في نتائج الحروب، المعادلات واضحة: إما ينتصر فريق على آخر، وإما تٌعلن هدنة، وإما تدخل وساطات فتتوقف الحرب بموجب تسوية أو صفقة.أين تقع الحرب التي اندلعت بين "حزب الله" وإسرائيل؟إذا دققنا قليلاً فإننا سنجد أن هذه الحرب فيها الأنواع الثلاثة من النتائج الآنفة الذِكر، فهي حربٌ "انتصرت" فيها إسرائيل على "حزب الله"، وهي حرب شهدت هدنة، ولو متقطعة، تُخرَق بين الحين والآخر، وهي حربٌ توقفت بموجب تسوية قادتها الولايات المتحدة بشخص الموفد الرئاسي الخاص آموس هوكستاين، وقبل بها لبنان من خلال الموافقة التي أعطاها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالنيابة عن "حزب الله"، ثم وافق عليها مجلس الوزراء بالإجماع في حضور وزراء "حزب الله" و"حركة أمل"، أي ما يسمَّى "الثنائي الشيعي".انطلاقًا من هذه المعطيات، أو هذه الاستنتاجات، يناوِر "حزب الله"، فيتصرف حينًا كأنه لم يُهزَم، ويتصرف حينًا آخر كأنه تلقى ضربة لكنه تمكَّن من إعادة ترميم هيكليته وقوته، لكن الوقائع تعاكس هذه المعطيات، "حزب الله" يحاول الإيحاء بأنه ما يزال قادرًا على الفعل، لكن الوقائع بينت أنه كلما حاول الإيحاء بأنه استرد عافيته، يتلقى ضربة "توقظه" من "سبات الأوهام" التي هو فيها، وكأنه بذلك يقوم بما يقوم به على قاعدة "مكرهٌ لا بطل": يدَّعي القوة على الحدود الشرقية مع سوريا، يدخل في مواجهة مع الجيش السوري الجديد الذي يسيطر على بلدة "حوش السيد علي"، يتدخل الجيش اللبناني الذي يتفاوض مع الجيش السوري. "حزب الله" حاول أن يتصرف على الحدود الشرقية كأنه ما قبل الثامن من أكتوبر 2023، وكأن شيئًا لم يتغيَّر ليكتشف أن كل شيء تغيَّر، فكان في الحدود الشرقية "مكرهًا لا بطلا"."حزب الله" يصطدم بالواقعوما ينطبق على الحدود الشرقية ينطبق على الجنوب. حاول "حزب الله" أن يتصرف في الجنوب كأن شيئًا لم يكن، لكنه اصطدم بالواقع المستجد، حاول أن يوحي بأنه "صحَّح المعادلة" وبأنه عاد إلى لعب دور البطولة، طلب من أبناء الجنوب أن يعودو إلى بلداتهم وقراهم، ليصطدم بأن لا إمكانية للعودة في ظل الدمار شبه الشامل، فكان مرة ثانية "مكرهًا لا بطلًا" حيث إن العودة إلى الجنوب رهنٌ بإعادة الإعمار الذي يحتاج إلى مليارات الدولارات وهي غير متوافرة وتحتاج إلى اتفاق سياسي وطاولة مفاوضات، وبالتأكيد "حزب الله" غير جاهز لها.في المحصِّلة، فإن كل ما قام به "حزب الله" منذ وقف النار، كان تحت الضغط، وكأنه بذلك يحاول أن ينحني أمام العاصفة. لكن هذه المناورة سبق أن استخدمها "حزب الله" لكنها لم تُجدِ نفعاً، فهو يناور أمام إسرائيل التي كشفت مناوراته، وما وضعها اليد على خططه العسكرية وبنيته التحتية من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع سوى تأكيد منها على أنها كشفت مناوراته ومن بينها الانحناء أمام العاصفة. يكفي إدراك أنه استخدم المناورات فيما إسرائيل استخدمت الخطط، وبين المناورة والخطة، كانت الغلبة للثانية.