لا شكّ أن نمو الشعر الزائد في وجه المرأة وفي أماكن غير مألوفة من جسمها، يترك علامات استفهام عن الأسباب الكامنة وراء ذلك.لذا قد تلجأ النساء إلى إزالة الشعر من هذه الأماكن من دون علاج السبب الحقيقي ما قد يزيد من المشكلة بدل حلّها. هذه المظاهر المحرجة قد ترتبط بتغيرات في هرمونات الذكورة في جسم النساء، وتحديدا في هرمون التستوستيرون. ما هو التستوستيرون؟ التستوستيرون هو من الهرمونات الرئيسية لدى الرجال، إلا أن أجسام النساء تملك أيضا كمية قليلة من الهرمونات الذكورية كالتستوستيرون، وفق الأخصائية في الجراحة النسائية جيسي داريدو. وأوضحت داريدو لمنصة "المشهد" أن "التستوستيرون تفرزه المبايض بشكل أساسي وأيضا الغدة الكظرية والخلايا الدهنية". ويساهم هذا الهرمون في خلق التوازن في جسم المرأة وفي حياتها اليومية، ومن أبرز أدواره أيضا: بناء كتلة العضلات والمحافظة عليها. تقوية بنية العظام والأنسجة في الجهاز التناسلي. توزيع الدهون في جسم المرأة.رفع مستوى الطاقة. أما انخفاض مستوى التستوستيرون في جسم المرأة، يؤثر على صعيد الرغبة الجنسية، بالإضافة إلى التعب والاكتئاب. نسبة التستوستيرون الطبيعية ترتفع نسبة هرمون التستوستيرون لدى الفتيات خصوصا عند سن البلوغ الى حين انقطاع الطمث وما بعده تعود للانخفاض. وأشارت داريدو إلى أن "المعدل الطبيعي لهذا الهرمون لدى المرأة يتراوح بين 15 ل 70 نانوغرام/ ديسيليتر، هو ما يشكلّ بنحو 0.05 أو 0.1% من النسبة الموجودة لدى الرجال". وتجدر الإشارة إلى أن النسب تتغير خلال اليوم الواحد وتكون أعلى عند الصباح. أسباب ارتفاع التستوستيرون إن هرمون التستوستيرون مرتفع في المنطقة الشرق أوسطية أكثر من أوروبا، وهو مرتفع في أوروبا أكثر من المنطقة الاسيوية، وفق داريدو. وتقف أسباب عدة وراء ارتفاع هرمون التستوستيرون لدى النساء، وتشمل: متلازمة تكيس المبايض. التضخم على صعيد الغدة الدرقية. ارتفاع هرمون الحليب بالدم. التضخم الخلقي على صعيد الغدة الكظرية. بعض أنواع الأدوية مثل أحد أدوية ضغط الدم. متلازمة "كوشينغ" التي تنتج عن افراز هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) بالدم بنسب مرتفعة. الوراثة. أورام المبايض وأورام الغدة الكظرية (حالات نادرة). أعراض ارتفاع الهرمونارتفاع نسب هرمون التستوستيرون عن معدلها الطبيعي لدى المرأة، سيؤدي إلى تغيرات واضحة وظاهرة في جسمها، من أبرزها: نمو الشعر بطريقة غير طبيعية في الجسم وفي مناطق غير مرغوبة كالذقن، الشفة، الوجه، البطن والصدر. حب الشباب. خشونة بالصوت. معاناة من تغيرات على صعيد البشرة. الصلع. تغيّر توزيع كتلة الدهون بالجسم. عدم انتظام بالدورة الشهرية. ضعف الخصوبة. السمنة الزائدة. الاكتئاب الحاد. العصبية زائدة. القلق. مشاكل في التركيز والذاكرة. ضعف على صعيد الدافع الجنسي. كبر حجم البظر. صغر حجم الثديين. ظهور هذه الأعراض التي تشعر المرأة أنها تفقد أنوثتها سيخلق لديها شعورا بالإزعاج يصل إلى حد عدم تقبل الذات. وتعتبر استشارة الطبيب النسائي الخطوة الأولى لتشخيص سبب تغير نسبة هرمون التستوستيرون في جسم المرأة. وفي هذه الحال، يبدأ الطبيب بطرح أسئلة على المرأة عن الأعراض والتغييرات التي تعاني منها، وعن التاريخ العائلي، ومدى انتظام الدورة الشهرية. كما يجري الطبيب الفحص السريري لرؤية مدى امتداد وكثافة نمو الشعر على صعيد الوجه والصدر والبطن، بالإضافة إلى فحص وضع المبايض، أو وجوب الحبوب على البشرة أو السمنة الزائدة. من الفحص السريري، قد ينتقل الطبيب إلى طلب إجراء اختبار دم يتضمن التستوستيرون وهرمونات ذكورية أخرى، وهذا ما يساعد أكثر على تحديد الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة. كما يمكن إجراء "الإيكو" في العيادة لمعرفة إن كان هناك تكيس على مستوى المبايض، وفق داريدو. ما العلاج؟ بعد اكتشاف ارتفاع هرمون التستوستيرون عن المعدل الطبيعي، يلجأ الطبيب لطرق علاجية عدة وفقا لحالة المرأة. وتشمل العلاجات: تقليل نسبة الهرمون عبر حبوب منع الحمل التي تساعد على تنظيم الدورة الشهرية، وهذا العلاج يعطى للنساء اللواتي لا تفكرن بالزواج في المدى القريب. وصف أدوية أخرى تحد من عمل التستوستيرون وهي تستعمل مع موانع الحمل أو من دونها. الكريمات الموضعية لكن فعاليتها محدودة. اللجوء للطرق التجميلية لإزالة الشعر. اعتماد نظام غذائي صحي ونمط حياة ملائم لتخفيض الوزن الزائد. استئصال الأورام في الحالات النادرة. وأشارت الأخصائية النسائية إلى أنه "تكثر النصائح عن الأعشاب التي تعالج هذا الهرمون لكن الدراسات غير كافية حولها". نمو الشعر يتوقف بعد العلاج؟ السؤال الأكثر شيوعا هو إن كانت العلاجات فعالة للتخلص من الشعر، وفي هذا الإطار، جزمت داريدو أن "العلاجات المذكورة تحتاج إلى وقت لكي يظهر مفعولها، ويتراوح ما بين 6 أشهر إلى عام"، لافتة إلى أن "خلال العلاج يختفي الشعر الزائد". في المقابل، ذكرت أنه "من المحتمل أن يعاود الشعر الظهور تحديداً في الوجه، خاصة إن كان السبب وراثيا". هورمون الذكورة والحمل أفادت داريدو على أن الأبحاث تتضارب حول تأثير ارتفاع هورمون الذكورة على الحمل، لافتة إلى أن تحديد التأثير يتم من خلال إجراء تحاليل لهرمونات التبويض في اليوم 3 من الحمل والبروجيسترون في اليوم 21. وأوضحت أن "في حال لم يتخطَ هرمون الذكورة النسب المحددة فلن يكون هناك أي تأثير على الحمل".بالمحصلة تقف أسباب عدة خلف ارتفاع هرمون الذكورة لدى النساء الذي يخلق أعراضا غير مرحّب بها في جسم المرأة، ما يتطلب التشخيص والعلاج.(المشهد)