يبدو أن ملعب الميستايا، يصر على خلق الجدل، كلما انتقل إليه فريق ريال مدريد، لخوض مباراة مع فريق فالنسيا، في إطار مباريات الدوري الإسباني، ففي العام الماضي، شهد هذا الملعب مواجهات بين الجمهور ولاعب الفريق الملكي، فينيسيوس جونيور، حيث أصر الأخير على تعرضه لهتافات عنصرية، فيما أكدت الجماهير أن البرازيلي هو البادئ بالاستفزاز، وكما هو الحال في حوادث من هذا الشكل، أخذت الأمور بعدا إعلاميا واسعا، انتهى بحرمان بعض الجماهير من دخول هذا الملعب مدى الحياة، فيما نصب جونيور كأبرز محارب ضد العنصرية على المستطيل الأخضر حول العالم، مع التغاضي بشكل كبير عن كل تصرفاته الاستفزازية (التي يتقنها أبناء السامبا) سواء ضد لاعبي أو مدربي أو جماهير الفرق المنافسة.حادثة غريبة وغير مألوفةعلى هذا الأساس، كانت عودة ريال مدريد إلى الملعب نفسه هذا العام، مصحوبة بتغطية صحفية فاقت المعتاد، وركزت بشكل خاص على "المواجهة" بين فينيسيوس وجماهير الخفافيش (لقب فريق فالنسيا)، وبالفعل، كانت المباراة في الموعد، إذ تقدم فالنسيا بهدفين، قبل أن يتمكن الريال من تعديل الكفة، عن طريق فينيسيوس نفسه، الذي رفع قبضته في وجه الجماهير، وفاء لشعار "القبضة السوداء" الشهيرة والمعبرة عن مناهضة العنصرية، لكن الإثارة لم تكن لتقف عند هذا الحد، إذ شهدت نهاية المباراة حادثة غريبة وغير مألوفة، عندما تمكن الفريق الملكي، عن طريق اللاعب الإنجليزي جود بلينغهام من تسجيل هدف الانتصار، بعد ضغط متواصل على دفاع الفريق المنافس، لكن الحكم جيل مانزانو ألغاه بدعوى إطلاقه صافرة نهاية المباراة قبل تسجيل الهدف، لتنطلق موجة من الاحتجاجات لدى لاعبي الريال، طرد على إثرها بلينغهام، واعتبر اللاعبون أن الحكم حرمهم من نقاط الفوز عن عمد، في إطار سعيهم للابتعاد عن أقرب الملاحقين، جيرونا "مفاجأة الموسم"، وبرشلونة، المنافس والغريم الأزلي. وكما كان متوقعا، ركزت وسائل الإعلام المدريدية على الواقعة، واعتبرتها مؤامرة ضد الفريق الملكي، بل وذهبت أبعد من ذلك، في الإشارة إلى أن كل ما وقع كان بإيعاز من إدارة برشلونة، التي تضغط على لجنة التحكيم (حسب آراء هؤلاء) بالنظر إلى الكم الكبير من الأخطاء التحكيمية التي تضرر منها الفريق الكتالوني. مما لا شك فيه، أن مكانة الدوري الإسباني، الإعلامية والتسويقية، قد تراجعت بشدة، بعد رحيل قطبي أشهر وأقوى منافسة كروية على الإطلاق، وهما كريستيانو رونالدو (الذي رحل وقتها عن الريال صوب يوفنتوس) وليونيل ميسي (الذي رحل باكيا عن برشلونة صوب باريس سان جيرمان)، كما كان لأفول نجم برشلونة، و"شيخوخة" جيله الذهبي، وغرقه في دوامة من المشاكل الاقتصادية، وتشويه سمعته باتهامات مرتبطة بالرشوة، الأثر الكبير في التأثير على حضوره الأوروبي، فاختل بذلك التوازن، مقابل تصاعد مطرد في مكانة الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي تستطيع فرقه الكبرى بل المتوسطة حتى، جلب أفضل النجوم، مع إغرائهم بأفضل الرواتب والامتيازات.تبادل الاتهامات المستمر بين برشلونة وريال مدريدالغريب هنا أن الدوري الإسباني لم يبذل الجهد الكافي للعودة إلى بريقه، بل إنه غرق أكثر في المشاكل، وصار الجدل التحكيمي نغمة مألوفة، خصوصا مع تبادل الاتهامات المستمر بين برشلونة وريال مدريد، حول تعرض كلاهما للظلم مقابل استفادة الغريم من الامتيازات، وإن أثبتت الوقائع أن الأخطاء أضرت بالفريقين معا، ولا أدل على ذلك من إصرار الفريق الملكي (عبر قناته الرسمية التي اعتادت على مهاجمة كل الحكام قبل كل مباراة يخوضها الفريق) على اتهام مانزانو (بطل واقعة فالنسيا) بمحاباة برشلونة، رغم أن الأخير اشتكى بدوره أكثر من مرة من ظلم الحكم نفسه، الذي تشير كل الدلائل إلى أن الضغط المدريدي سيقود إلى إيقافه لبعض المباريات. التعويل الآن على انتهاء "مسلسل" كيليان مبابي الطويل بتوقيعه رسميا لريال مدريد، بعد أعوام من الشد والجذب مع فريقه الحالي باريس سان جيرمان، هذا التوقيع الذي يراه منظمو الدوري الإسباني أشبه بالقشة التي سيتمسكون بها في سعيهم لإعادة الدوري إلى مكانته الطبيعية، لما يتمتع به النجم الفرنسي من وزن وحضور إعلامي سيكون له الأثر الإيجابي بكل تأكيد، فيما لا يبدو أن أزمة برشلونة الاقتصادية ستحل في وقت قريب، بل إن الحلول الترقيعية للإدارة الكتالونية حولت كل مشجعي الفريق إلى "خبراء" في الاقتصاد، مع اعتيادهم على سماع مصطلحات من قبيل "الرافعات الاقتصادية" و"قانون اللعب المالي النظيف" و"سلم الرواتب" اضطروا مرغمين لفهم معناها، في سياق وعود إدارة الفريق بالخروج من الأزمة واستقطاب لاعبين من الصف الأول. الطريف، بل وربما المعبر، في واقعة ملعب فالنسيا، أنه رغم كل هذا الجدل والاتهامات المتبادلة، إلا أن أيا من الفريقين المنافسين للريال تمكنا من استغلال "تعثره"، فخسر جيرونا أمام مايوركا، فيما اكتفى برشلونة بالتعادل السلبي أمام أتلتيك بيلباو في السان ماميس، ليضيعا معا فرصة ثمينة، ويبقى الحال على ما هو عليه، ولو إلى حين... (المشهد)