هل تخيّلتم يومًا أنّ صحراء الجزيرة العربية التي نعرفها اليوم، كانت قبل ملايين السنين واحةً خضراء مليئة بالنباتات المزدهرة وبتنوّع الكائنات الحية التي تعيش فيها والتي تنقّلت بين القارات؟هذا في الحقيقة ما تمّ استنتاجه من خلال اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية قدّم معلومات ونظرة مغايرة للبيئة المناخية في المملكة. ولكن ماذا في تفاصيل هذا الاكتشاف وما هي السجلات المناخية؟اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية ففي كشف علمي مذهل وغير مسبوق، أظهرت "هيئة التراث السعودية" اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية، وهو من بين الأطول عالميًا، ويعود إلى أكثر من 8 ملايين عامًا. فالدراسة التي أجريت في الرياض، كشفت أنّ أراضي المملكة كانت، قبل ملايين السنين، واحة خضراء. كذلك أثبتت أنّ الأراضي وقتها مرّت بمراحل مطيرة عدّة، حيث ازدهرت البيئة وتنوّع غطاؤها النباتي وتكثّف. وكذلك تنوعت المخلوقات الحية بشكل كبير، على عكس طبيعة الجزيرة العربية اليوم. فماذا كشفت الدراسة وعلى ماذا استندت وماذا في تفاصيلها؟ استندت الدراسة إلى تحليل وتقييم 22 متكوناً كهفياً (الهوابط والصواعد).المتكونات أُخذت من7 دحول شمالي شرقي الرياض، المعروفة باسم "دحول الصِّمَان" بمحافظة رماح.أظهرت تعاقب المراحل الرطبة الكثيرة في المنطقة فتحوّلت الأراضي إلى بيئة صالحة للحياة وخصبة.أظهرت أنّ الصحراء السعودية كانت في الماضي حلقة وصل طبيعية للهجرة الحيوانية والبشرية بين عدد من القارات، كأفريقيا وأوروبا وآسيا.كشفت أنّ الطبيعة الرطبة سهّلت تنقّل الحيوانات عبر القارات.أكّدت وجود أنهار وبحيرات في المنطقة، إضافةً إلى بيئات مائية حيث ازدهرت الكائنات الحية.فهذه الدراسة التي شارك فيها مما يقارب الـ30 باحثًا من أكثر من 27 جهة دولية ومحلية، أمّنت الفهم الدقيق للتغيرات البيئية في المنطقة، وهي تُعد الأولى من نوعها بهذه الدقة والعمق.ما هي السجلات المناخية؟ وللإضاءة على التساؤلات حول ما هي السجلات المناخية، لا بدّ من الإشارة إلى أنها مجموعة من المعلومات الموثوقة التي تُستخدم من أجل دراسة حالة المناخ وتغيّراته منذ القدم وعلى مدار فترات الزمن. وتتضمّن هذه السجلات البيانات التي تم جمعها إمّا عبر الطبيعة مثل حلقات الأشجار، ولب الجليد مثلاً، ورواسب البحيرات، أو الكهوف أو عبر الشعاب المرجانية. أو من خلال أدوات قياس حديثة، مثل دراسة هطول الأمطار، ودرجات الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح، والضغط الجوي، إضافةً إلى الأقمار الصناعية.من خلال السجلات المناخية، يمكن فهم التغيرات في المناخ عبر العصور، ومعرفة مستقبل أو اتجاه المناخ، ودراسات تتعلق بالاحتباس الحراري، إضافةً إلى تحديد الفترات الجافة. أخيرًا ما هي السجلات المناخية إلاّ محاولة لفهم التغيرات المناخية وتطورها عبر العصور، واكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية يثبت أنّ المناخ ليس ثابتًا عبر الزمن، ومن يسيطر عليه الجفاف اليوم لربما كان في الماضي مصدرًا للاعتدال والخضرة. فالحالة المناخية يمكن أن تنقلب رأسًا على عقب، وما مرّت به الجزيرة العربية واكتشاف أنها كانت واحة خضراء عبر العصور الماضية ما هو إلاّ الدليل القاطع على هذا الأمر.(المشهد)