إذا ما تحققت "نبوءة " رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وجرى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الذي حدده في 9 يناير المقبل، نكون أمام رئيس يصل متأخرًا إلى القصر الجمهوري في بعبدا، بعد سنتين وسبعين يومًا، من آخر نوفمبر عام 2022 إلى 9 يناير عام 2025.حسابات "حزب الله" كانت خاطئةهل انقلب التأخير على المتأخِّر؟ وهل ندِم المتأخِّر على تأخير الأستحقاق؟ وحرم مرشحه من إمكان الوصول إلى قصر بعبدا؟ عند استحقاق الانتخابات الرئاسية عام 2016، كان الخيار لدى الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله بين العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، وقال كلمته الشهيرة عنهما "هيدا عين وهيدا عين"، وكان الخيار للأكبر سنًا، العماد عون، وأن فرنجيه يكون الرئيس الذي يلي، أي في نوفمبر 2022 . كان لبنان آنذاك في "العصر الإيراني" وكان اسم الرئيس يخرج من ممثل إيران في لبنان، حسن نصر الله، وكان الاعتقاد بأن العصر الإيراني سيطول لعقود، ولهذا كانوا مطمئنين إلى أنه بعد العماد عون يأتي سليمان فرنجيه رئيسًا. مفتاح مجلس النواب في يد أحد ضلعَي الثنائي الشيعي، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو لا يفتح مجلس النواب إلا إذا ضمن إنتخاب فرنجيه رئيسًا، ولأن هذا الأمر لم يتحقق، بقي المجلس مقفلًا، وكان التذرع بأن المطلوب الحوار للاتفاق على اسم الرئيس، لكن "أرنب" الرئيس بري كان يتمثَّل في أن طاولة الحوار وظيفتها الاتفاق على اسم فرنجيه، فكان رفض لها، لأنها أولًا غير دستورية، باعتبار أن الدستور لا يشترط عقد حوار يسبق جلسة الانتخاب. حدث ما لم يكن في الحسبان، انخرط "حزب الله" في "حرب الإسناد" ( لغزة ) ومشاغلة (الجيش الإسرائيلي)، كان يعتقد أن الحرب لن تطول لكن كل حساباته كانت خاطئة، استُنزِف في "حرب الإسناد والمشاغلة" 11 شهرًا، ثم بدأت الحرب الشاملة وكانت الساعة الصفر منتصف سبتمبر الفائت، بتفجير أجهزة البيجر ثم كرت سبحة الاغتيالات التي وصلت إلى اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله .ثلاثية "شعب وجيش ودولة"عند هذا التحول بدأ "حزب الله" يستجدي وقفًا لأطلاق النار، وإنْ كان، من باب المكابرة، لم يُقر بذلك، فكان تفويض الرئيس نبيه بري لأجراء المفاوضات، وأطلق عليه الشيخ نعيم قاسم اسم "الأخ الأكبر" . تمت المفاوضات تحت النار والدمار وعلى وقع الاغتيالات، إلى أن انتزع "الأخ الأكبر" التفويض الأكبر من "حزب الله"، ومن ورائه إيران، بالسير في اتفاق وقف النار الذي صاغه الأميركيون، وعند الموافقة عليه يكون لبنان قد دخل في "العصر الأميركي" فالاتفاق سيرعى تنفيذه جنرال أميركي، هو على رأس فريق مراقبة تنفيذ الاتفاق، هكذا يكون لبنان قد عاد، وهو معتاد على ذلك، إلى عهد "المتصرفية " أو "الوصاية " لكنها هذه المرة "متصرفية أميركية"."وصاية أميركية"، وحين يكون الأمر كذلك، فإننا أمام رئيس يحمل بروفايلًا غير بعيد عن التوجه الأميركي.بهذا المعنى يكون استُبعِد مرشح ثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، ومقولة حسن نصرالله، "هيدا عين وهيدا عين" تكون قد سقطت بفعل الظروف، فلكل عصر رئيسه، ولأن لبنان دخل في العصر الأميركي، فإن الرئيس الذي سيخرج من صندوق الأقتراع في 9 يناير المقبل، سيكون"أميركي الهوى"، أما العصر الإيراني الذي انطبق على العهد السابق، فيبدو أنه لن يتكرر، والعين الثانية التي تحدث عنها حسن نصرالله لن تبصر قصر بعبدا.بالعهد سيكون عهد ثلاثية "شعب وجيش ودولة" التي تحل محل الثلاثية المنتهية الصلاحية "شعب وجيس ومقاومة".(المشهد)