طرق السيوف وأغمادها التي حملت بالأردنيّين، إلى ذاكرة أعقاب تاريخ قديم، يمتد إلى مئتي عامٍ مضت من إرث يُحمل على كتفي شاب أردنيّ لم يتجاوز العشرين من عمره.معتز هوشان المزاري، شاب أردنيّ يقطن في قرية علعال من قرى مدينة إربد البعيدة أكثر من 90 كيلومترا من العاصمة الأردنية، يصنع التاريخ القديم، اليوم، ليبقى شاهدًا على مهنة رفض ورثتها زوالها.ويفخر المزاري، بالمحافظة على إرث عائلته، عبر صناعة السيوف و"الشَبَاري"، والخناجر التراثية.ويرى الشاب الأردني، الذي التقته منصة "المشهد"، في منزل ذويه حيث حوّل غرفتين منه إلى ورشة ممتلئة بالمعدات والآلات وقطع حديد وأخشاب، إنّ السيوف هي إرث إنسانيّ مهم ليس في ذاكرة العرب فقط، وإنما لمختلف الحضارات التي عاشت سابقًا على هذه الأرض.هواية وإرث عائلي ويعتبر المزاري، أنّ عائلته التي امتهنت صناعة السيوف والخناجر منذ القرن التاسع عشر، عملت على توريثها من جيل إلى جيل.معتز، الذي يدرس في جامعة البلقاء التطبيقية، تخصص في قياس وتشخيص اضطرابات التوحد، يؤكد أنّ عمله في صناعة السيوف ينبع أيضًا من هواية، طوّرها بالعمل الجادّ حتى احترفها.ويلفت إلى أنّ صناعة السيوف، هي هوايته الأساسية ولا تُعتبر مهنة يتكئ عليها كبديل عن العمل، وأنه أتقن صناعة الشرائح الإلكترونية من موادّ بدائية سابقًا، إلا أنه فضّل التركيز على تحويل الخردوات إلى سيوف تتزين بها جدران منازل الأردنيّين.سيفٌ من قطع السيارات يعتمد الشاب العشريني، على قطاع السيارات المستعملة والأخشاب والنحاس، لصناعة سيوفه التي ذاع صيتها في الأردن، حيث يشتري الموادّ من أسواق خاصة تكلفه مبالغ باهظة في كثير من الأحيان.ويؤكد أنّ اختيار أنواع محددة من قطع السيارات يتطلب جهدًا، خصوصًا لعدم توافرها بشكل دائم، وأنّ القطع التي يستعملها في صناعة سيوفه تُؤخذ من أجزاء محددة من السيارات.صهرٌ وطرقٌ وتشكيلويقول المزاري، إنّ الحديد لا يتم تشكيله إلا بعد صهره بفرن خاص وعلى درجات عالية من الحرارة تصل لبضع مئات الدرجات، ثم يطرق القطعة بقوة ولفترات طويلة، ليتحول إلى شبه نصل.ويشير إلى أنّ "غمد" السيف، يُصنع من أخشاب عدة أهمها خشب الزان الذي يتميز بمتانته وقوة تحمّله، في حين يتم استخدام النحاس أو الفضة لتزيين غطاء السيف الخارجي.ويضيف المزاري أنّ السيف الواحد يحتاج إلى 14 يومًا من العمل المتواصل ليخرج بالشكل المناسب، وأنّ السيوف التي يصنعها عبارة عن هدايا وتحف وزينة للمنازل فقط ووفق ما يريده الزبون.وتمّكن الشاب العشريني، من إتقان صناعة أنواع عديدة من السيوف، على غرار السيف العربيّ والفارسيّ والصحراوي، وصولًا إلى صناعة سيف الساموراي الياباني، أو ما يُعرف بـ"كاتانا".السيوف في العالم العربيّ وخصوصًا في الأردن، ترمز للهوية التاريخية والثقافية، وتشير إلى الإنسان الذي يدافع عن أرضه ويحمي عائلته.وينصح معتز، الشباب من أبناء جيله، التركيز على تنميه مهاراتهم والاهتمام بهواياتهم وصقلها، والمحافظة على تراث بلدهم وتاريخه من الاندثار، في خضم انتشار التكنولوجيا بشكل سريع.(الأردن - المشهد)