خلال الأشهر الأخيرة، اعتاد المدنيون اللبنانيون النظر للسماء بخوف، وخصوصًا أولئك الذين يسكنون في البيئات الحاضنة لـ"حزب الله"، تحسبًا من أيّ هجوم قد ينفذه الطيران الإسرائيليّ على عناصر ومقارّ الحزب الموجودة بين المدنيّين، وفي الوقت الذي كانت فيه السماء خالية من أيّ خطر محتمل، بدأت آلاف الانفجارات وبتزامن واحد في عشرات المناطق اللبنانية.
وخلال أقلِّ من ساعة، تبين أنّ مصدر الانفجارات هو أجهزة بيجر التي يحملها عناصر الحزب.
عن أي جهوزية يتحدث "حزب الله"
في أول بيان له بعد سلسلة التفجيرات، أكّد "حزب الله" أنّ "المقاومة بمستوياتها كافة ومختلف وحداتها، في أعلى جهوزية للدفاع عن لبنان وشعبه الصامد".
ومن دلالات هذه الجهوزية مثلًا وصول سيارات إلى مشافي دمشق وريف دمشق قادمة من لبنان، تحمل مصابي "حزب الله" بكافة مستوياته ومختلف وحداته.
كما أنّ وزارة الصحة اللبنانية أعلنت ما يشبه النفير العام لاستدعاء العاملين بالمراكز الطبية كافة للالتحاق بمواقع عملهم، بالإضافة لعشرات صفحات التواصل الاجتماعيّ التي أعلنت نداءً عامًا عن حاجة المشافي للدم بكافة زمره.
عن أيّ جهوزية يتحدث بيان الحزب حين تمتلئ مشافيه وتنفد احتياطيات بنوك الدم والحرب لم تبدأ بعد؟!
وبالعودة للأجهزة التي انفجرت، فلا معلومات رسمية صدرت عن الأجهزة حتى الآن، لكنّ الأكيد أنه تم تصنيعها في تايوان وعدلت في إيران ومن ثم تم اختراقها من قبل جهاز الشاباك الإسرائيلي. وبحسب الخبراء لا تملك إيران أيّ قدرة على التصنيع، لكنّ الدول المتقدمة وبعض الدول الشرق آسيوية التي تشتري منها إيران هذه الأجهزة مثل الصين وتايوان وماليزيا، لتقوم إيران بعد ذلك ببعض التعديلات عليها.
المعلومة أكدها موقع عربي 21 الذي نُشر بعد ساعات من وقوع الانفجار، أنه ومن خلال البحث في حطام بعض الأجهزة التي انفجرت، ونشرها بعض مستخدمي مواقع التواصل، حيث استطاع الموقع الوصول إلى النوع الذي كان بحوزة بعض عناصر الحزب وهو Rugged Pager AR924 ، من Apollo Gold.
ومن خلال تصفّح سريع لموقع الشركة المصنعة نعرف أنّ من ميزات هذا الجهاز أنه سهل الاستخدام وفاعل وآمن، ومزود ببطارية تدوم 85 يومًا.
وبالإضافة لمعلومات الشركة المصنعة، يؤكد الخبراء في هذا المجال، أنّ بطاريات هذه الأجهزة لا تنفجر إلا إذا جرى تفخيخها مسبّقًا، ليتمّ بعد ذلك إرسال إشارة حرارية تخترق هذه الأجهزة في وقت واحد وتفجرها، وهو سيناريو مطابق لما حصل، وليس صدفة أنه حال انفجرت هذه البطارية، فبإمكانها إزالة أجزاء معينة من جسم الإنسان.
أكثر من 4 آلاف مصاب
ولعل الخوف من تكريس دعاية ما هو ما دفع بوزير الصحة اللبنانيّ على التأكيد بأنّ معظم الإصابات كانت في الرأس واليد، وإلا ما الداعي ليسرع سعادة الوزير بنشر هذا التوضيح في ظل ما تشهده وزارته من تخبط واستنفار وفوضى في الإحصاء!
أكثر من 4 آلاف مصاب حتى الآن بحسب آخر بيان لوزارة الصحة اللبنانية، أي أكثر من تعداد لواء عسكري! بينهم أبناء قياديّين ونواب في "حزب الله"، توزع كل هؤلاء في إحصاء لم ينتهِ بعد. فالمرصد السوريّ لحقوق الإنسان، أكد إصابة العشرات في سوريا نتيجة انفجار الأجهزة ذاتها، وبينهم قياديون في "حزب الله" لكنّ الموقع لم يذكر أسماء هؤلاء القياديّين.
على إثر هذه الانفجارات، يتساءل اللبنانيون وغير اللبنانيين، الحلفاء منهم لـ"حزب الله" وكذلك الخصوم، عن مصير حسن نصر الله، على الرغم من أنّ إسرائيل لا تحتاج لفيروس يمكّنها من الأمين العام للحزب، وهو الأمر الذي أكده رئيس الموساد السابق يوسي كوهين حين قال، إنّ الاستخبارات الاسرائيلية تعرف مكان نصر الله، وإنهم، وعلى ذمة كوهين، يستطيعون إسقاطه في أيّ لحظة، وربما حول هذا التفصيل المريب يجب أن يتساءل الممانع قبل المعارض.