في تطور علمي مثير، شهد أكبر جبل جليدي في العالم "A23a" انفصال قطعة ضخمة عنه، تبلغ مساحتها 80 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 2% من حجمه الإجمالي. ويأتي هذا الحدث أثناء انجراف الجبل الجليدي العملاق في مياه بحر سكوتيا جنوب المحيط الأطلسي، حيث يتحرك حاليًا على بُعد 340 كيلومترًا من جزيرة جورجيا الجنوبية، مبتعدًا عن الساحل بمقدار 40 كيلومترًا في 10 أيام فقط. هل بدأ التفكك؟ يُعتبر "A23a" واحدًا من أضخم الجبال الجليدية الطافية في العالم، حيث يتجاوز حجمه ضعف مدينة سانت بطرسبرغ الروسية. انفصل هذا العملاق عن جرف فيلشنر الجليدي في القطب الجنوبي عام 1986، لكنه ظل عالِقًا في بحر ويديل لأكثر من 3 عقود، وكأنه متجمد في مكانه. ولكن في منتصف نوفمبر 2023، استيقظ هذا الجبل الجليدي فجأة، وبدأ بالتحرك، ليصل إلى المياه المفتوحة ويواصل انجرافه البطيء نحو الشمال. في يناير الماضي، حذرت تقارير من احتمال اصطدام "A23a" بجزيرة جورجيا الجنوبية البريطانية، وهو ما كان يمكن أن يتسبب في كارثة بيئية كبرى، تؤثر على الحياة البحرية والمناخ في المنطقة. إلا أنّ خبراء معهد بحوث القطبين أكدوا مؤخرًا أنّ الجبل الجليدي غيّر مساره تدريجيًا، متجهًا نحو الغرب، ما يقلل خطر التصادم المباشر مع الجزيرة. ذوبان متسارع منذ بدء تحركه في نوفمبر الماضي، فقد "A23a" من مساحته الكلية 11% بسبب تعرضه لدرجات حرارة أكثر دفئًا مقارنة بمكانه السابق. وتشير هذه البيانات إلى احتمالية تفكك الجبل بالكامل خلال السنوات القليلة القادمة، ما يفتح باب التساؤلات حول تأثيرات ذوبانه على المناخ العالمي والمحيطات. الجبل الجليدي ليس مجرد كتلة جليدية ضخمة، بل هو جزء أساسي في التوازن البيئي للمحيط الجنوبي. ويؤثر هذا العملاق الجليدي على تيارات المحيطات وأنماط المناخ في المنطقة، ما يعني أنّ أيّ تغيير كبير في حجمه أو مساره قد يؤدي إلى اضطرابات غير متوقعة، مثل: تغير مسارات التيارات البحرية، ما قد يؤثر على الطقس العالمي. زيادة ذوبان الجليد القطبي، والذي قد يُسرّع من ارتفاع مستويات سطح البحر. تأثيرات بيئية على الحياة البحرية، خصوصًا في المناطق التي تعتمد على استقرار درجات الحرارة. هل يمكن أن يتسبب في كارثة بحرية؟ نظرًا لحجمه الضخم، يُشكل "A23a" عقبة ملاحية ضخمة، حيث يمكن أن يعيق حركة السفن التي تمر عبر المحيط الأطلسي الجنوبي. كما أنّ تفكك أجزاء أخرى منه قد يُنتج جبالًا جليدية أصغر، قد تكون أكثر خطورة على السفن، نظرًا لصعوبة رصدها عبر أنظمة الملاحة التقليدية. ويرى العلماء أنّ تفكك "A23a" ما هو إلا إشارة واضحة على تغير المناخ المتسارع. مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يتوقع الخبراء أن نشهد المزيد من الانهيارات الجليدية في المستقبل، ما سيؤدي إلى اضطرابات بيئية واسعة النطاق. مع استمرار تحرك هذا الجبل الجليدي العملاق نحو المياه الدافئة، يترقب العلماء ما إذا كان هذا الحدث مجرد مرحلة انتقالية، أم بداية لانهيار شامل قد يُغيّر خريطة الجليد في القطب الجنوبي.(وكالات)