هل الجنوب السوري خارج سيطرة الدولة السورية؟ وهل عدم حضور قادة فصائل السويداء وبعض قادة فصائل درعا لـ"مؤتمر النصر" يجعل سيادة الدولة غير مكتملة على أراضيها؟مقاطعة فصائل السويداء للتذكير "مؤتمر النصر" عقدته "هيئة تحرير الشام" مع 80 فصيلاً عسكرياً في 29 يناير الماضي وأعلنت من خلاله أحمد الشرع قائد إدارة العمليات العسكرية رئيساً انتقالياً لسوريا، فهل عدم حضور بعض الفصائل سيؤثر على مستقبل سوريا واستقرارها السياسي، وخصوصا أن بعض الفصائل ربطت الحضور والتعاون مع دمشق بعقد مؤتمر حوار وطني وكتابة دستور وتشكيل حكومة جامعة؟يؤكد بعض العارفين بالأمر أن مقاطعة فصائل السويداء كان بقرار جماعي لعدم تلقيهم دعوة رسمية بشكل مباشر من قبل القائمين على المؤتمر، على الرغم من أن هناك فصائل كان لديها رغبة بالحضور، بينما اعترضت أخرى على شكل الدعوة وطريقة توجيهها وعدم معرفة أجندة المؤتمر ودورهم فيه، لذا يُعتقد أن الغياب لم يكن إلا لتسجيل موقف .أما في درعا فيرى بعضهم أن أحمد العودة قائد اللواء الثامن الذي كان على علاقة وثيقة مع روسيا بعد عقد اتفاق الجنوب في يوليو 2018 تلقى دعوة رسمية، لكنه فضل عدم حضور المؤتمر بشكل شخصي وأرسل ممثلين عنه، ما أرسل إشارة واضحة أنه لن يكون مجرد رقم في الجيش السوري الجديد، حتى أن الناطق باسم اللواء الثامن، نسيم أبو عرة قال لفرانس برس في 7 يناير الجاري: إن قواته غير مقتنعة بـ"فكرة حل الفصائل" فلديها سلاح ومعدات ثقيلة وتجهيزات كاملة، معرباً عن اعتقاده بأنه من الأجدى أن تندمج كجسم عسكري مع وزارة الدفاع.هنا يجب أن نؤكد أن غرفة عمليات الجنوب كانت أول من دخل العاصمة في 8 ديسمبر، حتى أن العودة اجتمع مع الشرع بعد يومين من دخول دمشق، لكنه لم يشارك بعد ذلك في الاجتماع الذي ترأسه الأخير في 25 ديسمبر الماضي.اللافت أيضاً أن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة كان صرّح لصحيفة واشنطن بوست أن "حوالي 100 من الفصائل المسلحة في سوريا وافقت على الاندماج ضمن وزارة الدفاع، لكن هناك بعض المجموعات التي لا تزال مترددة، من بين هذه المجموعات أحمد العودة قائد اللواء الثامن في الجنوب السوري".الهوة بين العودة والشرع لكن مصدراً في وزارة الدفاع قال إن "تصريحات وزير الدفاع فُهمت بطريقة مغلوطة وأن التنسيق بين اللواء الثامن والقيادة السورية الجديدة في دمشق يجري على أعلى المستويات، في حين نفى اللواء الثامن وجود أي خلافات أو تردد"، مؤكدًا أن اللواء متعاون مع القيادة السورية الجديدة، وأنه بصدد فتح مركز تابع للأمن العام في مدينة بصرى الشام، والتي تُعد المعقل الرئيسي لتواجد اللواء في الجنوب السوري. ربما ما زاد الهوة بين العودة والشرع هو القرار الذي أصدره وزير الدفاع مرهف أبو قصرة في 22 يناير الماضي بتعيين العقيد بنيان أحمد الحريري الملقب "أبو فارس درعا" قائداً عسكريًا لمنطقة حوران، ما جعل العودة يشعر أنه أصبح خارج المشهد.لكن بعضهم يرى أن مهمة الحريري ليست سهلة لأنها تأتي في وقت يواجه فيه الجنوب السوري العديد من التحديات كتهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود مع الأردن، وسحب السلاح المنتشر بشكل غير قانوني في المدن والبلدات الجنوبية، إضافة إلى أن الفصائل العاملة في الجنوب قد تجد نفسها يوماً في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تتوغل في كل من درعا والقنيطرة وتقوم باعتداءات شبه يومية، لذا يرى البعض إن رفض أي فصيل مسلح الاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع يُعتبر تهديداً للأمن الوطني وقد يؤدي إلى عودة الصراع المسلح، والمشكلة الأكبر هي في وجود قوى دولية أو جهات خارجية قد تستغل مثل هذا الرفض وربما تعمل على تغذيته ورعايته.والسؤال الآن؟ متى سيكتمل مشهد سوريا الموحدة من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها دون فصائل عسكرية مستقلة، ومناطق إدارة ذاتية أو ما شابه؟!