عادةً ما نسمع أنّ شخصًا توفي نتيجة الجوع، لكن يبدو أنّ الموازين انقلبت مع ظهور حالات وفاة بسبب الإفراط بتناول الطعام.وهذا ما حصل مع مدونة الطعام الصينية بان شياوتينغ صاحبة الـ 24 عامًا، التي توفيت نتيجة الإفراط في تناول الطعام، حيث أظهر التشريح وجود معدة صانعة المحتوى مشوّهة بسبب الطعام غير المهضوم. حالة شياوتينغ ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة بسبب انتشار "ترندات" عالمية تحت اسم "ماكبانغ".ما هو "الماكبانغ"؟الماكبانغ (Mukbang) هو نوع من البثّ المباشر أو الفيديو المسجل، حيث يقوم الشخص بتناول كميات كبيرة من الطعام أثناء التفاعل مع الجمهور وفتح أحاديث مسلية. بدأت هذه الظاهرة في كوريا الجنوبية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأصبحت لها شعبية كبيرة هناك. شعبية هذه الفيديوهات تأتي كمصدر دخل للأشخاص الذين يقومون بها من خلال الإعلانات أو التبرعات من المشاهدين. لكن بعيدًا عن الإفادة المادية، يفسّر علم النفس الشراهة على الطعام بطريقة مختلفة.مرض الشراهةفي السياق، تشير المعالجة النفسية إيلّا إيمانويل، إلى أنّ "الشراهة مرض نفسيّ خطير يهدد الحياة ويعدّ من اضطرابات الأكل"، موضحة أنّ "الأشخاص في هذه الحالة يتناولون الطعام بشكل كبير، أيّ لدرجة أنهم يفقدون السيطرة على كميّة الأكل المتناول".وتابعت في حديثها لمنصة "المشهد"، أنّ عادة بعد هذه الجلسة يشعرون بذنب وعار وحاجة للتخلص من كل الأكل المتناول بطرق غير سليمة، من خلال التقيؤ أو تناول أدوية للإسهال للتخلّص من هذا الأكل.وأوضحت أنهم لديهم صورة مشوهة عن جسدهم، لافتة إلى أنّ "المرض لا يتعلق بالأكل فقط، إنّما بالنظرة للذات".وشدّدت على أنّ الأمر خطير لأنهم يفقدون السيطرة على أنفسهم، والشراهة تؤثر على صحتهم الجسدية وحتى النفسية، فيشعرون بالقلق والاكتئاب.ما أسباب الشراهة؟صحيح أنّ فيديوهات تناول الطعام خلال البث، منتشرة وهي "ترند"، ليس كلّ الناس يتبعونها أو ينجرون وراءها. فما السرّ وراء ذلك؟ تجيب المعالجة النفسية إلى أنّ بعض العوامل تلعب دورًا هنا:العامل الجيني: ففي حال معاناة أيّ من أفراد العائلة من اضطراب بالأكل، فترتفع نسبة إصابة الأبناء بذلك.الصحة النفسية والمشاكل العاطفية كالاكتئاب والقلق، أو أيّ من سلوك الإدمان على مادة مخدرة. وهنا يلجأ هؤلاء للطعام من أجل الراحة، فالطعام يحفز الدوبامين وهو هرمون السعادة في الدماغ للحصول على راحة نفسية من خلال الأكل.الأشخاص الذين يحاولون خسارة الوزن ويفشلون، يكونون عرضة لاضطرابات الأكل.وذكرت أنّ البعض يلجأ لتناول الطعام بكثرة بسبب الملل.تأثير مواقع التواصل على الأكلفي هذا الإطار، أكدت إيمانويل أنّ "لمواقع التواصل دورًا كبيرًا بالتأثير على السلوك والصحة النفسية، لأنه بالعالم الافتراضي كل الصور غير واقعية ومعايير الجمال غير طبيعية".وتابعت أنها تؤثر على خيارات الأكل لدى الناس.وحذرت من المسابقات أو "الترندات" التي تدعو لتناول الطعام بشكل كبير، لأنها تسبب الأمراض وصولًا للموت، لافتة إلى خطورة تحويل السلوك غير الطبيعيّ إلى طبيعي.ودعت للتوعية على هذه الآثار الجانبية السلبية لمواقع التواصل، لافتة إلى أنّ الشراهة ليست خيارًا، لكن قد يكون الشخص ضحية المرض، وعند تلقي العلاج المناسب كرؤية طبيب، سيعيد بناء صورة إيجابية عن نفسه ولا يشعر بعار وذنب، أو أنه غريب عن الآخرين كما ستتحسن صحته.مخاطر صحية للإفراط بالطعام من الناحية الغذائية، أوضحت خبيرة التغذية ريم روفايل لمنصة "المشهد" مخاطر الإفراط بالطعام بشكل هستيري، علمًا أنّ هذه "الحالات نادرة" وفق قولها. ولفتت إلى أنّ أبرز أعراض الإفراط بتناول الطعام: حرقة المعدة: تناول وجبات كبيرة وغنية بالدهون يمكن أن يحفز إفراز المزيد من حمض المعدة، ما يزيد من احتمالية حدوث الحرقة.الارتجاع المريئي: هو حالة تحدث عندما يتدفق حمض المعدة إلى الأعلى باتجاه المريء، ما يسبب شعورًا بالحرقان والألم. الإفراط في تناول الطعام يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالارتجاع المريئي.زيادة الوزن: فالجسم يخزّن السعرات الحرارية الزائدة على شكل دهون.تباطؤ عملية الهضم: الإفراط في تناول الطعام يبطء عمل الجهاز الهضمي، بالتالي يحتاج الجسم إلى وقت أطول لهضم الأكل الزائد في المعدة. ولفتت روفايل إلى أنه في حال الإفراط بالطعام، قد لا تتم عملية المضغ بشكل جيد وكافٍ، والطعام لم يتكسر فيصعب هضمه، كما أنّ المعدة لا تستطيع هضم هذه الكميات.الانتفاخ والغثيان والتقيؤ.عدم قدرة على التنفس.(المشهد)