يعتبر شراء سيارة مستعملة من القرارات المعقدة أحيانًا. الأمر لا يتوقف على تاريخ انتاجها أو مؤشّر المسافة المقطوعة منذ أن أبصرت النور. ثمة تفاصيل ينبغي على المشتري عدم إغفالها لدى اتخاذ القرار "الصعب".أكثر ما يُخشى في السيارة المستعملة أن تكون قد تعرضت لحادث مروري سابقًا أدى إلى فرض اختلال في "جسدها" الأساسي، وربما امتد ذلك إلى تفاصيلها الداخلية. بناءً عليه، يتوجب على الشاري التدقيق جدًا في طلاء الهيكل أولًا من خلال التأكد من أنّ اللون هو نفسه على كامل السيارة. أما إذا اختلف، فهذا مؤشر حاسم على أنّ المركبة تعرضت لحادث ما قبل أن يجري طلاء الجزء المضروب باللون نفسه، لكنه يختلف عن الطلاء الأساسي نتيجة الفارق الزمني بين القديم والجديد من الطلاء. هذا جانب من السهل التدقيق فيه بالعين المجردة. أمر آخر يستوجب الانتباه ويتمثل في ضرورة التّمعن بالفجوات التي تفصل ما بين أجزاء الهيكل، إذ يتوجب أن تأتي متطابقة في كل جوانب السيارة، من دون أن نغفل الأبواب التي يجدر التدقيق في عملية فتحها وغلقها والتثبت من سلامة هذه العملية. يتوجب فتح الأبواب والصندوقين الخلفي والأمامي بغية التأكد من عدم وجود تلحيم أو طلاء عشوائي في أماكن "مشبوهة" نتيجة عملية "ترميم" بعد حادث سابق. حتى لو لم تكن السيارة قد تعرضت لحادث، يتوجب على الشاري التدقيق في انتفاء الصدأ في الهيكل، وخصوصًا في محيط الإطارات، المصدّين الأمامي والخلفي، وصولًا إلى أسفل المركبة. هذا مؤشر مهم على سوء حال السيارة. ولمزيد من الطمأنينة، يجب أن تكون الإطارات الأربعة من العلامة التجارية نفسها ومتطابقة تمامًا، مع ضرورة التأكد من جودتها وتناسقها مع بعضها البعض لضمان قيادة مستقرة. من المفيد أيضًا أن يجري تعريض هيكل السيارة لكميات من المياه، تحديدًا في المغسل، للتأكد من عدم وجود تسريبات إلى الداخل.خلف المقودبالانتقال إلى المقصورة، ينبغي أن يشعر الشاري بالراحة الجسدية والنفسية لدى جلوسه خلف المقود، خصوصًا أنه سيمضي ساعات وساعات داخلها. ننطلق من الفرش الذي يجدر أن يكون سليمًا، سواء في المقعدين الأماميين أو المقاعد الخلفية، فيما تُخضَع أحزمة الأمان للامتحان عبر سحبها بشكل سريع. إذا قاومت، فهذا مؤشر على أنها بحالة جيدة. لا ننسى هنا التأكد من حال السقف، وجودة المقود والحرص على تفحص الجزء الوسطي فيه للتثبت من عدم تشغيل الوسادة الهوائية سابقًا وبالتالي عدم تعرّض السيارة لحادث. شاشة العدّادات مهمة للغاية. يجب أن تكون مقبولة من السائق كونها ستبقى في مرمى نظره. يجدر المقارنة ما بين مؤشر المسافة وتاريخ صنع السيارة وحالتها الراهنة للتأكد من أنه لم يجرِ التلاعب بعدّاد الكيلومترات.القلب النابضحتى وإن شاب الهيكل أو الداخل شائبة بسيطة، فالأمر لن يكون نفسه في ما خصّ المحرك الذي يعتبر "القلب النابض" في المركبة، بالإضافة إلى التفاصيل الميكانيكية والكهربائية الأخرى. يجدر التأكد من عدم وجود تسريب زيت من المحرك. يظهر ذلك جليًا من خلال آثار الزيت، سواء على المحرك ذاته، محيطه، أو على الأرض، أسفل المركبة. يخضع الزيت بحد ذاته للفحص. فإن كان اللون داكنًا، فهذا يعطي مؤشرًا على أنّ السيارة لا تخضع دوريًا للصيانة اللازمة. بشكل عام، يجدر أن يبدو المحرك "نظيفًا" من جوانبه كافة، لكنّ الشكل لا يعني بأنه سليم. وينطبق ذلك أيضًا على أماكن أخرى من المنظومة الميكانيكية، وتحديدًا المقود والمكابح وعلبة السرعات، وجميعها يستلزم نوعية معينة من الزيوت، والتثبت من عدم وجود تسريبات. وثمة ضرورة للتأكد من البطارية وجودتها وأسلاك مساحات الزجاج وعملها.هذه بشكل عام خارطة الطريق للتعرف الفوري إلى السيارة المستعملة المراد شراؤها، بيد أنه من الأفضل تجربة قيادتها شخصيًا واختبار الشعور داخلها وتفاعلها وقدرتها على التجاوب مع أسلوب قيادة الشاري. ويستحسن "اصطحابها" في زيارة إلى ميكانيكي وكهربائي من أهل الخبرة قادرَين على اكتشاف العيوب في الهيكل والمحرك وتوابعه، أو إدخالها للفحص الشامل لدى شركة متخصصة، أو اعتماد تطبيقات الهاتف الذكي القادرة على الاتصال بأنظمة السيارة، إن كانت من الطرازات الحديثة، بغية الحصول على البيانات الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية اللازمة. .. ورحلة آمنة دائمًا.