حرب الإشعال والإشغال في لبنان والمنطقة، والمعنى كيف سيغطي نتانياهو مخططه لحسم الحرب على غزة، وتحقيق مشروعه في الضفة من خلال إشعال الحرب في لبنان التي قد تمتد إلى سوريا، وجر إيران إليها. حين خططت إسرائيل لاحتلال الضفة الغربية التي كانت تحت الإدارة الأردنية، وقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية، رأت أنه لا بد أن يتحقق ذلك بالحرب، وفعلا اندلعت حرب الأيام الستة في 5 يونيو 1967، والآن يضيق المقال هنا للحديث عن الكيفية، لكن المهم أنه لحقت هزيمة بالجيوش العربية التي خاضت الحرب مع إسرائيل حينها، وانتهى الأمر باحتلال إسرائيل الضفة وغزة وأخضعتهما للحكم العسكري، بالإضافة إلى احتلال أراض في سوريا ومصر، وسميت نكسة 67 بعد نكبة 48.مخطط ضم الضفة الغربية لإسرائيل الآن لدى إسرائيل مخطط بعد احتلال الضفة وغزة لمدة 57 سنة، وبالمناسبة حين يقول إسرائيلي، مسؤولا كان أم كاتبا أم محللا، إن إسرائيل انسحبت من غزة عام 2005 فهذا هراء، لأن إسرائيل واصلت احتلالها للقطاع بالتحكم ببره وبحره وجوّه، فصياد السمك كان عليه -حتى قبل 7 أكتوبر- أن يحصل على إذن من إسرائيل التي تقرر للصيادين الفلسطينيين المسافة البحرية التي يمكن أن يمارسوا فيها مهنة الصيد، وكانت بالمناسبة مسافة قصيرة جدا. ما المخطط إذن؟ المخطط ضم الضفة الغربية لإسرائيل، وحسم موضوع غزة بطريقة مختلفة، وتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين منهما. ويمكن لقارئ أن يسأل ما علاقة هذا بحرب لبنان، والجواب هو أنه لكي ينفذ نتانياهو مخططه لا بد من تحييد الأنظار عما يفعله في غزة وما سيفعله أكثر، وما سوف يفعله في الضفة من خلال حرب أكبر تتركز فيها الأنظار على المستجد – وهو حرب لبنان في هذه الحالة-، فتنشط الدبلوماسية لأسابيع لإيجاد صيغ لوقف إطلاق النار بين أطراف هذه الحرب، في وقت تنفذ إسرائيل مخططها في الضفة وغزة بعيدا عن الأنظار. ولعل دليلا سريعا يخدم هذا الكلام، فقبل أيام قتل القصف الإسرائيلي وأصاب عشرات الفلسطينيين في غزة، ولم يتنبه الكثير إلى ذلك حتى في أغلب الإعلام، فنتانياهو الذي نقل الحرب إلى لبنان نقل معها الأعين والاهتمام هناك، خصوصا أن كلفة الضحايا كانت كبيرة على اللبنانيين، ومن الواجب الإنساني والإعلامي والسياسي الاهتمام بما يحدث للبنانيين ولبنان، وهذا ما يريد أن يستغله نتانياهو."مانيفيستو نتانياهو" لأختصر الكلام في التعريف بمزيد عن خطة نتانياهو للضفة وغزة سأحيلكم إلى كتاب من تأليفه عنوانه "مكان بين الأمم"، وله ترجمة أخرى "مكان تحت الشمس"، أصدره في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، ويمكن وصفه "مانيفيستو نتانياهو"، فما يفعله اليوم هو تطبيق لما قاله في كتابه ووعد اليهود به، والمفارقة أن نتانياهو هاجم في كتابه أكثر من نصف مجتمعه الإسرائيلي، ووصفهم باليسار الذي خدعته منظمة التحرير الفلسطينية، كما أنه وصف إسحاق رابين وشمعون بيريز بالخائنين لمجرد أنهما فكرا في تخفيف قبضة الحكم العسكري للشعب الفلسطيني وإعطائه نوعا من الحكم الذاتي. هذا مخطط نتانياهو لضم الضفة وتهجير أهل غزة، وتحقيق "إسرائيل اليهودية من البحر إلى النهر"، لكن ليس بالضرورة أن ينجح نتانياهو في ذلك، مثلما ليس حتما أن ينجح كل مخطط، ففشل ذلك، أو إفشاله، ويكون منوطا بمدى فعالية النضال الفلسطيني وصمود الفلسطينيين على أرضهم، وقدرة الموقف العربي الموحد على صياغة إستراتيجية للتصدي لذلك، ومساعدة الشعب الفلسطيني على نيل حقه في دولته المستقلة وعاصمتها القدس.