قبل أيام نشر المرشد الإيراني علي خامنئي على حسابه في منصة "إكس" ما يلي: "ليس الشباب السوري ما يخسره. جامعته، مدرسته، منزله، وحياته كلها غير أمنة، فماذا يفعل؟ يجب عليه أن يقف بإرادة قوية امام أولئك الذين خططوا ونفذوا لهذه الحالة من انعدام الأمن، وسيتغلب عليهم إن شاء الله". تبعه وزير الخارجية عباس عراقجي، قال: "من يعتقدون تحقيق انتصارات في سوريا عليهم التمهل في لحكم فالتطورات المستقبلية كثيرة". ثم عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي الذي ذهب أبعد قائلا: "في أقل من عام سيعيدون إحياء المقاومة في سوريا بشكل مختلف وسيبطلون المخطط الشرير والمخادع لأميركا ووالدينا الإسرائيلي ودول المنطقة". أما نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف فحذر من نشوب حرب أهلية شاملة في سوريا!"حزب الله": السلاح باقما تقدم هو غيض من فيض المواقف الصادرة من طهران بخصوص التغيير الجيوسياسي الكبير الذي حصل في الأشهر القليلة الماضية، وقد تُوّج بإسقاط نظام الأسد في دمشق، وإنهاء الوجود الإيراني في البلاد. الخسارة هائلة ويستحيل تعويضها في ظل الضربة القاصمة التي تلقتها في لبنان أهم الفصائل المرتبطة بها، أي "حزب الله"، بحيث أن تزامن الانهيار في البلدين المتصلين جيوسياسيا شكل كارثة كبيرة لحقت بالمشروع التوسعي الإيراني الذي استثمر فيها النظام على مدى 4 عقود متتالية، فإذ به ينهار في أقل من 3 أشهر على يد إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة. والحقيقة أن الانهيار في لبنان كبير على الرغم من أن "حزب الله" بدأ يحاول استجماع قوته العسكرية وترميم ما أمكن ترميمه من قدرات، وإعادة تنظيم وصفوفه بمن بقوا. ولذلك نشأ تباطؤوا من قبل الحزب المذكور في تنفيذ ما يقع على عاتقه وفق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته الحكومة اللبنانية بناء على مواقفه التامة والصريحة. ويتضمن فيما بند الانسحاب الكامل من منطقة جنوب نهر الليطاني تفكيك بناه العسكرية فيها أو تسليمها للجيش اللبناني كبداية لمرحلة لاحقة تشمل المناطق شمال الليطاني وفقا للقرار 1559 المعني بحل جميع الميلشيات على الأراضي اللبنانية. ومن جهتها إسرائيل تستغل الوضع لمزيد من الخروقات للاتفاق والتوغل أكثر في الجنوب اللبناني حتى أن جيشها وصل إلى عمق يتراوح بين 8 و10 كيلومترات من الحدود، مواصلا تدمير القرى والبلدات الجنوبية وجرف الأراضي الزراعية لتطرد كل مقومات الحياة في المنطقة. أكثر من ذلك عاد الطيران الإسرائيلي إلى شن غارات على بنى تحتية عسكرية للحزب المذكور شمال نهر الليطاني. كل هذا يشير إلى أن اتفاق وقف النار يهتز والبعض يقول إنه يترنح وآيل ربما إلى الانهيار قبل أن تنتهي مدته المحددة بـ60 يوما. ومن المهم بمكان التذكير برفض "حزب الله" البحث بفكرة تسلم السلاح للجيش اللبناني، واعتبار أن ما ينطبق على جنوب الليطاني لا ينطبق على شماله. ويعتبر قادة من الحزب أن السلاح باق وسيبقى وأن ما يسمونها "مقاومة" لن تسلم سلاحها لأي جهة، مع استعدادها لتنسيق إستراتيجي مع الجيش اللبناني ضمن ما يسمى إستراتجية دفاعية لحماية لبنان. هذا الموقف يمثل تمردا في لبنان يهدف إلى المحافظة على الوظيفة العسكرية والأمنية للحزب على الرغم من أنه سيخرج منّ المنطقة الحدودية مع إسرائيل. وثمة مواقف إيرانية داعمة لاستمرار وظيفة "المقاومة" في لبنان.مصير "الحوثي" على المحكوإذا ما قاطعنا الموقف الإيراني الحاد من التحول في سوريا وخصوصا أن الأخيرة تمثل حجر الرحى في إستراتجيتها الإقليمية وتهديدها بقلب الأوضاع، ودعوة مرشدها المناصرين في سوريا بشكل بالكاد مبطن إلى التمرد على الحكم الجديد، فإن بوادر التمرد الإيراني على عاصفة التغيير يبدو أنه يشمل سوريا واستطرادا لبنان. فلا يمكن حماية النفوذ الإيراني في لبنان من دون العودة إلى سوريا وإن بشكل جزئي. و من هنا التحريض الإيراني في الداخل السوري، إضافة إلى محاولة تنظيم وصفوف بقايا النظام في العديد من المنطاق من أجل افتعال قلاقل أمنية والتسلل منها مجددا إلى الساحة. ومع أن الساحة العراقية تبدو مقلقة لطهران حيث إن الضغوط على فصائلها هائلة إلى حد دفع هذه إلى وقف كل العلميات العسكرية ضد إسرائيل والقواعد الأميركية كما كان عليه الوضع خلال الفترة السابقة، فإن المنصة الوحيدة العاملة بقوة إنما من دون فاعلية هي مناطق سيطرة جماعة "الحوثي" في اليمن. غير أن التأثير على مجرى الأمور في سوريا، لبنان وغزة ضعيف للغاية. وخصوصا أن مصير جماعة "الحوثي" بات على المحك. من هنا يبدو أن طهران قررت أن تتمرد!