لم تكن ليلة سكان مناطق الدورة والكرنتينا وجل الديب السكنية بامتياز في لبنان هادئة ولا آمنة صحية، نتيجة اندلاع حريق ضخم في مكب النفايات المجاور لها وسط انتشار السحب الدخانية والروائح الكريهة منه. الحريق الضخم، جعل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي يوعز إلى المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، لتعزيز وجود عناصر الدفاع المدني وآليات الإطفاء من مراكز متعددة، والعمل على إخماد النيران، وإبعاد خطر تمددها إلى خزانات الوقود في المحيط.حريق مكب نفايات برج حمودكما طالب "بالعمل على إبعاد المواطنين من محيط المكب وتوجيه الإرشادات اللازمة للمواطنين لعدم استنشاق المواد المنبعثة من جراء الحريق، والعمل على استقدام شاحنات نقل الرمال لاستخدامها في عملية الإطفاء، وفق ما تقتضيه الحاجة".بينما قال وزير البيئة ناصر ياسين إن "كلّ النفايات تأتي إلى هنا من دون أيّ معالجة بعد انفجار مرفأ بيروت ونأمل ألا يتوسّع الحريق.. وسنضع كلّ جهدنا لمعرفة أسباب الحريق وتفادي أيّ ضرر قد يلحق بالمواطنين".وصباح اليوم، تمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد النيران إلا أن الدخان يتصاعد منذرا السكان بكارثة صحية. تلوث خطير للهواءفي السياق، ذكر الخبير المتخصص في مجال السلامة العامة والإسعافات والممرض المجاز كارلوس أنطون لمنصة "المشهد" أن مكب النفايات يعد من أكثر الأماكن عرضة لخطر الحرائق، نظرًا لاحتوائه على مواد قابلة للاشتعال وتفاعل كيميائي مع البيئة المحيطة.وتابع أن حرائق مكب النفايات يمكن أن تكون خطيرة جدًا، فهي لا تشكل فقط تهديدًا مباشرًا للبيئة المحيطة والصحة العامة، بل لها تأثيرات بعيدة المدى على الهواء، والماء، والتربة.ورأى أن في كثير من الأحيان، تكون الحرائق ناجمة عن تصرفات غير واعية من الأفراد مثل رمي أعقاب السجائر أو إشعال النيران للتخلص من النفايات من دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة.مخاطر حرائق مكب النفاياتوعن المخاطر الصحية، كشف أنطون أن:حرائق المكبات تطلق كميات كبيرة من الغازات السامة والدخان الذي يحتوي على مواد ضارة مثل الديوكسينات والفورانات التي تسبب أضراراً جسيمة للصحة عند استنشاقها.هذه المواد قد تسبب مشاكل تنفسية حادة، وتزيد من احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية وتهيج العيون.تؤدي المواد الكيميائية المنبعثة من الحريق إلى أمراض مزمنة مثل السرطان والتشوهات الجينية نتيجة التعرض المطوّل.بينما أشار أخصائي الطب الباطني الدكتور إيلي الشامي لمنصة "المشهد" إلى أن الفئات الأكثر تعرضا للخطر تعود لأولئك الذين يعانون من مشاكل بالرئة والربو، متابعا أنه كون المشكلة ليس دائمة إنما لوقت قصير فقد لا تؤثر على الأشخاص الأصحاء.وحذّر من تكرار الحرائق لمرات عدة أو لفترة أطول، مشيرا إلى أنها تصبح كارثة وترفع من نسب السرطان نتيجة التلوث.أما الأعراض التي تظهر على الفئات الأكثر تعرضا للخطر هي ضيق النفس، ومن الممكن ألا تظهر عليهم أعراض، وفق الشامي.مخاطر بيئيةكما كشف أنطون عن وجود مخاطر بيئية لحريق مكب النفايات، مشيرا إلى أن الرماد الناتج عن الحرائق يحتوي على مواد سامة قد تتسرب إلى التربة وتلوث المياه الجوفية، مما يؤثر على النظام البيئي والموارد المائية المحيطة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية طويلة المدى على النباتات والحيوانات.وأضاف أنه عند احتراق النفايات، يُطلق غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى تسهم في زيادة الاحتباس الحراري. هذه الغازات تزيد من تفاقم ظاهرة تغير المناخ.إجراءات ضرورية للسكانصحيح أن النار قد انطفأت لكن هذا لا يعني أن الهواء ليس ملوثا، حيث ذكر المتحدث أنه عندما يشتعل حريق في مطمر نفايات قريب، يجب على المواطنين اتباع مجموعة من الإجراءات للحفاظ على سلامتهم وتقليل المخاطر الصحية. إليك بعض الإجراءات المهمة:البقاء في المنازل: إذا كنت بالقرب من منطقة الحريق حاول البقاء في المنزل مع إغلاق النوافذ والأبواب لتقليل دخول الدخان والهواء الملوث.ارتداء الكمامات: إذا كنت بحاجة للخروج، ارتدِ كمامات طبية (مثل N95) التي يمكنها تقليل استنشاق الجسيمات الضارة.تجنب النشاطات الخارجية: لا تقم بأي نشاط بدني في الخارج أثناء اشتعال النيران أو عند وجود دخان كثيف، لتجنب استنشاق المواد الضارة. الإبلاغ عن الحالات الطارئة: إذا لاحظت أي أعراض صحية مثل صعوبة التنفس أو السعال المستمر، تواصل مع السلطات الصحية المحلية فوراً.اتباع هذه الإجراءات يساعد في تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالدخان والمواد السامة التي قد تنبعث من النفايات المشتعلة.(المشهد)