منذ تسعينيات القرن الماضي، كشفت الحكومة الأردنية عن نيتها العمل على إنشاء المدينة الجديدة ضمن حدود العاصمة عمّان إلا أنه تم تأجيل العمل عليها لأسباب اقتصادية تمويلية. وخلال عام 2017، عاد الحديث عن المدينة الجديدة في مناسبات عدة لكن بشكل "خجول" نوعا ما، إلى أن جاء عام 2023 وزف "البشرى" التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، في حين تأكد ذلك باطلاع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على العرض التفصيلي لمخطط الإنشاء الثلاثاء. أين موقعها؟ المدينة الجديدة المزمع إقامتها على بعد حوالي 40 كم عن وسط العاصمة عمان، تقع على مسافة 31 كم عن مدينة الزرقاء (شمال شرق) وتنسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة تحديث القطاع العام في الأردن. ومن المتوقع أن تقام على أرض مملوكة للدولة ما يسهل الكثير من الإجراءات واتخاذ القرارات في مختلف مراحل المشروع لاسيما ما يتعلق بالتخطيط والتنظيم. ووفق إشارات أولية، فإن المدينة ستوفر نحو 83 ألف وظيفة دائمة عند انتهاء المرحلة الأولى عام 2033 بالإضافة إلى نحو 90 إلى 100 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال مراحل التنفيذ. ما هي فكرتها؟ قال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول، إن المدينة الجديدة مشروع استراتيجي وطني كبير يسهم في تقديم نوعية حياة أفضل من خلال إنشاء قطب نمو عمراني جديد لتخفيف الضغط السكاني عن المدن الكبرى مثل عمان والزرقاء بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة والخدمات في هذه المدن، بحسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا". وأوضح الشبول "المدينة الجديدة تشكل فكرة تحديثية تأتي استجابة لتطلعات الدولة الأردنية في مئويتها الثانية"، وشدد على أن ذلك يأتي "من خلال تطوير القدرات وتوفير الحلول الاقتصادية والتنموية والسكانية بأبعادها المختلفة".فكرة المدينة الجديدة ستسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وإيجاد فرص تشغيل جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص وتشجيعه على الاستثمار. وأكد الوزير أنها ستقدم نموذجا معاصرا للمدن المرنة عبر تطبيق فكر تخطيطي يراعي التوسع الحضري بما يتناسب مع النمو السكاني المتوقع.بماذا ستسهم؟وزير الاتصال الحكومي الأردني قال إن المدينة ستعمل على استيعاب جانب من الزيادة السكانية الحالية والمستقبلية في الأردن بالإضافة للتخفيف من الضغط على مرافق العاصمة عمان ومدينة الزرقاء. وستقدم المدينة الجديدة حلولا مدروسة مستدامة للتخطيط الحضري، وتطوير الأراضي ومشاكل البنى التحتية والتنقل والمواصلات وأنظمة البيئة والطاقة النظيفة وتوفير أنواع السكن المختلفة بجودة عالية وبالسعر الملائم. وأكد الشبول أنها ستعمل على "معالجة الكثير من المشاكل والتحديات، التي تواجه المدن القائمة بما ينعكس إيجاباً على البيئة في مدينتي عمان والزرقاء ويحسن نوعية الحياة والخدمات فيها". ما هي مراحلها؟ الوزير الأردني قال إن مساحة المرحلة الأولى من المدينة تبلغ حوالي 25 كيلو مترا مربعاً. وتعتبر المدينة في مرحلتها الأولى نواة لتوسع مستقبلي مخطط لغاية عام 2050 حيث ستبلغ المساحة الكلية لها 270 كليو مترا مربعا. وبين وزير الاتصال الحكومي أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان المرحلة الأولى من المدينة نحو 157 ألف نسمة وصولاً إلى مليون نسمة بحلول عام 2050 في ظل النمو والجذب السكاني المتوقع عند اكتمال جميع مراحل المشروع. اهتمام ملكي العاهل الأردني وجه خلال لقاءه الحكومة الثلاثاء إلى تشكيل لجنة استشارية تضم متخصصين وخبراء من مختلف القطاعات للاستفادة من أفكارهم وآرائهم في التخطيط للمدينة لتكون أنموذجا للمدن الأخرى من حيث التخطيط العمراني والحضري. ودعا ملك الأردن للمضي قدما في تنفيذ مشروع المدينة الجديدة ضمن أطر زمنية واضحة ومعلنة ليكون أحد المحركات الرئيسية لعجلة الاقتصاد وإيجاد البيئات المحفزة للاستثمار وتوفير فرص العمل والتشغيل. كم تبلغ التكلفة؟ الحكومة الأردنية قالت إن إنجاز الدراسات والخطط الهندسية للمدينة الجديدة يحتاج عامين اثنين وتم تخصيص النفقات اللازمة لذلك، على أن يبدأ العمل الفعلي بمشاريع البنية التحتية للمدينة عام 2025. وسيتم تخصيص مبلغ 442 مليون دينار أردني (623 مليون دولار) من الموازنة لتمويل إنشاء البنية التحتية بمعدل 50 مليون دينار سنويا. وستعتمد المدينة الجديدة نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص فيما سيتم اعتماد نظام البناء والتشغيل وإعادة التملك (BOT) للعديد من الأبنية والمرافق فيها. توقعات يُتوقع إنجاز المرحلة الأولى المدينة الجديدة وتشمل إعداد المخطط الشمولي التفصيلي للمدينة بداية سنة 2025 لتكون جاهزة لبدء المرحلة الثانية في ذات السنة والتي تشمل إنشاء البنية التحتية للمدينة وطرح العطاءات. وسيكون المجمع الحكومي الذي سيضم عددا من المؤسسات الرسمية غير السيادية، نواة المدينة وامتدادها المستقبلي التي سيتم تعزيزها بمناطق سكنية وعناصر جذب أخرى من ترفيه ومؤسسات اقتصادية وتجارية ومرافق عامة ويتوقع استكمالها عام 2030. ما أنواع المدن؟ رئيس هيئة المكاتب والشركات الهندسية الأردنية المهندس عبدالله غوشة أكد لمنصة "المشهد" أن هناك 5 أنواع وأجيال من المدن الجديدة معتمدة في مختلف دول العالم. وقال إن الجيل الأول امتد بين أعوام 1946 و1958 وكان يهدف لمعالجة الاكتظاظ فقط، فيما عملت مدن الجيل الثاني (1958-1966) على معالجة حركة السيارات بعد انتشار المركبات بين الناس بشكل كبير. وأوضح غوشة أن مدن الجيل الثالث (1966-1985) ركزت على النقل العام وفرص العمل، ومدن الجيل الرابع (1985-2006) عملت على التنوع الاقتصادي فيما أن المدن الحالية التي تنتشر في الكوكب هي ضمن الجيل الخامس والتي تعتبر مدنا ذكية ومستدامة. وأشار إلى أن الحكومة الأردنية تتحدث حاليا عن مدن الجيل الخامس وهي التي يجب أن تتوافق مع معايير الاستدامة والحفاظ على الطاقة وتحسين بيئة الحياة.(المشهد)