حربٌ عنوانها الألم تُكتب في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، الألم الجسدي، النفسي والعقلي. فبعيدًا عن القصف وخطر الموت الذي يلاحق سكان القطاع كلّ لحظة، خطر من نوع آخر يتربّص بالحرجى والمرضى في المستشفيات التي تستنجد العالم لمساعدتها وتأمين لوازمها الطبية.فعلمت "المشهد" بأنّ العاملين في مستشفيات غزة: يستخدمون الخلّ لتضميد الجروح وتعقيمها بدلًا من المستلزمات الطبية.يقومون بخياطة الجروح من دون تخدير. العمليات الجراحية تُجرى من دون تخدير كامل أيضًا، كالبتر وغيرها.ناحية أخلاقيةوعن الكارثة الطبية التي تحصل في غزة، أشار طبيب التخدير جو الراسي لمنصة "المشهد"، إلى أنه "قبل الدخول في المخاطر الجسدية لإجراء العمليات من دون تخدير، من الضروريّ المرور عند الناحية الأخلاقية كوننا كأطباء مسؤولين عنها".وأوضح أنّ "مسؤولية ألم المريض تقع على عاتق الأطباء، وحتى لو لم يكن هناك خطر على صحة المريض، لا يمكن تركه يشعر بالألم من دون مساعدة".وأكد أنّ الأطباء في غزة مضطرون للقيام بذلك، ولا يمكن لومهم بسبب النقص الحاد في الموادّ الطبية والإسعافية. فشل العمليات الجراحيةفي الحالات العادية، يعطى المريض قبل إجراء العمليات الجراحية شكلًا من أشكال التخدير، وهو عبارة عن أدوية لتخفيف الألم والإحساس أثناء الجراحة. وهناك أشكال مختلفة من التخدير، حيث يعتمد نوع التخدير على نوع الجراحة والحالة الطبية، وفق موقع "hopkinsmedicine".من هنا، ذكر الراسي أنّ "إجراء العمليات الجراحية من دون تخدير، قد تسبب مضاعفات عديدة للمريض"، متابعًا: "مثلًا في حال كان المريض مستيقظا خلال العملية، فهذا قد يؤثر على نجاحها، لأنه عند تخديره لن يستطيع المريض من التحرك ما يترك الطبيب يُجري العملية بهدوء وسهولة، لكن في حال كان المريض يتحرك وغير مخدّر، فالعملية تُجرى بشكل أصعب".مضاعفات تصل للموت"طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، تعرض لعملية بتر نصف قدمه اليسرى تحت تأثير تخدير جزئي، على أرضية المستشفى في الممر، لأنّ جميع غرف العمليات كانت ممتلئة"، وفق ما كشف رئيس بعثة أطباء بلا حدود في القدس ليو كانز.وهذا ما كشفته أيضًا منظمة الصحة العالمية بقولها، إنه يتمّ إجراء عمليات جراحية لبعض الأشخاص في غزة من دون تخدير، بما في ذلك عمليات بتر الأطراف.وهنا تحدّث طبيب التخدير عن مخاطر إجراء العمليات من دون تخدير، خصوصًا على الفئات الضعيفة ككبار السن.وذكر أنّ أعراضًا مختلفة تظهر على المرضى في حال تركهم من دون تخدير مثل: ارتفاع ضغط الدم.دقات قلب سريعة.نبض سريع.وتابع أنّ كلّ ما تقدّم يتسبّب بمضاعفات خطيرة على القلب، الدماغ وأعضاء أخرى من الجسم.التعقيم بالخلّ غير كافٍأما بالنسبة لتعقيم الجروح والأدوات بالخلّ، فقال الراسي لـ"المشهد" إنّ "عدم تعقيم المعدات الطبية بشكل آمن، يرفع من خطر حصول التهاب لجسم المريض".وأكد أنّ "التعقيم بالخلّ غير كافٍ وغير فاعل وإلّا لعقّمنا كل أدواتنا بالخل واستغنينا عن المعقّمات مرتفعة الثمن التي تستعلمها المستشفيات".كما كشف عن مخاطر إجراء العمليات الجراحية جارج الغرف المخصّصة لها، قائلًا إنّ خطر الإصابة بالالتهاب يرتفع، لأنّ العمليات أو الإسعافات تُجرى بغرف غير معقّمة، فغرفة العمليات تُعقّم بالكامل من ناحية المعدات، والملابس المخصصة، وحتى الهواء..".وأشار إلى أنّ "الالتهابات تسبّب مضاعفات خطيرة تؤدي إلى الموت، فالجسم يتعرّض لصدمة من الالتهاب تسبّب الموت".منظمات ترفع الصوتأمام كلّ ما تقدّم، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في القدس، "نفتقر إلى عقاقير التخدير، ونفتقر إلى المهدّئات، ونفتقر إلى العقاقير الأفيونية. نجري الكثير من العمليات بنصف جرعات من البنج، وهو أمر فظيع".وقال: "لا يكون الشخص مخدّرًا بالكامل كما يجب أن يكون. وفي بعض العمليات، في بعض الأحيان، تجرى (العمليات) من دون تخدير".وأشارت منظمة أطباء بلا حدود، إلى "أننا نشهد انهيار نظام رعاية المرضى، فلم يعد الطاقم الطبي قادرًا على علاج الأشخاص أو إدخال المرضى الجدد بشكل فعّال. وتُعتبر الظروف سيّئة للغاية، خصوصًا مع نقص الكوادر الطبية والأدوية والمعدات الطبية، فضلًا عن التدفّق المستمر للمرضى والمصابين بجروح خطيرة، ممّن يعانون إصابات بالغة ومعقّدة وحروقا وكسورا وأطرافًا مسحوقة".أمراض وأوبئةوأيضا، حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر متزايد لانتشار الأمراض في قطاع غزة بسبب تعطل النظام الصحي وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وتكدس الناس في الملاجئ.وأضافت المنظمة أن "الزحام الشديد في الملاجئ وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي يضيف خطرا آخر هو الانتشار السريع للأمراض المعدية مثل الإصابة بالإسهال.وهذا ما أكده رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الصدرية البروفسور جورج جوفيليكيان، لمنصّة "المشهد"، قائلا أن "نوعية الهواء في الملاجئ حيث يختبئ الناس غير جيدة، وبالتالي فهم معرضون لمشاكل أكبر لها علاقة بالالتهابات والأمراض المعدية كالانفلوانزا".(المشهد)