إذا فكرت يوما في معنى الوجود أو شككت بهدفك في الحياة، فقد تكون شاركت في الفلسفة الوجودية، إذ أنه من الصعب العثور على شخص لم يسأل نفسه هذه الأسئلة الكبيرة: ما معنى الحياة؟ ما هو هدفي؟ لماذا أنا موجود؟ ظلت هذه الأسئلة في الأذهان منذ آلاف السنين، وعلى الرغم من أنه تم الرد على بعضها من خلال الأديان السماوية، أن "هدفك في الحياة محدد من قبل ولادتك"، إلا أن الوجودين يختلفون مع ذلك.ارتبطت الوجودية بالمقاهي الباريسية العتيقة والمفكرين والشعراء والفلاسفة، الذين برزوا مع نهاية الحرب العالمية الثانية مثل جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار وألبرت كامو وغيرهم. يخيل للمرء أن هؤلاء كانوا يجتمعون في تلك المقاهي يستمعون لموسيقى الجاز وهم يدخنون السجائر بيأس، ويتحدثون عن معنى الحياة ومستجدات السياسة والفن والشعر والأدب والحرية.. دائما الحرية.إلا أن كل هذه الصور عن الفلسفة الوجودية والوجوديين ليست إلا أطرا وضعتها وسائل الإعلام لتفسير ظاهرة الوجودية التي برزت في الفترة بين الثلاثينيات والستينيات من القرن الماضي، وهذه الأطر تختلف جوهريا عن كينونة الفلسفة الوجودية التي بالطبع أعمق بكثير. هنا سنتحدث عن هذا المصطلح، ونبحث في أصوله ونشأته وأبرز خصائصه والأسماء المرتبطة به.ما هي الفلسفة الوجودية؟تهتم الفلسفة الوجودية بإيجاد طرق لشرح التجربة البشرية الفردية في الحرية والاختيار، وتسليط الضوء على ما يعنيه الوجود لإنسان فردي في عالم لا يفهمه.وبالتالي، تعتقد الوجودية أن الأفراد أحرار تماما، ويجب أن يتحملوا المسؤولية الشخصية عن أنفسهم (على الرغم من أن هذه المسؤولية تأتي من القلق أو الألم العميق أو الرهبة). لذلك فهي تؤكد على العمل والحرية والقرار باعتبارها أساسية، وترى أن السبيل الوحيد للارتقاء بحالة الإنسانية بشكل أساسي (التي تتميز بالمعاناة والموت الحتمي) هو ممارسة حريتنا الشخصية واختيارنا (الرفض الكامل للحتمية).غالبا ما تُستخدم الوجودية كحركة لوصف الذين يرفضون الانتماء إلى أي مدرسة فكرية، متنكرين من كفاية أي مجموعة من المعتقدات أو الأنظمة، مدعين أنها سطحية وأكاديمية وبعيدة عن الحياة.وعلى الرغم من أن لها الكثير من القواسم المشتركة مع العدمية، فإن الوجودية هي رد فعل ضد الفلسفات التقليدية مثل العقلانية والتجريبية والوضعية، التي تسعى إلى اكتشاف نظام نهائي ومعنى عالمي في المبادئ الميتافيزيقية أو في بنية العالم المرصود، لذلك هي تؤكد على أن البشر يتخذون بالفعل قرارات بناء على ما له معنى بالنسبة لهم، بدلا مما هو قرار عقلاني.تاريخ الوجودية ونشأتهاتم التلميح إلى فكرة الوجودية عبر التاريخ في الفلسفة الغربية والإبراهيمية والبوذية. تشمل الأمثلة سقراط وحياته، وتعاليم غوتاما بوذا، والكتاب المقدس في سفري الجامعة وأيوب، والقديس أوغسطين في اعترافاته، وكتابات ملا سادرا، وتأملات ديكارت.دافعت السياسات الفردية، مثل التي قدمها جون لوك عن الحكم الذاتي الفردي وتقرير المصير بدلا من حكم الدولة على الفرد. هذا النوع من الفلسفة السياسية، على الرغم من أنه ليس وجوديا بطبيعته، إلا أنه يوفر مناخا ترحيبيا للوجودية.في عام 1670، نُشرت ملاحظات بليز باسكال غير المكتملة في شكل قصيدة Pensées. وفي هذا العمل، وصف العديد من الموضوعات الأساسية للوجودية، إذ جادل باسكال أنه من دون إله، ستكون الحياة بلا معنى وبائسة، ولن يتمكن الناس من خلق العقبات والتغلب عليها إلا في محاولة للهروب من الملل، وستصبح هذه الانتصارات الرمزية في النهاية بلا معنى، لأن الناس سيموتون في النهاية. كان هذا سببا جيدا بما يكفي لعدم اللجوء إلى الإلحاد، وفقا لباسكال.هيغل وشوبنهاور هما أيضا مؤثران مهمان على تطور الوجودية، لأن فلسفات سورين كيركغارد وفريدريش نيتشه كُتبت ردا أو معارضة لهيغل وشوبنهاور.الوجودية المسيحيةوتابع غابرييل مارسيل النسخ اللاهوتية من الوجودية، وأبرزها الوجودية المسيحية. من بين الوجوديين اللاهوتيين الآخرين بول تيليش، ورودولف بولتمان، وميغيل دي أونامونو، وتوماس هورا، ومارتن بوبر. علاوة على ذلك، طور الماركسي نيكولاي بيرديايف، "فلسفة الوجود المسيحي" في موطنه روسيا ولاحقا في فرنسا، في العقود التي سبقت الحرب العالمية الثانية.وبينما شكك فلاسفة القرن الـ19 مثل كيركغارد، ودوستويفسكي، ونيتشه، في فلسفة الجوهرية التي تشير إلى أن كل شيء محدد مسبقا في الحياة مثل ولادتنا، فقد شاعت الفلسفة الوجودية من قبل جان بول سارتر في منتصف القرن الـ20 بعد الأحداث المروعة التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية.الوجودية، في شكلها المعروف حاليا في القرن الـ20، مستوحاة من سورين كيركغارد وفيودور دوستويفسكي والفلاسفة الألمان فريدريك نيتشه، وإدموند هوسرل، ومارتن هايدجر. عندما تساءل الناس كيف يمكن لشيء فظيع مثل مجزرة الهولوكوست، أن يكون له هدف محدد مسبقا، قدمت الفلسفة الوجودية إجابة محتملة مفادها أنه "ربما يكون الفرد هو الذي يحدد جوهره"، ومن هنا انطلقت هذه الفلسفة.خصائص الفلسفة الوجوديةهناك 5 خصائص تتميز بها الفلسفة الوجودية، وفقا لكتاب "الوجودية: مقدمة قصيرة جدا" للكاتب توماس آرفلين:الوجود يسبق الجوهر: وتعني أن جوهر الشخص أو ما هو عليه أو كينونته، هو نتاج اختياراته وليس العكس، وبالتالي أنت تختار ما تكون عليه.الوقت هو الجوهر: تقول الفلسفة الوجودية إننا كائنات مرتبطة بالزمن، لكن الزمن الذي نعرفه وهو الوقت أو الساعة ليس ما يعنيه الجوهر، بل عكسه، بمعنى أن الوقت الذي نعيشه "كيفي" إذ إن مصطلحات زمنية مثل "ليس بعد"، و"بالفعل"، و"الحاضر" تختلف فيما بينها في المعنى والقيمة.الإنسانية: تركز الوجودية على الإنسان، ورغم عدم معارضتها للعلم، إلا أن تركيزها ينصب على بحث الذات الإنسانية عن الهوية والمعنى، وسط الضغوط الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.الحرية والمسؤولية: الحرية هي الفكرة الأساسية في الفلسفة الوجودية، وتتمحور حول حقيقة أننا نستطيع الانفصال عن حياتنا لوهلة، وتأمل ما كنا نفعله فيها. لكننا في الوقت نفسه مسؤولون مثلما نحن أحرار.الاعتبارات الأخلاقية: مع أن كل فيلسوف وجودي يفهم الأخلاق مثل الحرية من منظوره الخاص، فالاهتمام الأساسي ينصب على تحفيزنا على تأمل جودة حياتنا الشخصية ومجتمعنا.لماذا سميت الوجودية بهذا الاسم؟سميت الفلسفة الوجودية بهذا الاسم لأنها فلسفة ذاتية، حيث قالت إن الوجود يسبق الماهية وليست الماهية تسبق الوجود. تعد هذه العبارة مركزية في الفلسفة الوجودية.يمكن تعريف عبارة "الوجود يسبق الماهية، وليست الماهية تسبق الوجود" بمثال طرحه الطيب بوعزه وهو كاتب وباحث مغربي، قال فيه: "عندما يولد نمر لا نقول ترى ماذا سيكون هذا النمر في المستقبل، لأنه سيكون نمرا. لكن عندما يولد الإنسان، نقول يا ترى ماذا سيكون هذا الإنسان في المستقبل؟ يجوز طرح هذا السؤال".ونقل الباحث في فيديو لمحاضرة "مقدمات أولية في الفلسفة واتجاهاتها"، عن سارتر القول إن "جميع الكائنات تسبق ماهيتها وجودها إلا الإنسان، هو الذي يسبق وجوده ماهيته. نتيجة هذا القول سميت الفلسفة الوجودية بهذا الاسم.انتقادات طالت الوجوديةانتقد الفيلسوف والمفكر الألماني الأميركي هربرت ماركوز الفلسفة الوجودية، خاصة في كتاب سارتر "الوجود والعدم"، لإسقاطه سمات معينة للعيش في مجتمع حديث قمعي، مثل القلق واللامعنى، على طبيعة الوجود نفسه، بقوله: "بقدر ما تكون الوجودية عقيدة فلسفية، فإنها تظل عقيدة مثالية: وهكذا تصبح الوجودية جزءا من الأيديولوجية ذاتها التي تهاجمها، وتكون راديكاليتها وهمية".وفي كتابه "مصطلحات الأصالة"، انتقد الفيلسوف والمفكر الألماني تيودور أدورنو فلسفة هايدجر، مع إيلاء اهتمام خاص لاستخدامه للغة، باعتبارها "أيديولوجية محيرة للمجتمع الصناعي المتقدم وهيكل قوته".من جهته، ادعى الفيلسوف والكاتب الإنجليزي روجر سكروتون، في كتابه "من ديكارت إلى فيتجنشتاين"، أن مفهوم هايدجر عن عدم الأصالة ومفهوم سارتر عن سوء النية كانا غير متماسكين، كلاهما ينكر أي عقيدة أخلاقية عالمية، ومع ذلك يتحدث عن هذه المفاهيم كما لو كان الجميع ملزمين بالالتزام بها.في الفصل 18، كتب سكروتون: "بمعنى أن سارتر قادر على التوصية بالأصالة التي تتكون من الأخلاق العصامية البحتة غير واضحة. إنه يوصي بذلك ولكن، بحجته الخاصة، لا يمكن أن يكون لتوصيته قوة موضوعية. على دراية بهذا النوع من الجدل، ادعى سارتر أن سوء النية وحسن النية لا يمثلان أفكارا أخلاقية، بل هي طرق للوجود".أما الفيلسوف رودولف كارناب، فيدّعي بفلسفته المنطقية، أن "الوجوديون كثيرا ما يصبحون مرتبكين بشأن الفعل ليكونوا في تحليلاتهم، الفعل مسبق إلى مسند واستخدام الكلمة من دون أي مسند لا معنى له. باستعارة حجة كانط ضد الحجة الأنطولوجية لوجود الله، يجادلون بأن الوجود ليس ملكية".أبرز فلاسفة الوجوديةعرف من بين أبرز الفلاسفة الوجوديين سورين كيركغارد، وجان بول سارتر، وألبرت كامو، ومارتن هايدجر، وسيمون دي بوفوار، وفريدريش نيتشه، وكارل جاسبرز، وغابرييل مارسيل، وبول تيليش، وإدموند هوسرل، والتشيكي فرانز كافكا، وغيرهم.الوجودية والإنسانيةنظريتان غالبا ما يتم الخلط بينهما في علم النفس، وهما "النظرية الإنسانية" و"النظرية الوجودية". تقول النظرية الإنسانية لعلم النفس إن "البشر يسعون باستمرار ليصبحوا أفضل نسخة من أنفسهم"، بينما تقول النظرية الوجودية إن "البشر يبحثون عن معنى الحياة". دعونا ننظر عن كثب إلى أوجه التشابه والاختلاف بين النظريتين.كما ذكرنا، يقول علم النفس الإنساني إن الناس يسعون جاهدين ليكونوا أفضل إصدارات لأنفسهم، بينما يقول علم النفس الوجودي إن الناس يبحثون عن معنى الحياة. ومع ذلك، فهي متشابهة جدا في الطريقة التي يحقق بها الناس هذه الغايات، من خلال المسؤولية الشخصية والإرادة الحرة.يتضمن جزء كبير من العلاج لكل من علماء الأدب الوجودي والوجوديين والإنسانيين النظر في التجارب الفردية وآراء المريض. على هذا النحو، يُعلق علماء النفس الإنسانيون والوجوديون أهمية كبيرة جدا على تجارب الفرد ووجهة نظره الذاتية.كذلك، أحد أوجه التشابه بين النظريتين الوجودية والإنسانية، هو أن كلاهما يشدد على الجوانب الإيجابية للطبيعة البشرية.وعلى الرغم من أوجه التشابه، إلا أن هناك بعض الاختلافات الرئيسية في علم النفس الإنساني والوجودي، إذ يكمن الاختلاف الأكبر في النظرة الأساسية للطبيعة البشرية.تفترض النظرية الإنسانية لعلم النفس، أن الناس طيبون وأن المجتمع يجعلهم يفعلون أشياء سيئة أو شريرة. بينما النظرية الوجودية تعتبر العكس: الشخص يختار كيف يكون ولديه حرية مطلقة في ذلك.الوجودية والعبثيةالعبثية ليست محددة على قيمة المعنى في حياة المرء مثل الوجودية. فبالنسبة لسارتر بحسب "الوجود والعدم"، كان بناء المعنى أنطولوجيا بجوهرك ووجودك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون للسعي وراء المعنى معنى في حد ذاته.أما بالنسبة للعبثيين، فالمعنى كلمة عابرة يبطلها الموت دائما. بمعنى أن "أي معنى نبنيه لا معنى له في النهاية لأن الكون مكان عبثي لا يمكننا حتى البدء في فهمه بالكامل".وفي حين أن هدف الوجودية هو إنشاء واستخراج جوهر المرء، فإن العبثية تدور حول احتضان العبثية، أو التي لا معنى لها في الحياة، والتمرد عليها في الوقت نفسه، واحتضان ما يمكن أن تقدمه لنا الحياة: "يمكننا أن نجد بعض الفرح وسط كفاح وفوضى العبث، لكن كل ذلك سينتهي بالإبادة على أي حال".آمن الوجوديون بالإرادة الحرة وأن علينا واجب السعي وراء الحرية، في حين أن العبثيين ليسوا مصممين على مفهوم الإرادة الحرة. إنهم يعتقدون أن الناس يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم للعيش في تحد، على الرغم من التوتر النفسي للعبث.لذلك على الرغم من أن الوجودية والعبثية متشابهان، إلا أنه يمكن أن نرى كيف ابتعد ألبير كامو عن الحشد الوجودي وذهب في طريقه الخاص، مع بعض الأفكار الفريدة حول كيفية عيش الحياة وما هو الواقع.الوجودية والعدميةالفلسفة العدمية هي نقيض الفلسفة الوجودية، وهي الاعتقاد بأنه لا شيء مهم، أما الوجودية فهي محاولة لمواجهة اللامعنى والتعامل معه، مع الحفاظ على عدم الاستسلام للعدمية أو اليأس، أي عدم التخلي عن المسؤولية أو تجنبها.بالنسبة لكامو، فإن الغرض الكامل من الفلسفة الوجودية هو التغلب على العبثية أو بشكل أكثر دقة أن ينتصر الإنسان على عبثية الوجود.لذا فإن الوجودية هي عكس العدمية. يقول العدمي: "لا إله ولا جنة ولا جحيم، لا يمكن أن يكون هناك صواب أو خطأ. دعونا نحتفل!"، أما الوجودي الملحد فيقول: "لا إله ولا جنة ولا جحيم، لذلك يجب أن نكتشف أنا وأنت وحدنا أن نجعل الحياة ذات مغزى وجيدة. يجب علينا العمل من دون مساعدة كونية لمعرفة ما هو الخير نفسه"، فيما يقول الوجودي المسيحي أو غيره من الوجوديين التوحيديين "شيئا متطابقا في الأساس مع وجود إله يؤمنون به"، وفقا لموقع "هيومانيزم".الوجودية لمواجهة العدميةجادل المؤلفون الوجوديون العظماء الأوائل مثل دوستويفسكي وتولستوي بأن الوسيلة الوحيدة لمحاربة العدمية الحداثية هي العودة إلى التقاليد والإيمان، بينما يجادل تي إن إليوت بنفس الشيء. ومع ذلك، شرع الوجوديون الفرنسيون مثل كامو وسارتر صراحة في دحض دوستويفسكي (على وجه الخصوص) وتولستوي بعبارات بسيطة، أراد كامو دحض جريمة دوستويفسكي والعقاب، في إشارة إلى كتابه الشهير "الجريمة والعقاب".كما يبحث الوجوديون عن طريقة للخروج من وحشية الإنسان تجاه الإنسان. فقد لا يكون لمعاناتنا أي قيمة كونية أعلى أو مطلقة، لكنها لا تتكلم عن ذلك. يقول الوجودي، حتى لو لم يكن هناك معنى أعلى، حتى لو كان الوجود سخيفا في النهاية، ما زلنا "مجبرين" على الوجود (حقيقة أننا على قيد الحياة)، أنها "فرصة لنعيش أيامنا".فمثلا يقولون إنه "لا يمكننا أن نلوم الله على محرقة الهولوكوست وبالتالي، يجب أن نلوم أنفسنا عندما يحدث الرعب، ويجب أن نتطلع إلى أنفسنا لضمان حدوث مثل هذا الرعب نادرا".كيف يعيش الوجودي؟يتحمل مسؤولية أفعاله.يعيش حياته بغض النظر عن المعتقدات الدينية أو الاجتماعية الشائعة.يبيع جميع متعلقاته ويركب الدراجة في جميع أنحاء البلاد لكسب المال من أجل التوحد والزهد.يحدد اختياره الوظيفي بناءً على ما يعتقد أنه طريقة مهمة لقضاء مستقبله.من الأسئلة الوجودية الشائعة:من أنا؟ما هي طبيعتي الحقيقية أو هويتي؟ما معنى الحياة؟ما معنى الوجود؟ما هو هدفي الأكبر؟ما هو الموت؟ماذا يحدث عندما أموت؟هل هناك إله؟إذا كان هناك إله، فما هي طبيعته؟الوجودية في الفنعرضت الكثير من الأفلام والروايات والمسرحيات والأغاني والكتب الشعرية والفنون المرئية، أفكارا عن الفلسفة الوجودية، يمكن ذكر بعضها هنا:أليس في بلاد العجائب Alice in Wonderland: تتمنى أليس ألا تأتي إلى هناك، ولكن هذا كان قرارها ولا قرار أي شخص آخر.في أغنية "غير مكتوبة" لناتاشا بيدنجفيلد، توضح الكلمات أنه لا يمكن لأي شخص آخر أن يتحمل اللوم: "اشعر بالمطر على جلدك، لا يمكن لأي شخص آخر أن يشعر به من أجلك".فيلم Stranger than Fiction: يقترح البروفيسور هيلبرت أن هارولد يمكنه فعل ما يريد، حتى لو كان ذلك يعني فقط عدم تناول أي شيء سوى الفطائر، مع نقطة أنه يجب أن يخرج ويعيش حياته.تعامل مونتي بايثون مع الوجودية في فيلم عام 1983 "مونتي بايثون معنى الحياة".فيلم I Heart Huckabees: تستخدم الشخصية الرئيسية بطانية لترمز إلى الكون، وأن كل جزء من البطانية هو شخص أو شيء ما.مسرح العبث كذلك له جذور في الوجودية كما هو موضح في مسرحية "في انتظار جودو" لصمويل بيكيت، حيث تناقش الشخصيات حياتهم أثناء انتظار جودو.فيلم No Exit: لسارتر، يُترك الناس في غرفة ويعتقدون أنها الجحيم، ولكن لا أحد يصل لتعذيبهم. سرعان ما يرون أنهم هناك لتعذيب بعضهم البعض، ويناقشون حياة بعضهم البعض وأفعالهم.الوجودية والعقلانيةيعارض الوجوديون تعريف البشر على أنهم عقلانيون في المقام الأول، وبالتالي يعارضون الوضعية والعقلانية. تؤكد الوجودية أن الناس يتخذون القرارات على أساس المعنى الذاتي بدلا من العقلانية البحتة. ورفض العقل كمصدر للمعنى هو موضوع مشترك للفكر الوجودي، وكذلك التركيز على القلق والرهبة التي نشعر بها في مواجهة إرادتنا الحرة الراديكالية وإدراكنا للموت.دعا كيركغارد إلى العقلانية كوسيلة للتفاعل مع العالم الموضوعي، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمشاكل الوجودية، فإن العقل غير كاف.ومثل كيركيغارد، رأى سارتر مشاكل في العقلانية واصفا إياها بأنها شكل من أشكال "سوء النية"، وهي محاولة من جانب الذات لفرض بنية على عالم من الظواهر - الآخر - غير عقلاني وعشوائي في الأساس.ووفقا لسارتر، فإن العقلانية وغيرها من أشكال سوء النية تُعيق الناس عن إيجاد معنى في الحرية. أكد سارتر أنه لمحاولة قمع مشاعر القلق والرهبة، يحصر الناس أنفسهم في التجربة اليومية، وبالتالي يتخلون عن حريتهم ويرضخون لامتلاكهم بشكل أو بآخر من قبل "نظرة الآخر".الوجودية.. إلى أين؟باختصار، في حين أن المفهوم الشائع للوجودية يدور بشكل ضيق حول الرهبة والقلق في عالم لا معنى له، فإن الحركة الفلسفية الرسمية أكثر شمولية، وتتضمن عموما 3 مبادئ أساسية:المبدأ الأول ينطوي على الاعتراف بالأهمية الأساسية لمنظور الشخص الأول الظاهري المتعمد في فهم أنفسنا والعالم بشكل صحيح.المبدأ الثاني يشير إلى الاعتراف بالحرية والمسؤولية التي نتمتع بها في تجربتنا الحية.المبدأ الثالث يدافع عن فكرة أن الأصالة الشخصية هي فضيلتنا الرئيسية، لأنها تسمح لنا بمواجهة من نحن، والعيش في وئام مع العالم، وبالتالي تقليل مشاعرنا بالقلق والاغتراب.قال سارتر: "اكتشفنا كل شيء، باستثناء كيف نعيش"، وقال أيضا "كل شيء موجود يولد من دون سبب، ويطيل من الضعف، ويموت بالصدفة"، كما قال: "الإنسان ليس مجموع ما لديه بالفعل، بل هو مجموع ما لم يكن لديه بعد، مما يمكن أن يكون لديه".(المشهد)