قبل 10 سنوات كانت معظم فحوصات تشخيص مرض السرطان في المغرب تأتي من الولايات المتحدة أو دول أوروبية، أمر مكلف ويطيل مدة الكشف المبكر. لكن طوال العقد الأخير، استفاد المغاربة من وفرة اختبارات التشخيص المبكّر، مما سرّع من وتيرة التطبيب، وقلّل من فرصة وصول المرضى إلى مرحلة العلاج الكيميائي.هذه الاختبارات ستصبح متوفرة أيضا لدول إفريقية، حيث ينتج المغرب اختبارات لتشخيص سرطان الثدي وسرطان الدم ويستعد إلى تصديرها، مما سيعود بالنفع على دول عدة في القارة، بحسب ما أعلنته قبل أيام المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والابتكارات.في السياق، قال أخصائي علاج الأورام دكتور نوفل مامو إن "هذه الاختبارات موجودة في المغرب، لكن وفرتها هي الأمر المستجد خصوصا في بلد من دول العالم الثالث".سهولة التشخيص ويوضح الطبيب المغربي في تصريح لمنصة "المشهد" أن سرطان الثدي الذي يعد أكثر السرطانات التي تصاب بها المرأة أصبح سهل التشخيص في المغرب، حيث يمكن للمرأة ابتداء من 45 عاما أن تقوم بتصوير الثدي الإشعاعي (ماموغرام) في أي وقت ومجانا. بالنسبة للمصدر ذاته، فالتشخيص المبكّر ساهم في تزايد فرص الاستشفاء وسهولة العلاج بحيث قد لا تصل المريضة إلى العلاج الكيميائي الذي يمتد إلى 6 أشهر والذي تعتبر تكاليفه باهظة. ويضرب دكتور مامو المثل أيضا بسهولة تشخيص سرطان البروستاتا في المغرب، حيث يمكن لأي مواطن تجاوز 50 عاما أن يقوم بتحاليل دم للكشف المبكر. تغطية صحية شاملة ويتابع البروفيسور: "نصف سكان المغرب لم يكن لديهم تأمين صحي، لم يكن لديهم مال للحصول على تأمين، الآن لديهم إحدى أفضل التغطيات الصحية في المغرب، هذا شكّل تطورا كبيرا في إمكانية العلاج"، ويضيف: منذ شهر ديسمبر 2022، حصل 14 مليون مواطن على التغطية الصحية. التأمين الصحي يغطي 95% من تكاليف علاج أمراض السرطان. أصبح لدينا قدرة على مساعدة المرضى فيما قبل كان لدينا التحدي الكبير هو تكلفة العلاج. ويؤكد مامو أن نظام الرعاية الصحية الذي كان معمولا به في المغرب (راميد) كان يوفر تأمينا فقط في المستشفى العمومي، لكن تخصص علاج السرطان موجود فقط في مستشفيات المدن الكبرى، الأمر الذي كان يقلل فرص استفادة مرضى المناطقة البعيدة أو النائية من العلاج. "ليس لدى المستشفيات العمومية التي توفر علاجا للسرطان قدرة استيعابية، فكان على المريض الانتظار لمدة 3 أشهر للحصول على موعد للتشخيص فقط، حاليا لديهم الحق في الولوج للمستشفيات الخاصة ومراكز الأنكولوجيا، مما يخفف الضغط على القطاع العمومي"، يوضح المتحدث.ويقول الطبيب المغربي إنه خلال 10 سنوات الأخيرة لمس تغيرات كبيرة في المغرب، على سبيل المثال:لم يكن للمواطن القدرة على لفظ كلمة سرطان أو الاعتراف بإصابته. أصبح جميع المغاربة لا يخشون تشخيص السرطان مثل جميع الأمراض المزمنة الأخرى. هناك مراكز للتخصص في مجال السرطان فارتفعت نسبة الأطباء المتخصصين. هجرة الأطباء وحصل البروفيسور مامو على الجنسية الفرنسية وعمل في فرنسا لسنوات بعد إكمال تخصصه، لكنه في ظل التقدم الذي شهده المغرب في مجال الصحة قرر العودة إلى وطنه، ويقول: ليس عدلا أن نتعلّم ولا نفيد وطننا أولا.أنا سعيد بمساعدة أبناء بلدي.ارتفاع نسبة هجرة الأطباء ناتج عن مشاكل في الأجور.هناك استياء لأن مهنة الطب تتطلب ظروف تخصص وعمل أفضل. أخصائي علاج الأورام دكتور نوفل مامو.وبحسب تقرير رسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن 23 ألف طبيب يعملون في المغرب، لكن المملكة ينقصها 32 ألف طبيب إضافي وأكثر من 65 ألف مهني صحي، وفق معايير منظمة الصحة العالمية.وأوضح المعطيات الصادرة في أبريل الماضي أن ما بين 10 ألف و14 ألف طبيب مغربي يعملون خارج بلدهم، أي أن واحدا من كل 3 أطباء مغاربة يهاجر. (المشهد)