بحسب تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني فإنه من المقرر أن تشهد سوريا في الأول من مارس المقبل تشكيل حكومة جديدة تمثل جميع مكونات الشعب السوري، ما يعني أن الحكومة العتيدة ستكون الحكومة الأولى التي تُشكَل بعد مؤتمر الحوار الوطني الذي يُعقد في دمشق اليوم وغداً، حتى أن غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا قال: إن تشكيل حكومة شاملة في سوريا قد يُسهم في رفع العقوبات الغربية، سعيًا لتحقيق انتقال سياسي شامل يضمن تمثيل جميع المكونات السورية من دون استثناء، بما يُرسّخ أسس الاستقرار والتوافق الوطني.مواجهة العقوبات الدولية على سورياولكن السؤال: هل ستُمثل الحكومة كل مكونات الشعب السوري ومناطقه؟ وهل يمكن لها أن تضم بين أعضائها وزراء من المنطقة الشرقية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتقيم إدارة ذاتية هي بمثابة حكومة محلية، وتمتنع عن تسليم السلاح والانضمام للجيش السوري الجديد؟ والسؤال الآخر: هل ستضم الحكومة المرتقبة وزراء من محافظة السويداء التي لم يدخلها "الجيش السوري الجديد" ولم تعلن فصائلها الالتحاق به، لا بل إن بعض الفصائل المسلحة سارعت بعد سقوط النظام السابق إلى تشكيل ما سمته "المجلس العسكري في السويداء"! المشكلة الأخرى التي ستُعاني منها الحكومة المقبلة أنها ستبقى تحمل صفة "المؤقتة" لأنه لا يوجد مجلس شعب (برلمان) يُصادق عليها، كما لا يوجد دستور ليُحدد المدة الدستورية التي ستُشغلها تلك الحكومة، لكن إذا رجعنا إلى تصريحات الرئيس الشرع فإن الانتخابات النيابية والرئاسية وكتابة الدستور قد تستغرق 5 سنوات، فهل يعني هذا أن الحكومة قد تبقى لمدة 5 سنوات؟! ولكن إذا تجاوزنا المدة الزمنية التي قد تشغلها الحكومة المقبلة، فلا بد من التوقف عند المهمات التي ستقوم بها والتي ينتظرها أغلب المواطنين السوريين:الأولى: الحفاظ على السلم الأهلي في عموم أرجاء سوريا ما ينعكس إيجاباً على المواطنين السوريين ويُسهم في انخراط الجميع في العمل سواء كان في الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات. الثانية: العمل على تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين من خلال زيادة الرواتب وتثبيت العاملين وحل مشكلة المبعدين عن وظائفهم بحجة الفائض والتوظيف العشوائي، والعمل على تأمين المواد التموينية وخفض أسعارها ورفع قيمة الليرة في وجه العملات الصعبة، ما يُسهم في تأمين لقمة عيش المواطنين والتخفيف من ضائقتهم الاقتصادية والمالية. الثالثة: مواجهة العقوبات الدولية والانفتاح على العالم الخارجي، بما يؤدي إلى عودة الاستثمارات العربية والأجنبية والبدء بإعادة الإعمار.صعوبات أمام الحكومة الجديدةأما الصعوبات فتنقسم إلى شقين داخلي وخارجي:الداخلي: تأمين الطاقة اللازمة لبدء العجلة الاقتصادية، وهذا لن يتم دون حل شامل مع "قسد" التي تسيطر على ثلاث محافظات هي: الرقة والحسكة ودير الزور، وتضم آبار النفط والغاز وحقول القمح والقطن . الخارجي: جلب الاستثمارات العربية والدولية والبدء بإعادة الإعمار، وهذا يتطلب بناء الثقة مع الدول صاحبة رؤوس الأموال التي قد يتذرع بعضها بأن الحكومة الحالية مؤقتة وغير دستورية ولم تُشكَل من أكثرية نيابية، ولم تحز على ثقة برلمان الدولة؟ وبالتالي على سوريا أن تنتظر لسنوات وسنوات ليتم رفع العقوبات بالكامل والبدء في الاستثمار وإعادة الإعمار، وعلى سوريا إذا ما أرادت أن تعود للمجتمع الدولة أن تجري مؤتمر حوار وطني آخر موسعا لا يستثني أحداً، وأن تقوم بإجراء انتخابات نيابية ورئاسية وكتابة دستور دائم يؤطر عمل الدولة سواء كان إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية، ما يسحب الذرائع والحجج، وخصوصا أن الغرب يريد أن يُبقي العقوبات فزاعة دائمة لتمرير ما يريد من أجندات إقليمية، وما يجري في الجنوب السوري من توغل إسرائيلي واحتلال مناطق جديدة في القنيطرة وظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مهدداً قيادة الدولة السورية الجديدة بالصوت والصورة أكبر دليل على ذلك! طبعاً الترقب سيبقى مستمراً لتاريخ الأول من مارس المقبل موعد انتهاء فترة حكومة تصريف الأعمال، والإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي قد تكون الحكومة الأشهر في تاريخ سوريا الحديث، كونها ستُشرف على بناء مؤسسات الدولة ابتداء من كتابة الدستور وانتهاء بإجراءات انتخابات نيابية ورئاسة، الأمر الذي سيُحدد شكل سوريا الجديدة ودورها المنتظر في المنطقة والعالم.