تتطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل سريع، ومع هذا التطور يظهر مجموعة متنوعة من أنواع الذكاء الاصطناعي. يتمّ تصنيف هذه الأنواع استنادًا إلى قدراتها وتطبيقاتها المختلفة، ومن المهمّ أن نلاحظ أنّ هناك تداخلًا وتفاعلًا بين هذه الأنواع في التطبيقات الحقيقية.يتطور المجال باستمرار ويشهد تقدمًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتعددة، ما يفتح المجال لاستكشاف المزيد من التقنيات والمجالات المستدامة والمبتكرة. في هذه المقالة، سنستكشف بعض أنواع الذكاء الاصطناعيّ الرئيسية، ونوضح كيف يتمّ استخدامها في المجالات المختلفة.ما هو الذكاء الاصطناعي؟ يعدّ الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) حاليًا من أهمّ الكلمات الرنانة في مجال التكنولوجيا، وذلك لسبب وجيه. فقد شهدت السنوات الماضية كمًا هائلًا من الاختراعات والتطورات التي كانت في السابق، مجرد خيال علميّ تتحول ببطء إلى واقع. ويعتبر الخبراء الذكاء الاصطناعيّ أحد عوامل الإنتاج، الذي لديه القدرة على تقديم مصادر جديدة للنموّ وتغيير طريقة إنجاز العمل عبر الصناعات.الذكاء الاصطناعيّ (Artificial Intelligence) هو مجال من مجالات العلوم الحاسوبية يهتمّ بتطوير الأنظمة والبرامج التي تتصرف بطريقة تشابه سلوك الذكاء البشري. يُعتبر الذكاء الاصطناعيّ تخصّصًا فرعيًا لعلوم الحاسوب، ويجمع بين الرياضيات والإحصاء وعلم البيانات والتعلم الآلي وعلم النفس والفلسفة، والعديد من التخصّصات الأخرى.يعتمد الذكاء الاصطناعيّ على تصميم وتطوير نماذج وأنظمة حاسوبية، قادرة على تحليل البيانات واستنتاج المعرفة واتخاذ القرارات، وتنفيذ المهامّ بشكل مستقل. يستخدم الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من التقنيات والأدوات مثل التعلّم الآلي (Machine Learning)، والشبكات العصبية الاصطناعية (Artificial Neural Networks)، والذكاء العام (General Intelligence)، والمنطق الضبابيّ (Fuzzy Logic)، ونظم المنطق الاستدلاليّ (Expert Systems)، والروبوتات الذكية (Intelligent Robots)، والتعلم العميق (Deep Learning)، وغيرها العديد من التقنيات.مفهوم الذكاء الاصطناعيّ يشمل مجموعة واسعة من التطبيقات والمجالات، بما في ذلك التعلّم الآلي (ML)، والتعلّم العميق (DL)، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والرؤية الحاسوبية (CV)، وأنظمة المحادثة (CC).مستقبل الذكاء الاصطناعييُعتقد أنّ الذكاء الاصطناعيّ لديه القدرة على إحداث ثورة في العديد من جوانب حياتنا. من المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعيّ أكثر شيوعًا في السنوات القادمة، حيث سيتمّ استخدامه في مجموعة متنوعة من التطبيقات الجديدة.على الرغم من التقدم الهائل الذي تحقق في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أنه لا يزال هناك تحديات وقضايا أخلاقية وأمنية تحتاج إلى معالجة. فمثلًا، تثار قضايا حول الخصوصية والأمان في ما يتعلق باستخدام البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة. كما تثار أيضًا مخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعيّ على سوق العمل والوظائف التي يمكن أن يحلّ محلها الروبوتات والأنظمة الذكية.بشكل عام، يعدّ الذكاء الاصطناعيّ مجالًا مثيرًا للاهتمام والبحث، ويتطلب تعاونًا وجهودًا مشتركة من العلماء والمهندسين والاختصاصيّين في مختلف المجالات لتحقيق تقدم مستدام في هذا المجال. يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعيّ تأثير كبير على مستقبلنا وعلى طريقة عيشنا وعملنا، ومن المهمّ أن نستكشف ونفهم هذا المجال بشكل أعمق لنتمكن من استغلال إمكاناته بشكل إيجابيّ وفعال.آلية عمل الذكاء الاصطناعيالذكاء الاصطناعيّ هو ببساطة أحد مكونات التكنولوجيا، ويتطلب مجموعة أساسية من البرامج والأجهزة التي يمكنها التعامل مع خوارزميات التعلم الآلي. ليمكن برمجة الذكاء الاصطناعيّ بالعديد من اللغات، لكنْ هناك عدد من اللغات يستخدمها مطوّرو الذكاء الاصطناعيّ نظرًا لميزاتها المهمّة مثل Python وR وJava وC++ وJulia.تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعيّ عن طريق الحصول على كمّ هائل من المعلومات والبيانات المصنّفة، بالإضافة إلى خوارزميات المعالجة البديهية. يتعامل الذكاء الاصطناعيّ مع تلك الخوارزميات ويقوم بتحليل البيانات للبحث عن الارتباطات والأنماط الخاصة بتلك البيانات والمعلومات المدخلة إليه، ثم يبدأ بالتنبؤ بالحالات المستقبلية.وبهذه الطريقة، تكون البيانات المُدخلة لكل روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعيّ مختلفة عن البيانات المدخلة لروبوت يعمل على شيء آخر.على سبيل المثل، فإنّ روبوتات الدردشة يمكن تغذيتها بكمّ هائل من النصوص ليتمكن من معالجتها باستخدام الخوارزميات، ليبدأ بعد ذلك في إنشاء محادثات واقعية مع أناس حقيقيّين.أنواع الذكاء الاصطناعيّ الرئيسيةيمكن تصنيف الذكاء الاصطناعيّ إلى 4 أنواع رئيسية وفقًا للعالم أرند هينتزي، الباحث وأستاذ مساعد في علم الأحياء التكامليّ وعلوم الكمبيوتر والهندسة، جامعة ولاية ميشيغان، وهي كالتالي:آلات ردّ الفعل Reactive machinesالآلات التفاعلية أو آلات ردّ الفعل هي أحد أنواع الذكاء الاصطناعي، وتتميز بعدم احتوائها على ذاكرة، وتكون مخصّصة لمهمة محددة، ما يعني أنّ المُدخلات تستوجب دائمًا المُخرجات نفسها. يمكن تصنيف نماذج التعلّم الآليّ ضمن الآلات التفاعلية، لأنّ المدخل هنا يكون بيانات العملاء، مثل سجل البحث أو الشراء، وتكون المخرجات عبارة عن توصيات محددة.تعدّ آلات ردّ الفعل أحد أنواع الذكاء الاصطناعيّ التفاعلي، ويعمل على تنفيذ مهامّ فائقة، فالإنسان العاديّ غير قادر على معالجة بيانات وسجلات العملاء كافة لتقديم التوصيات الخاصة بكل عميل، على سبيل المثال.الذكاء الاصطناعيّ التفاعليّ ليس لديه القدرة على التنبؤ بالنتائج المستقبلية، ما لم يتمّ إمداده بالمعلومات المناسبة.يعد محرك توصيات نتفلكس من أشهر التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التفاعلي. يعالج المحرك بيانات سجل مشاهدة العميل لتحديد الأفلام والبرامج التي يشاهدها. في حال كان العميل يشاهد المسلسلات التركية بانتظام، فستصبح الصفحة الرئيسية مليئة باقتراحات لمسلسلات تركية مختلفة.ذكاء الذاكرة المحدودة Limited memoryأحد أنواع الذكاء الاصطناعي، ويمكن تشبيهه بالخلايا العصبية في الدماغ البشري. وجه الشبه في الاثنين يمكن في أنه كلما زادت البيانات والمعلومات والتدريبات، يزداد الذكاء. تمامًا هذا ما يحدث مع ذكاء الذاكرة المحدودة، لأنه يصبح أكثر ذكاءً كلما تلقّى المزيد من البيانات اللازمة للتدرب عليها.على عكس الذكاء التفاعلي، يمكن لذكاء الذاكرة المحدودة الجمع بين البيانات الماضية والحالية ومعالجتها معًا للبدء في تنفيذ إجراءاته. ولكن، لا يعني هذا أنّ البيانات يجري حفظها في ذاكرة الذكاء الاصطناعي، وإنما يكون هناك تحسن مع مرور الوقت في الإجراءات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي، بناءً على زيادة كمية البيانات المدخلة والتي قد تدرب عليها.تعدّ السيارات ذاتية القيادة من أبرز الأمثلة التطبيقية لذكاء الذاكرة المحدودة. تراقب تلك السيارات ذاتية القيادة، مختلف السيارات التي تمر على الطريق، وتركز على السرعة والاتجاه ومدى التباعد والتقارب مع السيارات الأخرى. يبدأ الذكاء الاصطناعيّ في السيارة في برمجة تلك المعلومات، بالإضافة إلى المعلومات الأخرى الخاصة بأساسيات القيادة، والتعرف إلى إشارات المرور وعلامات الطرق. بعد برمجة البيانات كافة، يمكن للسيارة القيادة الذاتية، والتحكم في موعد تغيير المسار، والمسافة مع السائقَين الآخرَين لتفادي التصادم.ذكاء نظرية العقل Theory of mindنشاهد في حياتنا في الوقت الحالي محرك نتفلكس والسيارات ذاتية القيادة، والعديد من الأشياء التي تعمل بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي من النوعَين السابقَين: ذكاء الآلات التفاعلية، وذكاء الذاكرة المحدودة.ولكن، النوع الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن، ذكاء نظرية العقل، لم يوجد بعد، ومن المنتظر أن يُجرى بناؤه في المستقبل، ولذا، فلا وجود لأمثلة تطبيقية حتى الآن.يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي، فهم أفكار وعواطف الأشخاص، وبالتالي تحديد السلوك الواجب اتخاذه تجاه كل فرد.بمعنى: أنّ آلات الذكاء الاصطناعيّ ستكون لديها القدرة على فهم نوايا الأشخاص وتحليلها، وبالتالي التنبّؤ بسلوكهم، واتخاذ الردّ المناسب، وهذا مثلما يحدث في العلاقات الإنسانية.ذكاء الوعي الذاتي Self-awarenessأحد أنواع الذكاء الاصطناعي، ويمثل قمة ما يمكن أن يصل إليه الذكاء الاصطناعي. يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي، كما يوحي اسمه، أن يكون لديه إحساس ووعي بذاته، وبالطبع فإنّ هذا النوع غير موجود بعد.هذا النوع لن يكون قادرًا فحسب على فهم الشخص الذي أمامه وأفكاره وأحاسيسه، ولكن سيكون لديه وعي بذاته، والقدرة على تحديد الشعور بمشاعر الآخرين، ويكون لديه تفضيلاته الخاصة، وكل شيء خاص بذاته.من الجيد أننا لا نزال على مسافة بعيدة من تطوير هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، لأنّ هذا يتطلب أولًا فهم الدماغ البشريّ وأدق تفاصيله وتعامله مع الأوامر التي تنقلها إليه الأعصاب، بالإضافة إلى كيفية عمل الذاكرة، وآلية اتخاذ القرارات. في مجال التكنولوجيا، هناك نظام بديل لتصنيف الذكاء الاصطناعي، وبالاعتماد عليه، تكون هذه هي أنواع الذكاء الاصطناعي:الذكاء الاصطناعيّ الضيّق Artificial Narrow Intelligenceكل ما يوجد من ذكاء اصطناعيّ حتى الآن، يمكن إدراجه تحت هذا التصنيف. أي أنّ هذا النوع من الذكاء الاصطناعيّ يشمل كل أنظمة الذكاء الاصطناعيّ التي يمكنها إنجاز مهامّ البشر عن طريق برمجتها، ولا يمكنها تخطّي تلك الحدود، أي لا يمكنها أن تفعل أكثر مما جرى برمجتها عليه.جميع أنظمة الذكاء الاصطناعيّ من تلك الفئة تكون مهماتها محدودة، وفي الوقت نفسه سرعة استجابتها للأوامر سريعة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعيّ الأكثر تعقيدًا حتى الآن، والذي يعتمد على التعلّم الآلي والتعلّم العميق.الذكاء الاصطناعيّ العام Artificial General Intelligenceكأنه بشري.. هكذا سيكون حال الأنظمة التي ستعمل بالذكاء الاصطناعي العام. ستتمتع تلك الأنظمة بالقدرة على الفهم، وتعلّم أيّ مهمة فكرية والعمل كإنسان حقيقيّ عن طريق بناء الكفاءات، وفهم المجالات والربط بينها، وهو ما يجعل زمن تدريبها أقلّ من المعتاد.يمكن للأنظمة التي تعمل بهذا النوع من الذكاء الاصطناعي، أن تتمكن من أداء مهام البشر المتعدّدة، وهو ما يجعلها تتمتع بقدر الكفاءة ذاته، الذي يتمتع به البشر. ولكن، حتى الآن، لم يتمكن العلماء من إنجاز ذكاء اصطناعيّ من النوع العام.الذكاء الاصطناعيّ الفائق Artificial Superintelligenceهذا هو أقصى ما قد يصل إليه الذكاء الاصطناعي، ويتمتع بذاكرة ضخمة، وقدرة فائقة على معالجة البيانات، وسرعة في اتخاذ القرارات. حينما يصل الذكاء الاصطناعيّ إلى هذا الحدّ، فإنّ تلك تكون حالة التفرد، والتي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعيّ على ذكاء البشر. وحينها، يصبح هذا الذكاء الاصطناعيّ خطرًا مباشرًا وتهديدًا لوجود البشر من الأساس.(المشهد)