تستعد القارة الأوروبية لموجة محتملة من مخدّر أسر الشرق الأوسط، حيث يدفع التضييق الأمني بالمنطقة منتِجي "الكبتاغون" في سوريا ولبنان، لاستهداف أسواق جديدة، حسبما ذكرت وكالة "بلومبيرغ" في تقرير لها. وتباع الحبوب التي تحتوي على "الأمفيتامين" من نوع "كبتاغون"، بسعر يتراوح بين 3 إلى 25 دولارا للحبة، وهي تُنتَج وتُتداول بشكل أساسي من قبل أفراد وجماعات داخل سوريا، ولها علاقات بحزب الله اللبناني، وفقا لوزارة الخارجية والخزانة الأميركيّتين، ووزارة الخارجية البريطانية، فضلا عن باحثين مستقلين. وتُعتبر هذه الحبوب شائعة بالفعل في بعض مناطق الشرق الأوسط، حيث يستخدمها كل من المراهقين وعمال البناء من ذوي الدخل المنخفض، إذ تُعرف باسم "كوكايين الرجل الفقير"، وقد أُفيد بأنها تؤدي إلى نوبات من الطاقة والإنتاجية واليقظة والهمّة، فضلا عن الهلوسة والشعور بعدم القهر. كما ارتبطت على نطاق واسع بمقاتلين متطرفين في العراق وسوريا. ويُقدّر باحثون في معهد "نيو لاينز" بواشنطن، مبيعات الكبتاغون في المنطقة، بنحو 10 مليارات دولار خلال الأعوام الـ3 الماضية، حيث يعود معظم الإيرادات لجماعات داخل سوريا وحزب الله اللبناني، والذين يخضعون لعقوبات غربية مشددة بسبب الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011. تهديد لأوروبا ويُرجّح الآن أن يصبح "الكبتاغون" تهديدا لأوروبا وبقية أنحاء العالم، حسبما يُحذّر المسؤولون والخبراء، خصوصا أنّ الحملة الأمنية الواسعة التي تقوم بها دول المنطقة بهدف كبح تدفقات المخدر إلى أسواقها، تحفّز المنتجين على تطوير طرق مختلفة والبحث عن أسواق جديدة. وتقول كبيرة الباحثين في معهد "نيو لاينز"، والتي تقود مشروعا بحثيا عن تجارة "الكبتاغون" كارولين روز: "مثل أيّ اقتصاد غير مشروع، يصبح هؤلاء المهربون أكثر تطورا وتقدما في محاولة استهداف أسواق العبور الجديدة، وتحديد طرق جديدة، وأسواق الاستهلاك الجديدة. إنهم يتبنّون أساليب متطورة".وقال مسؤولان كبيران في الاتحاد الأوروبي تحدثا شرط عدم ذكر هويتهما بسبب حساسية الموضوع، إنّ تقارير مخابراتية وتصريحات المسؤولين في الشرق الأوسط التي استمعوا إليها، تشير إلى أنه من المرجح جدا أن تزداد تدفقات "كبتاغون" إلى أوروبا، وذلك بفعل حاجة المنتجين للأموال، ورغبة في تصدير الإدمان والتوترات الاجتماعية إلى الدول الغربية. وأضاف المسؤولان: "في حين لم يؤدِّ كبتاغون بعد إلى مشكلة في أوروبا، فإنّ المسألة الآن تتم مراقبتها بحساسية، حيث يتزايد القلق بين صنّاع السياسات والمسؤولين الأمنيين في جميع أنحاء القارة". قلق غربي وتخاطر أوروبا بمواجهة السيناريو نفسه الذي حدث في العراق وتركيا، وفقا لما ذكرت كارولين روز، مشيرة إلى أنّ هذين البلدين كانا نقطتي عبور لإعادة شحن الكبتاغون، ولكنهما أصبحتا الآن أسواق وجهة استهلاك. وقالت إنّ التهديد لا يقتصر فقط على دول أطراف أوروبا مثل اليونان وإيطاليا، حيث صادرت السلطات أكثر من 14 طنًا من الكبتاغون في عام 2020، ولكن أيضا في الوسط والشمال، حيث كانت هناك العديد من المداهمات لمخازن "الكبتاغون" خلال الأعوام الأخيرة. وفي عام 2021، قام محققون نمساويون بالتنسيق مع نظرائهم في 4 قارات، بتفكيك عصابة تهريب حبوب "الكبتاغون" من لبنان وسوريا إلى أوروبا، حيث كانت عصابة المخدرات تستخدم مطعم بيتزا في سالزبورغ كأحد مراكزها، وتقوم بشحن الحبوب إلى السعودية داخل أفران البيتزا والغسالات، والتي كان يصعب اكتشافها.ومع تهريب المخدرات عبر طرق جديدة، يحصل بعض الوسطاء على رواتب عينيّة من العقار نفسه، ما يخلق خطر انتشاره في السوق المحلية، وفقا لمسؤول كبير مطّلع على تفكير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. ويثير توسع انتشار تجارة الكبتاغون قلق الولايات المتحدة أيضا، إذ أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن استراتيجية "لتعطيل شبكات الكبتاغون غير المشروعة، المرتبطة بالجماعات في سوريا، وإضعافها وتفكيكها" كما نص عليها "قانون الكبتاغون" الذي صدر العام الماضي. وهذا العام، فرضت بروكسل ولندن وواشنطن عقوبات على أفراد سوريين ولبنانيين متهمين بإنتاج كميات كبيرة من "الكبتاغون". متى ظهر الكبتاغون؟ ظهر العقار لأول مرة في أوائل ستينيات القرن الماضي بألمانيا، كدواء مرخص له تحت الاسم التجاري "كبتاغون". وكان المكون الرئيسي له هو "الفينيثايلين" وقد تم وصفه لمجموعة من الحالات المرضية بما في ذلك اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. لكن، في تسعينيات القرن الماضي، بدأت كل من سوريا ولبنان في الظهور باعتبارهما مراكز إنتاج رئيسية، كما ارتفع تصنيع هذا المخدر على مدار العقدين الماضيين، لتصبح دول المنطقة العربية أكبر سوق للكبتاغون، وفق ما ذكرت "بلومبيرغ". (ترجمات)