في سياق التطورات الحالية، تظهر واقعية الأوضاع المتعلقة بأزمة أوكرانيا، حيث أكد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، على استمرار العمليات العسكرية في البلاد نتيجة لعدم رؤية موسكو لأي تقدم في عملية السلام، موجهاً انتقادات حادة إلى محاولات السلام التي قدمها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشيراً إلى أن الدول التي تناقش تلك المحاولات تفعل ذلك من دون مشاركة روسيا.ويظهر التصاعد في الأزمة الأوكرانية وعدم تحقيق أي تقدم يذكر في الحلول السلمية، رغبة من الغرب منع كييف من التفاوض الأمر الذي يدفع إلى استمرار العمليات العسكرية من جانب موسكو.من ناحية أخرى، تتصاعد الأوضاع بين أوكرانيا وروسيا، حيث تعتبر أوكرانيا أن الوضع لن يستقر إلا بطرد آخر جندي روسي من أراضيها، فيما يؤكد الغرب أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم دون تحمل أوكرانيا نحو المسؤولية.بالتالي، سبق وأن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول النزاع في أوكرانيا على أنه معركة للحفاظ على وحدة روسيا ومواجهة التحديات الغربية، وفي ظل مرور عامين من النزاع، تسيطر موسكو على نسبة معينة من الأراضي الأوكرانية، ولم تحقق الهجمات الأوكرانية المضادة أي تقدم إقليمي ملموس.صعوبات نحو التسويةيبرز الصراع الراهن في أوكرانيا الصعوبات التي تواجه أي محاولة للتسوية، وذلك في ظل اتهامات الأطراف المتنازعة بالعديد من القضايا، مما يجعل الحلول الدبلوماسية أمراً بعيد المنال، وهذا الواقع يقودنا إلى مسألة غاية في الأهمية وهي الاجتماع في الرياض حول مسار السلام في أوكرانيا ومن دون روسيا وبشكل سري، بالتالي، إن اجتماع الرياض حول أوكرانيا، الذي نظمته المملكة العربية السعودية، أثار العديد من التساؤلات حول الهدف منه والنتائج المتوقعة، خصوصا بعد استبعاد مشاركة روسيا في هذا اللقاء، لكن يمكن تقييم هذا الاجتماع من خلال عدة نقاط:بالنسبة لغياب روسيا، إن استبعادها من الاجتماع يعكس حالة من عدم التوازن في المحادثات حول الأزمة الأوكرانية، فالتحديات الرئيسة لحل النزاع تستدعي وجود جميع الأطراف الرئيسة، وغياب روسيا يعني فقدان الفرصة لتحقيق توازن في الحوار والتأكيد على شرعية أي اتفاق، أما بالنسبة لتعزيز الدور الإقليمي، قد يكون الاجتماع هو محاولة لتعزيز دور دول المنطقة في حل الأزمة والتأثير على المستوى الإقليمي، ولكن أيضاً يجب أن يتم هذا بتعاون وتنسيق مع الجهات الدولية الأخرى، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان نجاح الجهود الدبلوماسية.إنما الأقرب إلى المنطق، قد يكون الاجتماع مسعى سعوديا قد يتوسع ليشمل دولاً أخرى كالإمارات على سبيل المثال، لتقديم رؤيتها حول الأزمة الأوكرانية والدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الدول في تحقيق الاستقرار والسلام، خصوصا وأن كان لها دور بارز في ملف تبادل الأسرى بين الجانبين الروسي والأوكراني.بالتالي، إذا تمت إعادة النظر في هذا الاجتماع كخطوة لتحفيز المسار الدبلوماسي وتعزيز الحوار بين الأطراف المعنية، فإن ذلك قد يعتبر خطو إيجابية، ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك بروح من التعاون والمرونة لضمان استجابة فعّالة للتحديات الأمنية والإنسانية في المنطقة.الموقف الغربيإن تغير موقف الغرب من الأزمة الأوكرانية يشير إلى تطورات دبلوماسية مستجدة، فالتحول نحو الحل السلمي، بدايةً، يُلاحظ تغير في التركيز نحو الحلول السلمية للأزمة الأوكرانية، بدلاً من التركيز على الحلول العسكرية، حيث يبدو أن هناك رغبة متزايدة في التفاوض والحوار لتحقيق تسوية دبلوماسية، وهنا يبرز التأكيد على الدور الدولي، حيث يبدي الغرب تأكيداً على أهمية دوره الدولي في التسوية والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وهذا يتضح من خلال المشاركة في مبادرات دبلوماسية والتعبير عن التزامه في إيجاد حلول للأزمة.النقطة المهمة الأخرى هي ضغوط الرأي العام، الذي يمكن أن يكون تغير الموقف مرتبطاً به فضلاً عن المجتمع الدولي بصورة عامة الذي يدعو إلى وقف القتال والسعي نحو السلام، وقد يكون الغرب يستجيب لهذه الضغوط من أجل الحفاظ على الدعم الداخلي والدولي، خصوصا وأن الكثير من الدول هي على موعد مع استحقاقات انتخابية ومن المصلحة في مكانٍ ما العمل وفق المزاجين الشعبي والدولي.النقطة الأبرز تكمن في مسألة التأثيرات الاقتصادية والإنسانية، خصوصا وأن هذه الأزمة أثرت على الاقتصاد والحياة الإنسانية في المنطقة، ومحاولة تفعيل خطة السلام عامل محفز لتغير المواقف نحو إيجاد حل فعال.في النهاية، حتى لو لم تبصر أي مبادرة النور بما في ذلك الجانب الروسي الذي ينتظر معرفة من سيكون رئيس الولايات المتحدة المقبل، إلا أن الرؤية والأولويات تذهب نحو حلول دبلوماسية وسلمية، مما يظهر استعداد الغرب للتفاوض والعمل على إيجاد حل سريع وفعّال للأزمة الأوكرانية.