كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة أديلايد، أنّ ارتفاع درجات الحرارة في أنحاء أستراليا قد يؤدي إلى زيادة تصل إلى 50% في العبء المرتبط بالاضطرابات النفسية والسلوكية بحلول عام 2050. وتسلّط هذه النتائج الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الصحة النفسية في ظل تغير المناخ.وأظهرت البيانات أنّ الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و44 عامًا هم الأكثر تأثرًا.مشاكل صحيةوصرّح البروفيسور بينج بي، الباحث الرئيسي من كلية الصحة العامة بالجامعة، أنّ"الآثار السلبية لتغير المناخ على الصحة النفسية معترف بها عالميًا، وسنشهد تدهورًا أكبر إذا لم نتحرك سريعًا".تشمل الاضطرابات التي تطرقت إليها الدراسة طيفًا واسعًا من المشاكل العقلية مثل القلق، الاكتئاب، اضطراب ثنائي القطب، الفصام، واضطرابات تعاطي الكحول والمخدرات، وكلها تتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة.وأضاف البروفيسور بي: "من التوتر البسيط إلى الأمراض العقلية الشديدة، تجعل الحرارة المرتفعة الحياة أكثر صعوبة لملايين الأفراد".اعتمدت الدراسة على بيانات من قاعدة العبء الأسترالي للأمراض، وكشفت أن المناطق الأكثر حرارة – خصوصًا القريبة من خط الاستواء – تواجه مستويات خطر أعلى.تغيّر المناخسجل الإقليم الشمالي أعلى مستوى من المخاطر النسبية المتوقعة، فيما سجلت ولايتا جنوب أستراليا وفيكتوريا أعلى نسبة من العبء الصحي المرتبط بارتفاع درجات الحرارة، بنسبة 2.9% و2.2% على التوالي.وقال البروفيسور بي: "توضح هذه النتائج أهمية دور صناع القرار في تطوير تدخلات صحية عامة تركّز على تقليل تأثيرات تغير المناخ على الصحة النفسية، خصوصًا مع ما يترتب على ذلك من تبعات إنسانية واقتصادية واجتماعية".وتشير التقديرات إلى أنّ نحو 8.6 مليون أسترالي تتراوح أعمارهم بين 16 و85 عامًا سيعانون من اضطرابات نفسية حادة خلال حياتهم. وتلعب عوامل عدة دورًا في تحديد مدى تأثر الأفراد، من بينها الدخل، وإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، والظروف المعيشية، ما يجعل بعض المناطق أكثر هشاشة من غيرها.وقالت الدكتورة جينجوين ليو، المؤلفة الأولى للدراسة:تظهر نتائجنا أنّ تأثير تغير المناخ على الصحة النفسية سيتجاوز بكثير ما يمكن أن يُعزى إلى النمو السكاني وحده.الشباب هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، إذ يواجهون هذه الاضطرابات في مرحلة مبكّرة من حياتهم، ومع تزايد حدة أزمة المناخ، فإنّ معاناتهم مرشحة للتفاقم.ودعا الباحثون إلى تحرّك فوري من خلال وضع خطط صحية لمواجهة موجات الحر، وتعزيز الاستعدادات داخل أنظمة الرعاية الصحية، إلى جانب حلول محلية مثل إنشاء برامج مجتمعية وتوسيع المساحات الخضراء لدعم الفئات الضعيفة، وضمان حصول الفئات الأكثر عرضة على الدعم الذي تحتاجه خلال فترات ارتفاع الحرارة.وختم البروفيسور بي بقوله: "يجب على صناع السياسات تكثيف جهودهم عبر استراتيجيات إنسانية تركّز على حماية الصحة النفسية في ظل تغير المناخ. فالأمر لا يقتصر على الصحة فقط، بل يتعلق ببناء مجتمعات أكثر قوة وقدرة على التكيّف في المستقبل".(ترجمات)