في تحول مفاجئ، قفز فيروس إنفلونزا الطيور H5N1، الذي يرتبط عادةً بالطيور، بشكل غير متوقع إلى أبقار الألبان في الولايات المتحدة. هذا التطور، الذي تم اكتشافه لأول مرة في مارس 2024، أثار موجات من القلق في المجتمع العلميّ وأثار مخاوف بشأن قدرة الفيروس على التكيّف والانتشار إلى أنواع جديدة، ما قد يهدد صحة البشر والحيوانات حول العالم.لطالما كان فيروس H5N1، الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات الإنفلونزية الأوسع، مصدر قلق في صناعة الدواجن وبين مجموعات الطيور البرية. فقدرته على التسبب في أمراض شديدة ومعدلات وفيات عالية في الطيور، أكسبته تصنيف "شديدة الإمراض". ومع ذلك، فإنّ ظهوره الأخير في أبقار الألبان يمثل تحولًا كبيرًا في فهمنا لقدرات الفيروس. ما السرّ وراء إصابة الأبقار بإنفلوانزا الطيور؟ أجرى باحثون من جامعة ولاية آيوا، بقيادة راهول نيلي وتود بيل، دراسة لفهم كيفية تمكن هذا الفيروس من إصابة الثدييات مثل الأبقار والتكاثر فيها. نتائجهم، التي نُشرت في مجلة الأمراض المعدية الناشئة، تلقي الضوء على الآليات الجزيئية التي سمحت لهذا الانتقال بين الأنواع. ونشير إلى أنه توجد هياكل تسمى مستقبلات حمض السياليك. تعمل هذه المستقبلات، الموجودة على سطح الخلايا، كمحطات إرساء للفيروسات. توجد أنواع مختلفة من مستقبلات حمض السياليك، وتقليديًا، تفضل فيروسات إنفلونزا الطيور الارتباط بنوع واحد (α2,3-مرتبط)، بينما تفضل فيروسات الإنفلونزا البشرية نوعًا آخر (α2,6-مرتبط). فحص الفريق البحثيّ أنسجة من أبقار الألبان المصابة، ووجدوا أنّ المسالك التنفسية والغدد الثديية لديها، تحتوي بشكل مفاجئ على كلا النوعين من المستقبلات. قد يفسر هذا الوجود المزدوج سبب تعرّض هذه الأبقار للإصابة بفيروس إنفلونزا الطيور.كما أظهرت الأبقار المصابة علامات المرض، بما في ذلك انخفاض إنتاج الحليب وتغيرات غير معتادة في قوام الحليب. عند الفحص الدقيق، وجد الباحثون أدلة على وجود الفيروس في كل من الرئتين والأنسجة الثديية للحيوانات المتأثرة. يثير هذا الانتقال غير المتوقع من الطيور إلى أبقار الألبان تساؤلات حول قدرة الفيروس على التكيف، وإمكانية إصابة أنواع أخرى من الثدييات، بما في ذلك البشر. في حين لا يوجد سبب فوريّ للذعر، فإنّ الوضع يبرز أهمية المراقبة المستمرة والبحث في مجال الأمراض الحيوانية المنشأ – تلك التي يمكن أن تنتقل بين الحيوانات والبشر.(ترجمات)