عن طريق الفم بدل الحقن، أحدث تطوير علاج مضاد لـ "كوفيد-19" موجة من التفاؤل، للحدّ من الفيروس. ولكن بعد عامين من الاستخدام للعقار "مولنوبيرافير"، ظهرت انتقادات للشركة الأميركية المصنّعة.ووجدت دراسة حديثة أنّ هذا الدواء قد يتسبب في ظهور متحوّرات خطرة مستقبلا. ونشرت مجلة "نيتشر" العلمية دراسة تفيد بأنّ العلاج الذي ابتكرته شركة "ميرك" الأميركيّة العملاقة، والذي يحتوي المادة الفاعلة "مولنوبيرافير"، يترك أثرا واضحًا في قواعد بيانات التسلسل العالمية لمجين الفيروس "الجينوم". وقال عالم الوراثة ثيو ساندرسون، أحد المشاركين في الدراسة: "هذا العلاج قد يؤدي إلى ظهور فيروسات تحوّرات بشكل كبير، وتبقى قابلة للحياة، أو حتى قابلة للانتقال في بعض الحالات".ورغم اعتبار أنّ استخدام عقار مولنوبيرافير يرتبط بظهور طفرات محددة، رفضت شركة "ميرك" المصنّعة له، لنتائج هذه الدراسة، حيث تتّهم المختبرات الأميركيّة المشاركة في الأبحاث، بأنها قد سلّطت الضوء من خلال دراستها فقط على وجود ارتباط بين علاجها والطفرات المذكورة، من دون تأكيد علاقة سببيّة بين الطرفين. ما هو "مولنوبيرافير"؟في هذا الإطار، أوضح استاذ ومستشار العلاج الدوائيّ للأمراض المُعدية د. ضرار حسن بلعاوي لمنصة المشهد، أنّ دواء "مولنوبيرافير" يعمل ليبدو وكأنه جزء من تركيبة الحمض النوويّ الريبوزي (RNA) - المادة الوراثية لفايروس كورونا - وبالتالي يملأ نسخ الفايروس المتكاثرة بأخطاء جينيّة lethal mutagenesis، ما يمنعها من الانتشار أكثر.وذكر الطبيب الأردنيّ أنّ الدواء حاصل على التصريح الطارئ للاستخدام من إدارة الغذاء والدواء الأميركية USFDA. وهذا ما أفادته أيضا، إذ أشارت "نيتشر" إلى أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية وافقت على عقار "مولنوبيرافير" بأغلبية ضئيلة، بينما رفضت الهيئة العليا للصحة الفرنسيّة اعتماده تماما. وقد انخفضت أهمية عقار شركة "ميرك" مؤخرا، ولكنه لا يزال يوصف على نطاق واسع في البلدان النامية بالتحديد.دراسات مختلفةكما تحدّث الطبيب عن دراسات عدة حول هذا الدواء وآثاره وهي:الدراسة الأولى دراسة مبكّرة على الفئران، أظهرت أنّ دواء "مولنوبيرافير" يمكن أن يمنع العدوى الناجمة عن فايروس كورونا. وذكر الطبيب المتحدث أنّ الدواء صُنع أصلًا لعلاج الإنفلونزا والتهاب الدماغ، مشيرا إلى أنّ الدواء ليس بديلًا عن اللقاحات، لكنه دواء فمويّ مضادّ للفيروسات، سيساعد الذين لا يستطيعون أخذ اللقاحات أو الذين أُصيبوا بكوڤيد-19 بأعراض بسيطة (أو المخالطين لهم) والمتوقع أنْ تتدهور حالتُهم. الدراسة الثانية أشارت تجربة سريريّة مبكّرة على 202 مشارك، أنّ دواء "مولنوبيرافير" قَلَّلَ بسرعة من مستويات الفيروس، وبالتالي من فُرص العدوى. الدراسة الثالثة وفي تجربة دولية اختبرت الدواء ضد متحورات مختلفة من كورونا (دلتا وغاما ومو وغيرها)، تم إعطاء الدواء بالفم للمرضى (خلال 5 أيام من الأعراض) الذين لديهم واحد أو أكثر من عوامل المخاطر لتدهور حالتهم (السكري، أمراض القلب، البدانة، أمراض المناعة، الخ..). ووجدت الدراسة أنّ الدواء قلَّلَ من خطر دخول المرضى إلى المستشفى بنسبة 50%. كما أنه لم تحصل أيّ وفاة للذين تلقوا الدواء، مقارنةً بثماني وفيات تلقّوا الدواء الوهمي. كما لم تظهر للدواء أعراض جانبيّة شديدة أو غير مرغوب فيها. الدراسة الرابعة في المقابل، وجدت دراسة حديثة أنّ عقار "مولنوبيرافير" لم يقلّل من خطر دخول المستشفى أو الوفاة بين المرضى الذين تم تطعيمهم بلقاح كورونا، والمعرضين لمخاطر عالية، والذين يواجهون متغيّر أوميكرون، ولكنه أدى إلى تسريع وقت التعافي.مدى خطورة متحور كوروناوبالعودة إلى الدراسة الأولى، حول زيادة طفرات كورونا بسبب الدواء، أوضح بلعاوي أنّ العلماء وجدوا أنّ الطفرات كانت أكثر شيوعًا في البلدان التي استخدمت أكبر كمية من "مولنوبيرافير"، مثل المملكة المتحدة وأستراليا، والولايات المتحدة واليابان.ووجدت التحليلات الإضافية أنّ الطفرات المميزة كانت أكثر شيوعًا في فيروسات كورونا المأخوذة من المرضى الأكبر سنًا، الذين كانوا أكثر عرضة للعلاج بالدواء.وأشارت الدراسة إلى أنّ الطفرات المتكوّنة لا تشكل خطورة بشكل فوريّ ولا تبدو معدية.كما شدد الباحثون على أنّ "مولنوبيرافير" لا يشكل خطورة على الذين يتناولون الدواء حاليا. بالتالي لم يطالبوا بالتخلي عن الدواء تماما.وهذا فعلًا ما أكده الطبيب الأردني، قائلًا: "لا ينبغي بالتأكيد استخدامه كنهج لعلاج الجميع"، متابعا: "كقاعدة عامة، يجب دائما أن نتذكر أنّ الاستخدام غير الرشيد والكثيف لمضادات البكتيريا والفيروسات، يمكن أن تؤدي لنشوء سلالات مقاومة منها".من جهته، قال اختصاصي الأمراض المعدية، كريس بتلر، في تصريحات لمركز "إس إم سي": "لا ينبغي تناول هذا العقار بشكل منهجيّ عند الإصابة بفيروس كورونا، ولكن قد يكون فاعلًا ومفيدا في الحالات الصعبة". (المشهد)