عادةً ما نسمع بسوق سوداء للمال، لكن في لبنان سوق سوداء من نوع آخر ينتشر، سوق يهدد صحة المريض.فمنذ بدء الأزمة الاقتصادية في البلاد، قلّ وجود الأدوية في البلاد وارتفعت أسعارها، فنشأ سوق غير رسمي للأدوية، حيث يتم استيرادها من خارج البلد عبر وسطاء أو مسافرين، من دون أيّ "حسيب أو رقيب"، ما جعل الأدوية المزورة والمهربة تدخل من الباب العريض وتجعل من حياة الناس بخطر. دواء مزور وغير شرعيورغم أنّ هذه الأزمة غير جديدة، إلا أنها وصلت إلى حدّ لا يحتمِل السكوت عنه، وهذا ما تحدّث عنه نقيب الصيادلة اللبناني جو سلوم، الذي كشف أنّ "الأدوية المزورة تطال أمراضا مختلفة بما فيها الأمراض المستعصية". وأشار لمنصة "المشهد"، إلى أنّ "الدواء الشرعي يجب أن يدخل عبر المرافق الشرعية من جهة، وأن يكون مسجلا في وزارة الصحة اللبنانية من جهة أخرى"، متابعا أنّ "إجراءات معينة يخضع لها الدواء، كما أنّ لجنة فنية في وزارة الصحة تُعنى بتسجيله، والدواء يحتاج إلى سنة أو سنتين لكي يتسجل ويتم التأكد من جودته". أما الأدوية غير الشرعية فتدخل إلى لبنان عبر مرافق شرعية وغير شرعية، وهي غير مسجلة في وزارة الصحة، وفق سلوم.هنا تُباعوكشف عن أماكن بيع هذه الأدوية، لافتا إلى أنها "تُباع خارج نطاق الأماكن المخصصة لبيعها كالصيدليات أو المستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية"، موضحا أنه "يتم بيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر تجار "الأونلاين"، أو في المتاجر والمستوصفات التي لا سلطة لنا عليها لمراقبتها". وأكد أنه في حال وُجدت الأدوية المزورة في الأماكن الشرعية، فكنقابة نأخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين. الأدوية المزورة انتشرت كما أنه لم يعد يقتصر بيع الأدوية المزورة أو المهربة على مناطق لبنانية معينة، كتلك الشعبية أم الفقيرة. بل أشار سلوم إلى أنها باتت منتشرة في كل المناطق، بعدما كانت محصورة في بعضها". وعن الدول التي تستقدم منها هذه الأدوية، ذكر أنها سوريا، إيران، والهند، وباكستان ودول أخرى ومصادر مختلفة. ورفع الصوت قائلا: إنّ "الواقع صعب جدا والمريض حياته مهددة بسبب انتشار هذا الكم الكبير من الأدوية المجهولة النوعية والمحفوظة بطريقة خاطئة". وشدد على أنّ "الضمانة الوحيدة للحصول على الدواء السليم، هي شراؤه من الصيدلية، وخلال شرائه منها على المريض أن يطلب الدواء المسجل في وزارة الصحة، والمحفوظ بطريقة جيدة واليوم نحن جاهزون لأيّ شكاوى"، مؤكدا أنّ هدفنا تأمين الدواء الجيد للمريض لأنّ المريض ليس حقلا للتجارب. ورأى أنّ الدولة اللبنانية لا تأخذ خطوات جريئة لمكافحة هذه المشكلة، لافتا إلى أنّ دور الدولة يجب أن يشمل تعزيز القدرة الشرائية للدواء، وتعزيز آلية كي يستطيع المواطن شراء الدواء وسط ارتفاع الأسعار. معاناة لا تُحتمل وفي تقرير لها مطلع هذا العام، أكدت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية آية مجذوب، أنّ:الناس في لبنان يعيشون معاناة لا تُحتمل في محاولتهم الحصول على الأدوية المنقذة للحياة.السلطات اللبنانية تواصل التهرب من مسؤوليتها في حماية الحق في الصحة”.لكنّ الأزمة مكانك راوح، وبدل جعل حياة اللبناني أولوية، ها هو المواطن يشتري موته بيده من خلال أدوية قد لا تنفع وقد تضر.(المشهد)