"إنفلونزا الطيور" فيروس قديم - جديد يهدد البشر اليوم، حيث باتت دول مختلفة حول العالم تشهد إصابات "مقلقة".ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، أصاب فيروس "إتش 5 إن 1" 868 شخصا خلال العقدين الماضيين، مع 457 حالة وفاة، بينما لم يسجل لغاية الآن أي انتقال موثق من إنسان إلى إنسان.إنفلونزا الطيور حول العالم في آخر الإحصائيات، أُصيب شخص في أميركا بإنفلونزا الطيور، بعدما أصيب بالفيروس إثر احتكاكه بقطيع ماشية، وفق ما أفادت بيانات رسمية. وفي فيتنام، توفي طالب يبلغ من العمر 21 عامًا، عقب إصابته بإنفلونزا الطيور، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام. وفي الأشهر الماضية، سجّلت الصين إصابة جديدة بفيروس إنفلونزا الطيور كما توفيت امرأة صينية بعد إصابتها بعدوى الإنفلونزا. من الطيور للماشية الحالة الأخيرة التي سجّلت بأميركا، نتجت عن مخالطة المريض للماشية. كان العامل المصاب على اتصال بالأبقار. ورغم ذلك، قال مفوض الزراعة في تكساس إن هذه القضية لا تدعو للقلق. ويخشى الخبراء ازدياد عدد الثدييات المصابة بسلالة إنفلوانزا الطيور الحالية، وانتقال الفيروس بين الثدييات. في السياق، ذكر اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير العدوى التنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة لمنصة "المشهد" أنه بعد ظهور أعداد كبيرة من القطط المصابة بإنفلونزا الطيور في بولندا العام الماضي ومن دون معرفة مصدر العدوى، فالإجراءات الوبائية مستمرة لمعرفة آليات انتقال العدوى وحدة خطورتها على الإنسان بعد إصابة الثدييات. وأشار الطراونة الى أن أوروبا شهدت أواخر العام 2021 انتشارا كبيرا لإنفلونزا الطيور، الأمر الذي أدى الى إعدام ملايين الدواجن، كما شهدت الأميركيتان الشمالية والجنوبية تفشيا أيضا. انتقال إنفلونزا الطيور بين الحيوانات بدوره، أوضح أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية د. ضرار حسن بلعاوي لمنصة "المشهد" أنه يمكن لفيروسات الإنفلونزا أن تصيب العديد من أنواع الحيوانات المختلفة، مثل الطيور والخنازير والخيول، وحتى الفقمات والحيتان، متابعا أن الإنفلونزا التي تصيب الطيور تحديدا، تسمى "فيروس إنفلونزا الطيور" أو فيروس إنفلونزا الدجاج، وقد حصل فيروس الطيور على اسمه لأن الدجاج هو أكثر الطيور شيوعًا التي تنشر الفيروس. وفي حالة إصابة الدواجن مثل الدجاج والديوك الرومية بالفيروس ستظهر عليها أعراض مثل التعب الشديد الذي قد يؤدي إلى الموت، وفق بلعاوي. ولفت إلى أن العلماء تمكنوا حتى الآن من التعرف على 15 فيروسًا من فيروسات إنفلونزا الدجاج، وأكدوا أن 5 فيروسات فقط يمكنها إصابة الإنسان، وهي HA1 وHA2 وHA3 وNA1 وNA2. أما عن طرق انتشارها بين الحيوانات، فأشار المتحدث ذاته إلى أن الفيروس يستقر في الدم واللعاب والأمعاء وأنوف الطيور ويفرز في برازها. و"هنا يكمن الخطر، لأنه عندما تجف هذه الفضلات تتحول إلى ذرات غبار يمكن للدجاج السليم استنشاقها، وكذلك الإنسان". وأفاد بأن الطريقة الأكثر شيوعًا لانتقال العدوى هي من خلال الرذاذ الذي يخرج من أنف الدجاج، لكن الفيروس ينتشر على نطاق واسع من خلال البراز. إنفلونزا الطيور تصيب البشر وفيما يخص أبرز أعراض المصاب في أميركا، كانت وفق مراكز مكافحة الأمراض "احمرار العيون (يتوافق في أعراضه مع التهاب الملتحمة) كعارض وحيد"، لذا طُلب منه عزل نفسه ويخضع حاليًا للعلاج بعقار مضادّ للفيروسات يُستخدم للإنفلونزا. واعتبر بلعاوي أن إنفلونزا الدجاج تصيب البشرَ، خصوصا أولئك الذين يعيشون على اتصال وثيق بالدجاج. وأشار إلى أنه بمجرد الإصابة بالفيروس، ستظهر أعراض مشابهة لأعراض فيروس الإنفلونزا الشائعة، مثل: ارتفاع درجة الحرارة والتعب والسعال وآلام العضلات وغيرها.هذه الأعراض ستتطور بعد ذلك إلى تورم الجفن والتهاب الرئة، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. قد تحدث أيضا أزمة في الجهاز التنفسي، تليها الوفاة. مخاوف مستقبلية بـ"قلق وحيرة" ينظر العلماء إلى ظاهرة انتقال إنفلوانزا الطيور إلى الثدييات فالبشر. وفي هذا الإطار، شدّد الطراونة على خطورة انتقال العدوى للثدييات، مشيرا الى أن الخطورة هنا تكمن في أن الفيروسات قد تشهد طفرات جديدة تزيد من معدل نقل الأمراض، والتي من شأنها تشكيل تهديد جديد للبشر.وأوضح أن منظمة الصحة العالمية تلقت 11 تقريرا عام 2020 عن إصابات بين البشر بإنفلونزا الطيور لكنها كانت حالات خفيفة. وما زالت حالات إصابة البشر بالفيروس نادرة والتي أدت في بعض الأحيان إلى الموت، عادة بعد التعامل عن قرب مع طيور مصابة، وفق الطراونة. بينما أشار بلعاوي إلى أن:العلماء يخشون من أن يتحول فيروس إنفلونزا الطيور إلى جائحة بسبب قدرته على التحور والاندماج مع فيروسات الإنفلونزا العادية التي تصيب البشر.هنا يصبح انتقال العدوى من إنسان إلى آخر عن طريق العدوى أكثر سرعة وخطورة منه عن طريق الطيور، خصوصا وأن الجسم لم ينتج بعد هذا النوع من الأجسام المضادة.في هذا السيناريو (حيث يتحور الفيروس ويتحد مع فيروس الإنفلونزا الشائع ويصيب البشر)، فإن العالم سوف يدخل في وضع مماثل لذلك الذي كان سائداً في أوائل القرن العشرين عندما واجه البشر لأول مرة أوبئة الإنفلونزا وتعايشوا معها. وأهمها على مر السنين كانت الإنفلونزا الإسبانية H1N، التي تسببت في أكبر عدد من الوفيات. حيث أدى هذا الوباء، كما نعرفه في العصر الحديث، إلى مقتل ما بين 20 إلى 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 200 ألف شخص في أميركا فقط.وتابع بلعاوي إلى أنه لا يوجد حتى الآن دليل علمي قاطع على إمكانية إصابة الإنسان بالفيروس عن طريق تناول لحوم الطيور المصابة. ويأتي ذلك على الرغم من حظر دول الاتحاد الأوروبي استيراد الدجاج من الدول التي ثبت أن الفيروس منتشر فيها، بما في ذلك تايلاند وإندونيسيا وتايوان وكمبوديا وباكستان كإجراء احترازي. وأكد أن العالم لا يزال يراقب انتشار هذا الفيروس على أمل ألا يكرّر التاريخ المقيت للأوبئة نفسه. الوقاية من إنفلوانزا الطيور وتتمثل الطريقة المثلى في الوقاية من العدوى في تجنب مصادر التعرض للطيور المصابة كلما أمكن ذلك، وفق بلعاوي: لا تقم بزيارة مزارع الدواجن أو أسواقها حيث تُبَاع الطيور أو يتم عرضها.عدم لمس أو ذبح الطيور المريضة أو النافقة. تجنب ملامسة الأسطح التي وقع عليها فضلات الطيور أو سوائلها. غسل اليدين بطريقة آمنة قبل تداول الدواجن النيئة والبيض النيئ وبعده.تأكد من طهو الدواجن جيداً.إذا الغموض لا يزال يسيطر على مدى تحول إنفلوانزا الطيور لجائحة حول العالم، وسط مراقبة عن كثب من قبل الخبراء ووسط تطمينات إجمالية لغاية اليوم. (المشهد)