في ظل المآسي الإنسانية التي تجسدها قصص المعتقلين في السجون السورية، تأتي حكاية ميسر العيساوي لتكون واحدة من هذه القصص المدمية للقلوب. عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام السوريّ اختفوا قسراً من دون أثر، تاركين خلفهم عائلات تعيش على أمل ضئيل ورجاء بالعثور عليهم أحياء. ومن بين هؤلاء، تبرز قصة العيساوي، المعلمة الأردنية التي فقدت منذ عام 1984، فمن هي ميسر العيساوي؟ وماذا في تفاصيل قصّتها؟ من هي ميسر العيساوي؟ ميسر جميل العيساوي، المولودة عام 1958، كانت تعمل معلمة للغة الإنكليزية، خلال إقامتها في دمشق مع زوجها، اعتقلتها المخابرات الجوية السورية نهاية عام 1984، ومنذ ذلك الوقت اختفت قسراً، على مدار سنوات، لم تحصل أسرتها على أيّ معلومات مؤكدة عن مصيرها، والدتها التي توفيت عام 2018، كرست حياتها للبحث عنها، متنقلة بين الأبواب والمكاتب، وحتى ناشدت الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال التدخل لدى حافظ الأسد عام 1997، لكن من دون جدوى. تحملت أسرة العيساوي خسارات متتالية، بفقدان شقيقيها ثائر وعبد اللطيف في ظروف مختلفة، لكنهم لم يتخلوا عن أمل العثور عليها. والرسالة التي كتبها ابن خالتها، الروائي محمد جميل خضر، خير دليل على ذلك إذ تحمل مشاعر رجاء ومناشدة للمجتمع الدولي والجهات الحقوقية لمعرفة مصيرها، خصوصاً بعد تغير الأوضاع في سوريا وتحرير المعتقلين في السجون. وقد جاء في رسالته: "ماتت خالتي وفي قلبها حسرة عجزها عن بلوغ أيّ معلومة موثّقة حول ابنتها الغالية، وفي قلبها حسرة رحيل ابنها ثائر في العراق (رحل في بغداد عام 1992 وهو في العشرينيات من عمره)، وفي قلبها حسرة رحيل بكرها عبد اللطيف في مصر، ماتت مسربلةً بالشكِّ والحيرةِ وانصهارِ آلامِها وآلامِنا الشخصية مع آلام بلدها فلسطين.. رحلت خالتي بأوجاع اليقين".(المشهد)