كشف أحد الأطباء عن علامات صحية "غريبة" قد يكون ظهورها مؤشرًا إلى نقص خطير في نسبة اليود في الجسم. ويُعدّ اليود معدنا أساسيا يساعد على إنتاج هرمونات الغدة الدرقية التي تحافظ على صحة الخلايا وتنظم معدل الأيض (سرعة التفاعلات الكيميائية) في الجسم. إنّ إهمال الحصول على كميات كافية من هذا العنصر ينعكس سلبا على الصحة وقد يؤدي إلى اضطرابات وأعراض غير مألوفة. وتحذّر منظمة الصحة العالمية من أن ما يقارب ملياري شخص حول العالم قد لا يحصلون على كفايتهم من اليود، مما يجعل نقصه مشكلة صحية عالمية مقلقة. أهمية اليود اليود ضروري للحفاظ على وظائف الغدة الدرقية بشكل سليم، فبدونه لا تستطيع هذه الغدة إنتاج ما يكفي من الهرمونات لتنظيم عمليات الأيض وبناء خلايا الجسم. يؤدي نقص اليود إلى قصور في وظيفة الغدة الدرقية (hypothyroidism) وما يرافقه من مشكلات صحية مثل الخمول وزيادة الوزن والشعور الدائم بالبرد. ولحسن الحظ، يحصل معظم الناس على حاجتهم اليومية من اليود عبر الغذاء المتوازن، خاصة من خلال استهلاك حليب الأبقار ومشتقاته والبيض والأسماك البحرية والمحار. لكن هذا لا ينطبق على الجميع، فإذا كنت تتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا صارمًا لا يتضمّن أي أسماك أو بيض أو حليب أو منتجات ألبان أخرى، فقد تكون معرّضا لنقص اليود أكثر من غيرك. في هذه الحالة ينصح الأطباء بالتفكير في تناول أطعمة مُدعّمة باليود أو استشارة الطبيب بشأن تناول مكملات اليود لتعويض النقص. ويجدر التنويه إلى أن الإفراط في تناول اليود قد يكون ضارا أيضا بوظائف الجسم، لكن استهلاك ما يصل إلى 0.5 ملغ يوميًا يُعتبر آمنًا ومن غير المرجح أن يسبب أضرارًا جانبية لدى معظم الأشخاص. الحفاظ على التوازن الغذائي هو الحل الأمثل لضمان مستوى مناسب من اليود في الجسم دون نقصان أو زيادة. العلامات السبع يوضح الدكتور إيريك بيرغ (وهو متخصص في النظم الغذائية الصحية) أن نقص اليود أصبح أكثر شيوعًا في عصرنا الحالي بسبب تدهور جودة التربة واستخدام بعض المواد الكيميائية في إمدادات المياه. وقد حدّد الدكتور بيرغ سبع علامات تحذيرية ينصح بعدم تجاهلها مطلقًا عند ظهورها، لأنها قد تشير إلى انخفاض مستوى اليود في الجسم: ترقق الشعر في الجزء الخارجي من الحاجبين: أي فقدان كثافة شعر الحاجب في الثلث الخارجي الأقرب للأذنين. تساقط الشعر: فقدان غير طبيعي للشعر من فروة الرأس. بحة الصوت: تغير نبرة الصوت إلى الخشونة أو انخفاض الصوت بشكل ملحوظ. تضخم اللسان: ازدياد حجم اللسان بشكل غير معتاد (قد يُلاحظ على شكل انطباعات أو انبعاجات تظهر على جانبي اللسان نتيجة تورّمه). زيادة الوزن غير المبررة: اكتساب الوزن بشكل مفاجئ دون تغيير في نمط الغذاء أو النشاط البدني. ارتفاع مستويات الإستروجين: اختلال في التوازن الهرموني وارتفاع هرمون الإستروجين الأنثوي بشكل غير طبيعي. انخفاض معدل الذكاء: تراجُع القدرات المعرفية أو صعوبات في التفكير والاستيعاب على المدى الطويل. جدير بالذكر أنّ ظهور إحدى هذه العلامات لا يعني بالضرورة الإصابة بنقص اليود بشكل قاطع، ولكنه جرس إنذار يستدعي الانتباه. ويُنصح بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتحقق من سبب هذه الأعراض والوصول إلى التشخيص الجذري. يُفسّر الدكتور بيرغ أن نقص اليود يمكن أن يظهر من خلال مجموعة من الأعراض الواضحة والمتزامنة. على سبيل المثال، قد يعاني الشخص من تساقط الشعر جنبا إلى جنب مع ترقّق ملحوظ في شعر الحاجبين، وكذلك الشعور المستمر والمزعج بوجود كتلة في الحلق رغم عدم وجود شيء فعلي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ملاحظة تغيّرات في شكل اللسان مثل ظهور انطباعات (انبعاجات) على جانبيه نتيجة تضخمه. وغالبًا ما يصاحب هذه الحالات زيادة غير مبررة في الوزن رغم ثبات النظام الغذائي للشخص. كل هذه العلامات الجسدية تشير إلى احتمال نقص اليود وتستدعي متابعة الحالة عن كثب. تأثير نقص اليود من ناحية أخرى، يرتبط نقص اليود في الجسم بحدوث اضطرابات هرمونية قد تكون لها انعكاسات خطيرة على صحة الفرد، فعندما ينخفض مستوى اليود، تختل عملية تنظيم بعض الهرمونات وخاصة هرمون الإستروجين، إذ يرتفع مستواه في الجسم فيما يُعرف بحالة هيمنة الإستروجين لدى النساء. يؤدي هذا الخلل الهرموني إلى ظهور أعراض مزعجة مثل تراكم الدهون في منطقتي الأرداف والوركين لدى المرأة، بالإضافة إلى دورات شهرية أكثر غزارة وألما من المعتاد نتيجة اضطراب التوازن الهرموني. وقد يعاني الأشخاص الذين لديهم نقص في اليود أيضا من نوبات صداع متكررة دون سبب واضح كجزء من هذه الاضطرابات.ولا يقتصر تأثير نقص اليود على الجانب الجسدي فحسب، بل يمتد ليشمل الصحة العقلية ووظائف الدماغ أيضًا. ويُحذّر الأطباء من أن نقص اليود يمكن أن ينعكس سلبا على القدرات الذهنية للفرد، حيث يؤدي إلى ضعف في الذاكرة وصعوبة في التركيز والانتباه. ويربط المختصون ذلك بالعلاقة الوثيقة بين صحة الغدة الدرقية وعمل الدماغ، فاختلال وظائف الغدة بسبب نقص اليود يعني بالضرورة تأثر الأداء العقلي والعصبي. وفي الحالات المزمنة، قد يلاحظ أيضا تراجع في معدل الذكاء أو بطء في التطور المعرفي، خاصة إذا حصل النقص في مراحل النمو. وإضافة إلى ذلك، قد يؤدي اختلال الهرمونات الناتج عن نقص اليود إلى تقلّبات مزاجية وتأثيرات على الحالة العاطفية للفرد، ما يؤثر على نوعية الحياة بشكل عام. يجدر التنويه إلى أن مشكلة نقص اليود لا تقتصر على فئة عمرية معينة، إذ يمكن أن تصيب الأشخاص في مختلف مراحل العمر، من الأطفال إلى كبار السن. كما أنها تُعتبر من أكثر اضطرابات الغدة الدرقية انتشارًا على مستوى العالم نظراً لارتباطها بنقص أحد العناصر الغذائية الأساسية. ويختتم الخبراء بالتأكيد على الأهمية البالغة لليود في الحفاظ على التوازن الهرموني ودعم الصحة الإنجابية وتعزيز الأداء الذهني والعاطفي للإنسان. لذلك فإن الحفاظ على مستوى اليود ضمن الحدود الطبيعية يعد مفتاحا لصحة جسدية وعقلية مستقرة. الإفراط في تناول اليود على الرغم من كل ما سبق، فإن الحصول على المزيد من اليود ليس دائمًا أفضل، فالإفراط في تناول اليود يمكن أن يسبب مشاكل صحية أيضا، منها فرط نشاط الغدة الدرقية واضطرابات أخرى. يوصي الأطباء بألّا يتجاوز الاستهلاك اليومي لهذا العنصر 500 ميكروغرام (0.5 ملغ) كحد أقصى آمن لمعظم الأشخاص. تجاوز هذا الحد بجرعات كبيرة ولفترات طويلة قد يؤدي إلى آثار عكسية على وظيفة الغدة الدرقية وصحة الجسم بشكل عام. لذا من المهم تجنب الإفراط بنفس قدر تجنب النقص؛ فكلاهما قد يضر بالصحة. وينبغي الالتزام بتعليمات المختصين عند تناول مكملات اليود وعدم استخدامها عشوائيا إلا في حالة أثبتت الفحوصات وجود حاجة طبية لذلك. في الوقت نفسه، يؤكد الخبراء أن التوازن الغذائي هو السبيل الأمثل للحصول على الكميات الكافية من اليود. فبدلًا من الإفراط في المكملات، يُنصح باتباع نظام غذائي متنوع يحتوي على مصادر طبيعية غنية باليود. الأشخاص الذين يتبعون حمية نباتية صارمة أو حميات تفتقر إلى منتجات البحر والحيوانات عليهم إيلاء عناية خاصة بتعويض اليود عبر الأغذية المدعمة أو الاستشارة الطبية، وذلك لتفادي الوقوع في دائرة النقص أو اضطرارهم لاحقًا لتناول جرعات علاجية عالية. مصادر اليود الغذائية أفضل طريقة لتفادي نقص اليود هي الحرص على تناول الأطعمة الغنية به ضمن النظام الغذائي اليومي، وفيما يلي أبرز المصادر الغذائية لليود التي يُنصح بتضمينها في وجباتك المعتادة: الأسماك والمأكولات البحرية: تعتبر الأسماك البحرية مثل التونة والقد وثمار البحر مثل الروبيان (القريدس) والمحار من أغنى الأغذية باليود. الأعشاب البحرية (الطحالب): تعد الأعشاب البحرية مثل عشب الكِلْب (kelp) والنوري من أعلى المصادر الطبيعية تركيزًا باليود على الإطلاق. منتجات الألبان: يشمل ذلك حليب الأبقار واللبن (الزبادي) والجبن وغيرها من مشتقات الحليب الغنية باليود. البيض: صفار البيض تحديدًا يحتوي على نسبة جيدة من اليود ضمن مكوناته الطبيعية. الملح المُعالج باليود: يُعتبر ملح الطعام المعالج باليود من أسهل الطرق للحصول على اليود، إذ تُدعم كثير من أنواع ملح المائدة بعنصر اليود لتعويض النقص في الأغذية الأخرى. (يجب الاعتدال في استهلاك الملح لتجنب مشاكل صحية أخرى). إن نقص اليود مسألة صحية يجب أخذها على محمل الجد نظرا لدوره الجوهري في عمل الجسم، ولحسن الحظ، يمكن الوقاية من هذا النقص عبر نظام غذائي متوازن يشمل مصادر اليود الطبيعية، ومراقبة أي علامات غريبة قد تشير إلى اختلال في مستويات هذا العنصر. بهذه الخطوات البسيطة يمكن الحفاظ على صحة الغدة الدرقية وتوازن الصحة الهرمونية والعقلية، وتجنب المضاعفات الناجمة عن نقص أو فرط اليود على حد سواء. (ترجمات)