يعتقد البعض أن تنظيم "داعش" انتهى منذ سقوط آخر معاقله في 19 مارس 2019 في قرية الباغوز في محافظة دير الزور شرق سوريا على يد قوات "قسد" بدعم من التحالف الدولي الذي بدأ عملياته في سوريا في 10 سبتمبر، من دون موافقة الحكومة السورية أو التعاون معها، لكن يبدو أن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً، حيث قام التنظيم بتوسيع انتشاره وتنويع عملياته في الأعوام التي تلت سقوطه. وبحسب متابعين فإن نشاط "داعش" لم يتوقف بعد سقوط الباغوز بل إن التنظيم نقل نشاطه الرئيسي إلى البادية السورية التي باتت المعقل الأساسي لأنشطته ضد حواجز الجيش السوري وآلياته، مستفيداً من التضاريس المعقدة من صحراء وجبال تساعده في عمليات التمويه والاختباء وكذلك في إنشاء معسكرات التدريب العسكري والأيديولوجي، كما يسمح هذا الموقع لـ"داعش" بالحفاظ على خطوط الدعم اللوجستي من داخل سوريا وخارجها، خصوصا أن البادية أرض مفتوحة على كل من العراق والأردن، والداخل السوري امتداداً إلى مناطق سيطرة "قسد" في دير الزور والرقة، وبعض مناطق ما يُسمى "الجيش الوطني" التي تحتلها تركيا في شمال الرقة وشرق حلب.واشنطن: "داعش" ما زال موجوداًوربما السؤال الذي يجول في خاطر البعض أين التحالف الدولي من هذا التنظيم؟ على الرغم من أنّ الولايات المتحدة ما زالت تكرر أن "داعش" ما زال موجوداً وخطره ما زال كامناً، وأنها لن تسحب قواتها من سوريا حتى القضاء على التنظيم! لكن من يراجع عمليات "داعش" بعد سقوط الباغوز يرى أن عملياته أصبحت تستهدف الجيش السوري والقوات الرديفة العاملة معه بالدرجة الأولى، لا التحالف الدولي أو المتحالفين معه، وبحسب مصادر موثوقة فإن ضحايا التنظيم بلغت في العام الماضي 412 عنصرا من الجيش السوري وحلفائه أُستهدفوا في 174 عملية لعناصر التنظيم ضمن مناطق متفرقة من البادية، عبر كمائن وهجمات مسلحة وتفجيرات، كما وصل عدد الضحايا المدنيين إلى 171 قتلوا بهجمات نفذها التنظيم في البادية، في حين قتل الجيش السوري والطيران الروسي 46 فرداً بعمليات مشتركة من عناصر التنظيم. ويبدو أن سياسة الولايات المتحدة تجاوزت محاربة التنظيم إلى احتوائه حتى أن البعض يعتقد بوجود ما يشبه الهدنة بين الطرفين حيث لم يقم "داعش" بأي هجوم ضد قوات التحالف منذ سقوط الباغوز في 2019 كما أن التحالف لم يستهدف "داعش" في هذه المنطقة بل أعلن عن استهداف قادة التنظيم كالبغدادي والقرشي في إدلب ومناطق أخرى، ما جعل الكثير يتساءل عن دقة هذه البيانات ويطالب بعرض جثث قادة داعش حتى لا تتكرر مسرحية إلقاء أسامة بن لادن في البحر."داعش" أداة أميركية المؤكد اليوم أن الولايات المتحدة تعمل على 3 أمور: تثبيت "قسد" ككيان منفصل عن الدولة السورية بحجة محاربة "داعش" على الرغم من أن العمليات التي يقوم بها "داعش" ضد "قسد" تكاد لا تُذكر إذا ما قارناها بالهجمات التي يشنها على القوات الحكومية السورية، وبالتالي تكريس انفصال المنطقة الشرقية عن الدولة السورية كنتيجة لمحاربة "داعش".إشغال القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها بمحاربة التنظيم من خلال تكثيف التنظيم لهجماته على مواقعها ما يخفف الضغط عن القواعد الأميريكية في سوريا التي يبلغ عددها 28 قاعدة، والتي تتعرض لهجمات متتالية من قوى مختلفة باعتبارها قوات احتلال.تدوير "داعش" بحسب ما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، في 10 مايو 2023 حيث قال: "حسب معلوماتنا، بدأ الأميركيون في تشكيل تنظيم "جيش سوريا الحرة" بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي "داعش" ومنظمات إرهابية أخرى، بهدف واضح هو استخدامهم في مواجهة السلطات الشرعية في سوريا لزعزعة الاستقرار في البلاد ضد القوات الحكومية والمتعاونين معها، وهو ما أكده المرصد السوري المعارض في تقرير له في 4 أغسطس 2023 من أن مئات المقاتلين يتلقون تدريبات مكثفة من قوات "التحالف الدولي" في منطقة التنف، وينتقلون بشكل سري ضمن مجموعات لا يتجاوز عدد أفرادها 15 مقاتلاً، لشن عمليات ضد القوات السورية والقوات المتحالفة معها في مناطق حوض الفرات .ما يؤكد أن هذا التنظيم لم يكن إلا أداة تستخدمه الولايات المتحدة لتحقيق أطماعها في نهب الثروات ومخططاتها في تقسيم البلدان كما هو حاصل في كل من سوريا والعراق وليبيا والسودان مؤخراً وبلدان أخرى في آسيا وإفريقيا.