يبدو أن قوالب وأشكال الدراما التلفزيونية داخل مصر في طريقها للتغيير، وبات الجمهور أمام أبجدية جديدة في عالم المشاهدة خصوصا مع هيمنة المنصات الإلكترونية المتخصصة في عرض مختلف الأعمال الفنية والدرامية، وظهر ذلك جلياً عبر انتشار نمط جديد ومختلف من الأعمال الدرامية ذات الطابع السريع والمختزل في مضمونه وحلقاته القصيرة التي تدور أحداثها في إطار عدد حلقات قليلة لا تتعدى الـ15 حلقة.وخلافاً للمتعارف عليه دائماً في السباق الدرامي الرمضاني كل عام حيث الشهر الذي يعد الساحة الرئيسة الأبرز للمنافسة بين نجوم الدراما وصنّاع هذه الأعمال الدرامية، طغت المسلسلات القصيرة بشكل ملحوظ هذا العام على المسلسلات الطويلة ذات الحلقات الـ30 وما يزيد.نجوم يتنافسون على المسلسلات القصيرةومع نجاح تلك الأعمال الفنية القصيرة في الآونة الأخيرة وتقبل الجمهور لها بشكل واسع، بدأ الكثير من نجوم الصف الأول في مصر خوض تجارب هذه الأعمال في الموسم الرمضاني الحالي للمرة الأولي ومن هؤلاء النجم يحيى الفخراني الذي قرر تقديم عمل من 15 حلقة فقط وهي المرة الأولى في تاريخه الرمضاني من خلال مسلسل "عتبات البهجة" والتي تدور أحداثه في إطار كوميدي اجتماعي حول الصراع بين الأجداد والأحفاد، والعمل مأخوذ عن رواية للكاتب إبراهيم عبد المجيد وكتب السيناريو والحوار مدحت العدل.وانضمت في هذا الركب النجمة نيللي كريم بمسلسل كوميدي جديد عنوانه "فراولة"، حيث يدور في إطار كوميدي حول شخصية فراولة وهي ابنة حارس عقار تحترف عمل فيديوهات عبر الإنترنت وتتحول إلى أحد المؤثرين، وتنجح في الصعود إلى طبقة أعلى بعد تحولها إلى سيدة أعمال ثرية إثر تغلبها على كثير من المواقف والصعاب، كما تعود الفنانة ياسمين صبري بعد غياب نحو 3 سنوات إلى الموسم الرمضاني 2024 بمسلسل يحمل اسم "رحيل"، وهي المرة الأولى التي تقدم مسلسلاً من 15 حلقة فقط بعد أكثر من تجربة في سياق الـ30 حلقة.أعمال جاذبة للجمهوروأمام هذا التطور الحاصل في الأعمال الدرامية بدأت تساؤلات عديدة تلوح في الأفق حول أسباب انتشار المسلسلات القصيرة ومستقبلها وهل ستهيمن على سوق الدراما المصرية من ناحية الإنتاج والعرض؟ أسئلة أجاب عنها عدد من صناع الأعمال التلفزيونية الذين خاضوا تجربة المشاركة في المسلسلات القصيرة حيث يقول المخرج الكبير مجدي أبو عميرة وهو مخرج مسلسل "عتبات البهجة " ذو الـ15 حلقة إن ظهور هذا النوع من الدراما يعد فرصة لإتاحة مناقشة موضوعات درامية مختلفة بمعالجة كثيفة للأحداث من دون أن يتسلل الملل للجمهور فيفقد متعة المشاهدة التي عانى منها مع كثير من الأعمال التلفزيونية، كما تتيح للمخرج تقديم قصة مكثفة ومشوقة في إطار زمني محدود، مما يجعل التركيز على جودة السرد والأداء الفني أكثر بالنسبة للمشاهدين، وهي تعتبر إضافة واتجاهاً نحو إنتاج محتوى شيق وممتع مناسب للإيقاع السريع للعصر الذي نعيشه.مميزات الدراما القصيرةووفقاً لأبو عميرة الذي تحدث لمنصة "المشهد"، فإن الانتشار الواسع للأعمال الدرامية القصيرة هو بمثابة ظاهرة صحية في الدراما العربية بوجه عام والمصرية بشكل خاص ولها مميزات عديدة من أبرزها الآتي:فرصة لزيادة إنتاج عدد الأعمال الدرامية طوال العام وفى مواسم موازية للموسم الرمضاني.طرح موضوعات درامية مكثفة لا يتطلب تناولها عدد كبير من الحلقات.اكتشاف الكثير من المخرجين والمؤلفين والممثلين.أسباب الانتشارأما الناقد الفني طارق الشناوي فقد أوضح في حديثه مع "المشهد" أن المحتوى والفكرة والحكاية كانوا دائماً هم من يحددون عدد حلقات أي عمل درامي، لكن ومع مرور الوقت أصبح مواكبة التطور أمراً في غاية الأهمية وأن البحث عما يرغبه الجمهور هو الذي يجب أن يكون، وساق الشناوي أسبابا عديدة أدت لانتشار المسلسلات القصيرة وذكر منها الآتي:رغبة النجوم في تصوير وقت أقل وضمان إيقاع مشدود للأحداث.الملل الذي ينتاب الجمهور من متابعة مسلسل 30 حلقة فقد ينصرف عنه وسط عرضه.توفير الطاقات الفنية والتمثيلية والإنتاجية لتنفيذ أعمال أخرى تحمل أفكاراً مختلفة.توفير نفقات كثيرة للشركات المنتجة للأعمال الدرامية.هل ستختفي الدراما الطويلة؟وعن مدى تأثير الأعمال الدرامية القصيرة على نظيرتها الطويلة فيرى الشناوي أن المسلسلات الطويلة لم ولن تختفي، ولكن لم تعد هي المسيطرة على الساحة الفنية، لافتاً إلى أن انتشار المسلسلات القصيرة من شأنه أن يكون حافزاً لتحسين نظيرتها الطويلة ودفعها إلى تلاشي نقاط الضعف التي يشتكي منها متابعوها وتحسين ظروف إنتاجها، قائلاً: "بدأنا نلاحظ تطوراً منذ فترة وتحسن الإيقاع بالمسلسلات الطويلة نوعاً ما وأصبح الحشو أقل وارتفع أداء الممثلين".دور المنصات الإلكترونية في انتشار المسلسلات القصيرةوثمن الشناوي دور المنصات الإلكترونية في ظهور الأعمال الدرامية القصيرة والتي كان لها الفضل في انتشار هذه الأعمال وانتقالها إلى أجهزة التلفاز، مشيراً إلى أن مسلسلات الـ 30 حلقة كانت تسيطر على الساحة الفنية بشكل كامل ولكن مع الوقت وظهور المنصات الإلكترونية بدأ ظهور المسلسلات القصيرة التي تتكون من 5، 10، 15 حلقة.وأكد أن هذه التجربة نجحت في الغالب من خلال هذه المنصات والجمهور ارتبط بالأعمال القصيرة وتفاعل معها، لذلك كان من الضروري مواكبة التطور بعد أن مل الجمهور من الـ30 حلقة، لافتاً إلى أن كثرة القنوات الفضائية جعلت المنافسة كبيرة وأصبحت كل قناة تبحث عن صيغة جديدة لربط المشاهد بها، بعدما أصبحت المسلسلات الطويلة لا تجذب المشاهد لضعف مستوى الكثير منها.وتجدر الإشارة إلى أن المسلسلات القصيرة بدأت تنتشر بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة داخل مصر، ومع بدء الموسم الرمضاني الحالي ظهرت الكثير من تلك المسلسلات تطفو على الدراما الرمضانية وبدء عدد من نجوم الصف الأول في خوض تجربة هذه المسلسلات للمرة الأولى في مسيرتهم الفنية.(المشهد)