كسر مسلسل "لام شمسية" حاجز الصمت حول قضية التحرش بالأطفال، وهي من القضايا المسكوت عنها في العالم العربي، مما جعله يتصدر المسلسلات الرمضانية لعام 2025 ومحركات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي.يسلط المسلسل الضوء على معاناة الطفل يوسف (علي البيلي)، ابن زوج نيللي (أمينة خليل)، طارق (أحمد السعدني)، حيث يعاني من اضطراب نفسي غامض يتكشف تدريجيًا مع تطور الأحداث، ليكشف عن مأساة حقيقية ترتبط بظاهرة التحرش بالأطفال.ومع بدء عرض حلقاته يوما بعد يوم أثار "لام شمسية" جدلًا واسعًا بسبب تناوله الجريء لهذه القضية الحساسة وعدد من القضايا النفسية والاجتماعية الأخرى، ما دفع الجمهور إلى التفكير والنقاش حول خطورة هذه الظواهر وأهمية مواجهتها داخل المجتمع.المتحرش والبيدوفيلفي السياق قالت د. رحاب العوضي أستاذة علم النفس السلوكي لمنصة "المشهد" إنه "لم يتم تحديد شخصية وسيكولوجية المتحرش بشكل دقيق، وإنما تعتمد التحليلات على رصد الحالات وتجميع الصفات المشتركة".وعن عيش المتحرش (الذي يجسد دوره محمد شاهين) حياة طبيعية كالزواج والالتزام الديني والاجتماعي والتعليمي، ذكرت العوضي أن: الزواج لا يُعتبر دائمًا رادعًا للسلوكيات غير السوية، إذ إن الكثيرين في المجتمعات العربية يتزوجون استجابة لضغوط المجتمع وليس بدافع الحب والإخلاص. التدين الظاهري أصبح وسيلة لإرضاء المجتمع، من دون أن يكون نابعًا من قيم الرحمة والأخلاق الحقيقية، مما يجعل البعض يرتكب أفعالًا غير أخلاقية في الخفاء تحت غطاء التدين المزيف.أما البيدوفيليا، فمن المستحيل أن يكون للمصاب بها حياة اجتماعية ناجحة؛ بل غالبًا ما يخلق صورة زائفة لتحسين صورته أمام المجتمع، وفق العوضي. وأشارت إلى أن "الصفة الأكثر شيوعًا بين البيدوفيلين هي العجز الجنسي، مما يدفعهم إلى البحث عن إشباع رغباتهم بطرق غير طبيعية عبر الأطفال والمراهقين".وعن شخصيات المصابين بالبيدوفيليا، قالت أستاذة علم النفس السلوكي: تختلف شخصياتهم؛ فمنهم من يتسم بالعنف، مستهدفًا ضحايا من الفئات الهشة كأطفال الشوارع وعمالة الأطفال. بينما يظهر آخرون بمظهر لطيف، مستغلين من هم تحت رعايتهم مثل التلاميذ أو الرياضيين الصغار. بعضهم قد يكون تعرض للتحرش أو الاغتصاب في طفولته من دون أن يُحتوى أو يتعافى، مما يجعله يتماهى مع الجاني ويعيد تكرار الفعل ذاته. صدمات الطفولة والبيدوفيلوأوضحت المعالجة النفسية في حديثها مع "المشهد" أن "صدمات الطفولة تُعد العامل الأساسي في تكوين شخصية البيدوفيل، خصوصا عند التعرض للتحرش والخوف من الإفصاح عنه أو مواجهة العقاب الأسري من دون الحصول على الدعم اللازم". وتابعت "كذلك، فإن التدليل المفرط أو الإهمال الشديد يؤدي إلى تنشئة بلا ضمير أو قيم، ما يجعل الفرد ينغمس في تحقيق رغباته الخاصة من دون اعتبار للأخلاق أو مشاعر الآخرين".أما الأطفال الذين يتعرضون للتحرش، فهم غالبًا يعانون من مشكلات أسرية كالإهمال وانشغال الأبوين، إذ يختار المتحرش ضحيته بعناية، بحيث تكون ضعيفة السند ليستطيع السيطرة عليها لأطول فترة ممكنة، وفق العوضي.أما الأعراض التي تظهر على الطفل الذي تعرّض للتحرش، فذكرت المتحدثة أن اكتشاف الأمر يتطلب ملاحظة التغيرات السلوكية مثل القلق، والعدوانية، والعصبية الزائدة، والاكتئاب، والخوف من أماكن معينة، والتبول اللاإرادي، وتغيّر عادات الأكل، أو قضاء وقت طويل في الحمام بسبب الشعور بالنجاسة. وفي حالات الاعتداء الجسدي، قد يعاني الطفل من إمساك شديد أو صعوبة في الإخراج.تعلّق الطفل بالمتحرّشوفي بعض الحالات، كما يعرض "لام شمسية"، قد يتعلق الطفل بالمتحرش إذا كان يظهر له الاهتمام والدعم العاطفي أو يغرقه بالهدايا والأموال، خصوصا إن كان يعاني من مشكلات نفسية داخل أسرته، وفق العوضي.وأكملت أن المتحرش يسعى إلى استمرار العلاقة لسنوات، مما يدفعه لتقديم كل ما يجذب الضحية نحوه."لام شمسية" والمتابعة النفسيةكلّ ما تقدّم يشير إلى صعوبة الدور الذي يقدمه الطفل علي البيلي في مسلسل "لام شمسية"، لكن مؤسسة Safe Egypt وعضو المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر سارة عزيز تتابع كانت حاضرة أثناء تصوير العمل. وكتبت عبر صفحتها على "إنستغرام":خلال تصوير مسلسل لام شمسية، كانت سلامة الطفل علي وسلامة جميع الأطفال المشاركين في العمل من أولوياتنا القصوى. لهذا السبب، حرصنا على وجود سارة عزيز، المديرة والمؤسسة لمبادرة سيف إيجبت وعضو مجلس إدارة المجلس القومي للأمومة والطفولة، في موقع التصوير، حيث تأكدت من الحفاظ على سلامته النفسية وضمان عدم تعرضه لأي مواقف غير محسوبة أثناء العمل. كما خضع فريق العمل بأكمله لتدريب متخصص حول كيفية التعامل مع الأطفال خلال التصوير. لم يكن علي مجرد طفل يؤدي بضعة مشاهد، بل كان له دور رئيسي، صعب ومهم في لام شمسية. فهو موهبة مصرية قوية تستحق كل الدعم والاهتمام والفخر.وعن هذا الأمر، قالت العوضي: "فيما يخص عمل الأطفال في مجال التمثيل، فإن الطفل يدرك أنه يؤدي دورًا ولا يحتاج إلى علاج نفسي طالما أن أسرته تدعمه وتؤمن بموهبته. ومع ذلك، يبقى الوعي ضرورة لحمايته، مع تطبيق القوانين التي تمنع تشغيل الأطفال في بيئات غير مناسبة، وضمان ظروف إنسانية وصحية لهم".(المشهد)