من غزة، لليمن، مرورا بسوريا والعراق ولبنان، تعيش شعوب هذه الدول حالة من الغموض بشأن مصيرهم منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، وذلك بسبب الخوف من توسع نطاقها لتطالهم.الشرق الأوسط يغلي ما مصيرنا؟ ما مصير أطفالنا؟ هل سنموت الآن؟ من أين نحصل على الطعام والاستشفاء؟ والكثير من الأسئلة الأخرى التي لا شكّ أنها لا تغادر عقول أهالي غزة الذين يعيشون تحت وطأة القصف والدمار منذ 7 أكتوبر الماضي.أشار تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أنه في غزة، هناك ما يقرب من 50,000 امرأة حامل، وجميعهنّ يعانين نقص المأوى المستقر، ونقص التغذية، والمياه الملوثة والمالحة، كما من الصعب الحصول على الرعاية اللازمة خلال وبعد الحمل. فتخيّلوا مستوى التفكير الزائد الذي ستعاني منه الحوامل! وجنوب لبنان، تقول هنا وهي أم لطفلين: "إننا نعيش كلّ يوم بيومه فأصوات القصف تعلو أكثر فأكثر"، مضيفة: "لا يمكنني التوقف عن التفكير وأتمنى أن أتوقف عن التفكير للحظة واحدة فقط في مصيرنا ومصير أطفالي في حال حدوث حرب شاملة"، لافتا إلى أنه يضطر أحيانا إلى أخذ مهدئات للاستمرار في الصمود". وضع هنا يتوافق مع كلام المعالجة النفسية أنجيلا برهوش التي قالت في حديثها لمنصة "المشهد" إنه "عندما يرتفع التفكير الزائد عن حدّه يؤثر على حياة الإنسان اليومية، وهنا يمكننا الحديث عن خلل"، موضحة أن الإفراط في التفكير هو عندما تقلق بشأن فكرة معينة بشكل متكرر.من جهتها، أفادت المعالجة النفسية الدكتورة نيكول هاني لمنصّة "المشهد"، أنّ "الشعب اللبنانيّ يعيش وسط فترة صراع وتفكير زائد إن كانت الحرب ستحصل أم لا".وذكرت برهوش أن التفكير الزائد المبالغ فيه ينتج عنه أعراض جسدية تشمل: دقات القلب السريعة. الإرهاق.التعب.الصداع.ألم في المعدة.القلق.مؤشرات التفكير الزائدكثرة التفكير في أمر معين لا تدل وحدها على الإصابة بمشكلة "التفكير الزائد"، لكن على العكس، فهناك العديد من الأعراض الأخرى التي تظهر عليه.ولفتت برهوش إلى أن الشخص يمكنه بنفسه أن يكتشف أنه يعاني من التفكير الزائد والمبالغ فيه من خلال ظهور أعراض في تصرفاته مثل:غياب التركيز في العمل.عدم الإنتاجية. التعب الشديد.المرض جراء نسبة التوتر المرتفعة.اضطرابات بالنوم.عدم القدرة على إنجاز المهام.التأثيرات على علاقاته بالآخرين.تجنب التواجد مع آخرين.ولا بدّ من الإشارة إلى أن نسبة الإصابة بالتفكير الزائد تختلف بين شخص وآخر حتى لو تعرضا للبيئة والمشاكل عينها، حيث تلعب عوامل وراثية والحالة النفسية السابقة للفرد دورا كبيرا، فمثلا من سبق إصابته باضطراب القلق، سيعاني أكثر من التفكير الزائد خلال الأزمات.العلاج الذاتي ممكن؟صحيح أنه ليس من السهل أن يتوقف أهالي غزة من التفكير بمصيرهم وسط القصف والدمار، لكن يمكن لبعض الخطوات أن تقلل من التفكير الزائد غير المرغوب به.وهنا، شددت برهوش على أهمية التمييز بين التفكير الزائد الفعال وغير الفعال. وأضافت أن "التفكير الزائد الفعال يمكن إيجاد حلول له"، مثلا في حال أجرى شخص ما اختبار للسكري، وخلال انتظاره النتيجة استمر بالتفكير في الأمر بهذا لن ينفعه، لكن في حال صدرت النتائج وتبيّنت إصابته بالسكري، فهنا يمكنه أن يفكر بالأمر تمهيدا لإيجاد حل.ويعتبر إيجاد الحل للمشاكل هو العلاج الأفصل للتفكير الزائد، وفق المعالجة النفسية.أما في حال عدم استطاعة الفرد من مساعدة نفسه على التخلص من هذه المشكلة، وعدم قدرته على تخطي الأفكار السلبية، فنصحت برهوش باللجوء إلى الطبيب النفسي ليقوم بجلسات علاجية كالعلاج المعرفي السلوكي لعلاج الأمر. لكن هذا الأمر قد يصعب في حال غزة، حيث تغيب سبل العلاج الجسدي والنفسي.(المشهد)