حافظت دبي على مكانتها الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن مؤشر "كيرني" للمدن العالمية، حيث احتلت المرتبة 24 عالميًا، لتبقى ضمن قائمة أفضل 25 مدينة عالمية للعام الرابع على التوالي.كما تشاركت مع أبوظبي في المركز الأول عالميًا في سهولة دخول المواهب، وهو مقياس جديد ضمن بُعد رأس المال البشري، مما يؤكد على نجاحهما في جذب الكفاءات العالمية والاحتفاظ بها.ويهدف التقرير السنوي للمدن العالمية الصادر عن شركة "كيرني"، والذي يتألف بشكلٍ رئيسي من مؤشر المدن العالمية ومقياس النظرة المستقبلية للمدن العالمية، إلى تقييم وتحليل الترابط والطابع العالمي للمناطق الحضرية الأكثر تأثيرًا في العالم.بشكل عام، حافظت مدن الشرق الأوسط على مراكزها في التصنيف لهذا العام، مع تحسن ملحوظ في أدائها على مقياس شركات الخدمات العالمية ضمن بُعد النشاط التجاري، ما يعكس الجهود المبذولة في دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق التنويع الاقتصادي.مؤشر المدن العالميةيهدف مؤشر المدن العالمية إلى قياس قدرة المدن على جذب التدفقات العالمية لرأس المال والأشخاص والأفكار، والاحتفاظ بها وتوليدها.ويتم قياس المدن من خلال 5 أبعاد رئيسية تشمل: النشاط التجاري ورأس المال البشري، وتبادل المعلومات، والتجربة الثقافية، إلى جانب المشاركة السياسية.وأظهرت كل من دبي وأبوظبي والرياض والدمام قدرةً على التكيف مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية؛ حيث سجلت الدمام قفزة كبيرة في بُعد النشاط التجاري بزيادةٍ قدرها 19 مرتبة، مدفوعةً بزيادة كبيرة في قطاع الخدمات بنسبة 71%، وخاصةً بعد استقطابها لخمس شركات عالمية رائدة في هذا القطاع.وتؤكد هذه النتائج على الأهمية المتزايدة لقطاع الخدمات، خصوصا في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعطي الأولوية لتنويع اقتصاداتها.وقد احتلت أبوظبي ودبي المركز الأول عالميًا في سهولة الدخول للمواهب، وذلك بفضل سياسات الهجرة المفتوحة لغرض جذب الكفاءات، فيما حققت الرياض قفزة نوعية في عدد شركات اليونيكورن. وفي هذا السياق، أوضح رودولف لومير، الشريك في كيرني، المعهد الوطني للتحولات، أن التقرير يشير إلى نشوء نمط جديد من العولمة، يتميز بأنه أكثر توزيعًا وترابطًا، ولكنه غير مؤكد في الأفق القريب.وأضاف: "مع تحول أنماط التجارة العالمية وتدفقات رأس المال ستحظى مدن الشرق الأوسط، بفضل موقعها الاستراتيجي واقتصاداتها القوية وسياساتها الجاذبة للاستثمار والبنية التحتية الرقمية المتطورة، بفرص فريدة لتعزيز نموها الاقتصادي وتجاوز التحديات الناشئة عن هذا التحول العالمي". النظرة المستقبلية للمدن العالميةيهدف تقرير النظرة المستقبلية للمدن العالمية إلى تحديد المدن الأكثر قدرة على تحقيق الريادة العالمية في المستقبل.كما يشير إلى أن المدن التي تعطي الأولوية للأمن والاستقرار والصحة والبيئة، ستتمكن بقوة من مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية. ورغم التوترات التجارية العالمية وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، تمكنت العديد من المدن من تعزيز الابتكار، لا سيما في مجال براءات الاختراع وجذب الاستثمارات الخاصة.كما استطاعت المدن التي حافظت على تكاليف رأس المال المعقولة وبنية تحتية رقمية متطورة، أن تجذب الاستثمارات وتحفز النمو الاقتصادي، حتى في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة. وفي الشرق الأوسط، تجسدت هذه الاتجاهات بشكلٍ واضح في كل من دبي ومكة ومسقط، حيث شهدت دبي نمواً ملحوظًا في مجال الابتكار، متقدمة بـ10 مراكز، فيما صعدت كل من مكة ومسقط بـ8 و11 مركزا على التوالي، مدفوعةً بشكل رئيسي بزيادة الاستثمارات الخاصة.وقد استفادت هذه المدن من قدرتها على الحفاظ على أسعار فائدة حقيقية منخفضة وتعزيز نمو أسواقها المحلية، كل ذلك بالتزامن مع خططها الطموحة لتنويع اقتصاداتها. كما ساهم تركيز هذه المدن على الابتكار ومرونة الاستثمار في تعزيز مكانتها كقوى مؤثرة في الاقتصاد العالمي، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم. نظرة إلى المستقبل: المدن المتجددة بينما تمكنت المدن العالمية في التكيف مع التحديات الاقتصادية المتغيرة، إلا أنها تواجه تحديات بيئية متزايدة بسبب تغير المناخ.فالكوارث الطبيعية المتكررة، تسبب خسائر اقتصادية فادحة، وكون المدن هي المستهلك الرئيسي للطاقة والمنتج الأكبر لانبعاثات الغازات الدفيئة، فإنها تعاني من آثار هذه القضايا البيئية وتساهم في تفاقمها في الوقت ذاته. بدوره، أشار ساسشا تريبت، الشريك في كيرني الشرق الأوسط وإفريقيا، إلى أن العديد من المدن تبذل جهودًا كبيرة لمواجهة تحديات الاستدامة وتغير المناخ، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تكون متفرقة وغير متكاملة. وأضاف: "تحتاج المدن إلى التحول نحو نهج أكثر شمولية واستباقية، وهذا ممكن مع ما نسميه "النهج التجديدي" الذي يركز على بناء القدرات المؤسسية والاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية، بما يحقق مصالح الجميع".(المشهد)