شهد لبنان خلال أقل من شهر أكثر من 5 جرائم قتل أو محاولات قتل، والمثير للقلق أنّ منفذي هذه الجرائم هم شباب في مقتبل العمر، لا يتجاوزون الـ25 عامًا. هذه الحوادث أثارت تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي تدفع الشباب إلى ارتكاب جرائم عنيفة بدم بارد.جرائم مروعة في لبنان دهس عنصر في قوى الأمن الداخلي: انتشر مقطع فيديو يوثّق لحظة دهس عنصر أمني عمدًا في وسط بيروت، ما أدى إلى إصابته ونقله إلى المستشفى. لاحقًا، أعلنت قوى الأمن الداخلي توقيف الجاني، مواليد 2005، الذي حاول قتل العنصر أثناء تأديته مهامه.جريمة ضبية: في حادثة صادمة، قام شاب من مواليد 2005، بإطلاق النار على جورج روكز، صاحب معرض سيارات في منطقة ضبية، ما أدى إلى مقتله. فرّ الجاني بسيارة من نوع "جي كلاس" قبل أن يتم توقيفه لاحقًا.دهس شاب في فاريا: قُتل خليل جو خليل (20 عامًا) بعد تعرضه لعملية دهس متعمدة على يد الشاب عمره 25 عامًا في بلدة فاريا – قضاء كسروان.لماذا يلجأ الشباب إلى العنف؟ العامل المشترك بين هذه الجرائم أنّ منفذيها شباب في مقتبل العمر، ما يطرح تساؤلات خطيرة: كيف يمكن لشاب في بداية حياته أن يرتكب جريمة قتل بهذه السهولة؟ هل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورًا في زيادة العنف بين الشباب؟ هل هناك ضعف في القيم الأسرية والتربوية أدى إلى انعدام الضوابط الأخلاقية؟في السياق، تحدثت المعالجة النفسية الدكتور نيكول هاني عن الأسباب التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب الجرائم، موضحة أنّ هناك عوامل مترابطة تؤثر على السلوك الإجرامي، أبرزها العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والعائلية، والنفسية، موضحة أنّ:الأزمات الاقتصادية: تؤدي الضغوط المالية وانعدام الفرص إلى تصاعد معدلات الجريمة، خاصة في ظل الأزمات التي مر بها لبنان.غياب الأمن الاجتماعي: يؤدي إلى انتشار السلوكيات المنحرفة مثل تعاطي المخدرات والكحول، ما يزيد من احتمالية اللجوء إلى العنف.الاضطرابات العائلية: تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل شخصية الأفراد، حيث يؤدي غياب الرقابة الأسرية وسلطة الأهل إلى تفشي الجريمة.الشخصية الإجراميةوعن شخصية الأشخاص الذين يقومون بجرائم، قالت د. هاني:بعض الجرائم تكون مرتبطة باضطرابات نفسية، حيث يكون المجرم أنانيًا، غير مبالٍ بسعادة الآخرين، ويميل إلى ارتكاب العنف بمعدل يفوق بثلاثة أضعاف الأشخاص العاديين.الشخصية السيكوباتية: يتميز مرتكبو الجرائم العنيفة في بعض الأحيان بسمات عدوانية وانتقامية، حيث يكونون ناقمين على المجتمع وغير ملتزمين بالقوانين.التنشئة الاجتماعية: تؤثر طريقة التربية بشكل كبير على السلوك المستقبلي، فالتدليل المفرط أو الحرمان الشديد قد يؤديان إلى عدم القدرة على تحمل الإحباط، ما يدفع البعض إلى استخدام العنف وسيلة للحصول على ما يريدونه.الاندفاعية وعدم التفكير في العواقب: بعض الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم يعانون عدم القدرة على التحكم في اندفاعهم، ولا يتروون قبل اتخاذ قراراتهم، ما يزيد من خطورة سلوكياتهم.سبل الوقاية والحد من الجريمة لمنع تفاقم ظاهرة الجريمة، شددت د. هاني على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية متعددة، من بينها: تعزيز التوعية الاجتماعية حول الأخلاق والآداب العامة. دور الأسرة في الوقاية من خلال تربية الأطفال على القيم الصحيحة وتعزيز الرقابة داخل المنزل.ضبط وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للحد من المحتوى الذي يروج للعنف والجريمة. تطبيق القوانين الرادعة بصرامة للحد من الجرائم.تعزيز دور الجهات الأمنية والقضائية، مثل الشرطة، في مكافحة الجرائم وضمان تنفيذ القوانين بفعالية.ختامًا، أكدت د. هاني أنّ معالجة الأسباب الجذرية للجريمة، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية، هو الحل الأساسي لخفض معدلات الجريمة وحماية المجتمع من مخاطرها. إنّ تصاعد الجرائم بين الشباب في لبنان ليس مجرد حوادث فردية، بل هو مؤشر خطير على خلل اجتماعي وأخلاقي يحتاج إلى معالجة فورية، قبل أن تتفاقم الأزمة وتتحول إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها.(المشهد)