تخيّلوا أن الفيروسات القديمة المتجمدة في التربة الصقيعية في القطب الشمالي ستُمنح لها الحياة من جديد بسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض وذوبان الجليد. هذا ليس فيلما إنما واقعا مريرا قد يواجه البشرية في السنوات المقبلة.وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة في القطب الشمالي لإذابة الجليد الدائم وهو الطبقة المتجمّدة بشكل دائم تحت سطح الأرض.فيروسات الزومبيفمنذ سنوات، بدأ العلماء بالتحذير من التهديد المميت للبشر، الذي تشكله الفيروسات الخاملة الموجودة تحت القمم الجليدية في القطب الشمالي ومناطق أخرى. كما حذرت تقارير من أن يؤدي ذوبان "التربة الصقيعية" في القطب الشمالي إلى إطلاق العنان لـ "فيروسات الزومبي"، مما قد يؤدي إلى أزمة صحية عالمية.وحدد بحث أجراه فريق قام بدراسة الفيروسات في التربة الصقيعية السيبيرية عام 2023، 13 فيروسًا ضخمًا يمكن أن تصيب البشر؛ كان عمر أحدها 48500 سنة. كما قام عالم الوراثة جان ميشيل كلافيري، من جامعة "إيكس مرسيليا" بإحياء بعض "فيروسات الزومبي" من العينات المستخرجة من التربة الصقيعية السيبيرية في روسيا.على الرغم من قضاء آلاف السنين في التربة الصقيعية، أظهرت الفيروسات الحية قدرتها على إصابة الكائنات وحيدة الخلية، كما لاحظ فريق بقيادة كلافيري في سيبيريا في عام 2014.وفي حين أن تهديد "فيروسات الزومبي" حقيقي، إلا أن بعض العلماء يقولون إنه لا يزال هناك الكثير من الأشياء المجهولة حول كيفية تأثيرها على البشر.ولا يعرف العلماء المدة التي يمكن أن تظل فيها الفيروسات معدية بمجرد تعرّضها للظروف البيئية الحالية، أو مدى احتمالية مواجهة الفيروس لمضيف مناسب.وفي الإطار، أكد رئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية المركزة في مستشفى القديس جاورجيوس في بيروت الدكتور جورج جوفيليكيان أهمية الدراسات التي لفتت إلى مخاطر ذوبان الجليد الذي يحتوي على فيروسات وبكتيريا وحيوانات مجمدة منذ آلاف السنين، مشيرا إلى أنها كلها قد تعود للظهور وتخلق جائحة وفق الدراسات.التغير المناخي والأمراض القديمةوإلى جانب المخاوف الكبيرة من فيروس "الزومبي"، أمراض عدة باتت تظهر بشكل أكبر حول العالم.وأوضح أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية د. ضرار حسن بلعاوي لمنصة "المشهد" أن درجة حرارة الكرة الارضية زادت درجة مئوية واحدة في سنة 2000، ومستوى المسطحات المائية زاد 2 مللتر، والكتلة العالمية الجليدية انخفضت 3٪"، مشيرا إلى أن هذه التغيرات المناخية ترتبط بزيادة الأوبئة.وتحدث عن التغييرات التي حصلت نتيجة التغير المناخي منها:زيادة 9 أمراض جديدة مُعدية ينقلها الناموس في أميركا.زيادة في فرصة إصابات الملاريا 66%، وسنة 2050 ستكون إصابات الملاريا أعلى 14% كأعداد.ظهور أمراض مثل حمى غرب النيل وزيكا والحمى الصفراء وحمى الضنك في مناطق جديدة بنسب أعلى مثل كندا وأميركا وأوروبا.زيادة درجة أخرى في حرارة الارض ستزيد فرصة حدوث طاعون في آسيا 50%.ألاسكا لديها فرصة لحدوث نوع من أنواع الجدري اسمه (AlaskaPox) وبما أن درجة حرارة المياه أصبحت 15 بدل 14، سيظهر نوع بكتيريا في المحار لم يكن موجوداً، أو بعض أنواع من الميكروبات التي كانت "في ثبات عميق"، ونشطت مع ازدياد درجة الحرارة.زيادة العدوى بالسالمونيلا (خصوصاً في البيض واللحمة).ما العوامل المساعدة لانتشار الأمراض؟بالتالي، أدى التغير المناخي إلى تغييرات عدة في طبيعة الحياة البرية، وذكر بلعاوي أبرزها وهي:بعد ارتفاع درجات حرارة في دول جديدة شمالية، هاجرت حيوانات وسيطة مثل الناموس والقراد بفيروساتها مثل بعوضة الملاريا إليها ناقلة الأمراض إلى حيوانات وناس وأماكن جديدة.زيادة في الفصول الحارة مدتها.التصحر وإزالة الغابات جعل الكائنات ترحل إلى المدن بفيروساتها وهذا كان من أسباب انتشار الإيبولا بشكل أكبر.إزالة الغابات والرقعة الخضراء سبّبت مجاعات في بعض المناطق وجعلت الناس تأكل حيوانات برية مثل الشمبانزي والخفافيش وهذا جلب للبشر مشاكل ليس فقط من الفيروسات.زيادة أخرى في درجة الحرارة سيجعل الفئران غير قادرة على تحمل الحر وستهرب أكثر للبيوت والمدن وبالتالي زيادة نسبة إعاده ظهور الطاعون مرة اخرى.زيادة درجة الحرارة تؤثر على مياة الشرب وزيادة الفطريات فيها والبكتيريا.وجزم الطبيب المتحدث أن "زيادة درجة الحرارة تؤثر على الثروة الحيوانية والزراعية والتوازن البيئي"، معربا عن أسفه حول التوقعات التي تشير إلى أن درجة حرارة الأرض ستزيد درجة مئوية واحدة في خلال 10 إلى 20 سنة و4 درجات بعد 100 سنة وذلك في حال لم ننتبه للتلوث والتوازن البيئي بجدية.ودعا لتقليل الانبعاثات الكربونية وتقليل التصحر وزيادة الرقعة الزراعية.(المشهد)