بالنسبة إلى "حزب الله" لم يتغير شيء بعد الحرب. فوفق معلومات خاصة من داخل التنظيم، فإن العمل جار على قدم وساق من اجل إعادة بناء قدراته العسكرية والأمنية. فالقرار الإقليمي الذي ينبع من طهران، يقود الحزب إلى اتباع سياسة التحايل على القرارات الدولية خصوصا القرارات 1701، 1680 و1559 التي تعالج مسألة السلاح غير الشرعي في لبنان."حزب الله" يتجهز مجددا ومن الناحية العملية فإنها تعني بكل وضوح نزع كل سلاح غير شرعي، و في المقدمة سلاح "حزب الله" أو ما بقي منه. وتحول الحزب نحو العمل السياسي والاجتماعي كغيره من الأحزاب اللبنانية بعيدا عن شعارات ما كان يسمى "مقاومة" التي سقطت في "حرب الإسناد" التي خاضها الحزب المذكور طوال عام تحت عنوان دعم حركة "حماس" في غزة. وثمّة معلومات تشير إلى أن عمليات تمويل الحزب بأموال من إيران ومعها فصائل تابعة لها في المنطقة لم تتوانى عن محاولة خرق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء. القضية لا تقتصر على محاولة تمويل الحزب ليعيد بناء نفوذه وسطوته في البيئة التي تحتضنه، بل إن الحزب لم يخرج بعد عسكريا من منطقة عمليات "اليونيفيل" جنوبي نهر الليطاني، لا بل أنه يعيد تدريجيا أعداداً من مقاتليه تحت عنوان الأهالي العائدين إلى قراهم وبلداتهم حتى تلك المدمرة بشكل شبه كامل.أكثر من ذلك عاد العمل الأمني وسط البيئة، وفي مناطق البيئات الأخرى خصوصا في العاصمة بيروت وجبل لبنان، وثمة عمليات نقل أسلحة من مستودعات إلى أخرى، وتغيير أمان المقرات العسكرية والأمنية. أضف إلى ذلك النشاط العسكري والأمني عند الحدود مع سوريا حيث تدخل عناصر من الحزب بشكل دائم إلى الداخل السوري لأغراض أمنية، و لمراقبة مخابئ أسلحة وأموال وأصول مختلفة في سوريا.تمويل "حزب الله" وفيما يحاول الحزب تحت غطاء العائلات والعشائر جانبي الحدود حماية منابع تمويل مهمة مصدرها التجارة بجميع أصناف الممنوعات و تهريبها، فإن الأميركيين يرصدون بشكل دوري تحركات مريبة لعناصر "حزب الله" عند سلسلة جبال لبنان الشرقية التي تشكل الحدود مع سوريا وفيها العديد من الأنفاق ومخابئ الأسلحة المحفورة في عمق الجبال. ومن الواضح أنّ الاشتباكات الأخيرة بين قوات الإدارة السورية الجديدة وعناصر لبنانية تنتمي إلى الحزب وإلى عصابات تهريب الممنوعات عبر الحدود، تندرج في إطار محاولات الحزب المذكور إحياء مصادر تمويله العابرة للحدود، والإبقاء على جهوزية قتالية في المناطق المحاذية للحدود مع سوريا. بعض المراقبين في بيروت يعتبرون أن تعزيز الحزب جهوزيته القتالية في مناطق البقاع الشمالي جزء من زيادة الضغط على الداخل السوري في إطار سياسة إيرانية أوسع تعمل على محاصرة الإدراة السورية الجديدة من جهة العراق ولبنان وبشكل غير مباشر لجهة شرق الفرات. ما تقدم يشي بأن "حزب الله" يرفض التخلي عن سلاحه، واستطراداً عن وظيفته الإقليمية التي تأسس من أجلها. معنى ذلك أن التفاؤل الطاغي في لبنان إثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة و تشكيلها، لا يلغي واقع التحديات الخطيرة التي سيواجهها الحكم في لبنان مع بروز علامات ومؤشرات تمرد "حزب الله" على القرارات الدولية على سياسة الحكومة الجديدة التي سيتعين عليها نزع السلاح غير الشرعي اللبناني والفلسطيني على مساحة لبنان. إنها مهمة شبه مستحيلة!