الحياة المهنية، يتم الحكم على الأشخاص على مدى توافقهم مع ما يقولونه. ليس هناك ما هو أكثر إثارة للقلق من موظف يقبل المهمة الموكلة إليه بوجه غاضب.لكن كما ذكرنا سابقا، يجب توخي الحذر عند تفسير لغة الجسد أو الاستخدام الواعي لها في التخاطب مع أشخاص من مختلف الثقافات. حيث لا تحمل جميع الإشارات نفس المعنى في جميع أنحاء العالم. من ناحية أخرى توفر لغة الجسد إمكانية التواصل مع الآخرين عندما لا يتحدث الشخص نفس لغتك.من الحكمة أن تعرف مسبقا معنى أي حركة أو نظرة في ثقافة المخاطب. على سبيل المثال تشير علامة الإبهام في أوروبا الوسطى إلى الموافقة والقبول، بينما في أستراليا تعتبر إهانة خطيرة.كيف تتقن لغة الجسد؟قيل عن لغة الجسد أنها أفضل صورة لروح الإنسان. ولتعبر عن روحك وشخصيتك بشكل لائق وفعال، إليك النصائح التالية لتحسين لغة جسدك:ابتسم عندما تتعرف على شخص ما لأول مرة وطوال المحادثة، كن على دراية بتعبيرات وجهك المريحة طوال فترة المحادثة.افتح ذراعيك إذا كنت تريد أن تبدو واثقا ومنفتحا على الآخر.تصويب ظهرك: لتؤكد للشخص الذي تتواصل معه أنك مهتم بما يقوله ويستمع إليه، من المهم أن تجلس طويلا وتحافظ على عمود فقري مستقيم. الاتصال بالعين: من المهم إجراء اتصال بالعين مع الشخص الذي تتحدث إليه. لكن لا تطل التحديق به.اخفض شرابك: إذا كنت تحمل مشروبا في يدك، فكن على دراية بالمكان الذي تمسكه أمامه. لا تحمل أي شيء أمام قلبك، بل اخفضه وحمله جانب رجلك.تقليد الطرف الآخر: أحيانا يشعر الشخص بالراحة إذا عكست لغة جسده واستخدام النبرة التي يتحدث بها أيضا.حافظ على مسافة شخصية مناسبة: لاحظ لغة جسد الشخص الذي تتحدث إليه. إذا كان يريد سماعك بشكل أفضل اقترب، إذا كان يحاول الابتعاد عنك ابتعد أيضا. استخدم هذه الإشارات للحصول على فهم أفضل للمسافة المناسبة.ختاما، سيساعدك إتقان لغة الجسد في التعرف على مشاعر خفية للآخرين وسيجعلك تشعر بالثقة في النفس والقوة والجاذبية.(المشهد)