قد لا تختفي أعراض فيروس كورونا مباشرة بعد الشفاء منه، بل تبيّن أنها قد تصاحب الشخص لأسابيع أو أشهر أو سنوات، فيما يُعرف بـ"أعراض كورونا طويل الأمد".وعاد الجدل من جديد حول أعراض كوفيد طويل الأمد، خصوصا في ظل ظهور متحور "بيرولا" الجديد، ونشر دراسات تربط عددا من الأمراض المزمنة بالإصابة بكورونا.ويقدّر أن ما بين 10% و20% من الذين يصابون بكوفيد يعانون من أعراض تلازمهم مدة طويلة، قد تصل إلى شهور بعد التعافي من المرض، أبرزها الإرهاق ومشاكل التنفس والتشوش الذهني.ويقدّر "معهد المقاييس الصحية والتقييم" ومقره الولايات المتحدة أن نحو 145 مليون شخص حول العالم عانوا من أحد هذه الأعراض على الأقل عامي 2020 و2021. وفي أوروبا وحدها، عانى 17 مليون شخص من عارض لكوفيد الطويل الأمد لمدة 3 شهور على الأقل بعد إصابتهم في تلك الفترة، بحسب نموذج وضعه "معهد المقاييس الصحية والتقييم" لمنظمة الصحة العالمية ونشر في وقت سابق هذا الشهر. فماذا يقول الخبراء عن كورونا طويلة الأمد؟ ويعرّف مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المُعدية الدكتور ضرار حسن بلعاوي متلازمة ما بعد كورونا بأنها الأعراض التي تظهر على أي مصاب بكورونا وتستمر معه أكثر من 4 أسابيع، موضحا أنه في المتوسط فإن أعراض كوفيد تبقى لمدة أسبوع إلى 10 أيام.ويقول مركز السيطرة على الأمراض في أميركا إن مرض كوفيد طويل الامد يبدأ عندما تستمر الأعراض لمدة شهر أو أكثر بعد الإصابة. لكن منظمة الصحة العالمية تعرف مرض كوفيد طويل الأمد بأنه "استمرار أو ظهور أعراض جديدة" بعد 3 أشهر من الإصابة الأولية، وتستمر لمدة شهرين على الأقل دون أي تفسير آخر.وفي تصريحات خاصة لمنصة "المشهد" يجيب الدكتور بلعاوي عن مجموعة من التساؤلات حول كورونا طويلة الأمد وفق ما يلي:ما هي أعراض كورونا طويلة الأمد؟الأعراض كثيرة جدا وهي من الأمور التي أصابتنا بالحيرة، حتى الآن تتم دراستها ومحاولة حصرها عبر مقارنتها مع الأشخاص الذين لم يصابوا بكورونا. على سبيل المثال فإن الأعراض الشائعة في مرحلة متحور "دلتا" فقدان حاستي الشم والتذوق، صداع، طفح جلدي. أعراض عصبية: كالاكتئاب والقلق والتوتر وتشوش ذهني وعدم انتظام في النوم، وقد تصيب البعض نوبات صرع. أعراض هضمية: كالإسهال المستمر.متلازمة الإرهاق المزمن: والذي يعد مرضا وأصبح يلاحظ بشكل أكبر بعد كورونا بعد أو بدون نشاط بدني. آلام في المفاصل والأرجل واليدين. وهناك أمراض لوحظت بعد كورونا وليس فقط كأعراض مثل مرض السكري: حيث لوحظ ارتفاع في أعداد المرضى الذين أصيبوا بالسكري بعد كورونا. أمراض القلب: تسارع في دقات القلب والجلطات الدموية وفي الأوعية الدموية.لماذا كثرت النظريات حول كورونا طويلة الأمد ولماذا تحير العلماء؟الجائحة جعلت من الصعب الربط بين الأعراض التي تظهر على الأشخاص والإصابة بكوفيد سابقا، حيث أن تثبيت السببية يتطلب وجود ذراع يسمى "الكونترول"، وهو يعني الأشخاص التي لم تصب بكورونا، حيث تتم المقارنة بين الأعراض الظاهرة وإصابة الشخص سابقا من عدمها بكوفيد. هناك جائحات لكوفيد أصابت 70% إلى 90% من الأشخاص وهو ما يصعّب إثبات السببية.لماذا تصيب الحالات العصبية بعض الأشخاص، أو الصداع أو تشويش الذهن؟ بعض النظريات تقول إن الفيروس يدخل عن طريق مستقبل يسمى "ACES" ما يؤدي إلى خنق الخلايا العصبية ومنع الأوكسجين عنها ما يؤدي إلى موتها أو تلفها، الأمر الذي يفسر ظهور التشويش أو التشتت أو ما يسمى بضبابية الدماغ. النظريات الكثيرة مرجعها إلى أن الدراسات والأبحاث لا تزال تجرى حتى اليوم. ويشير الدكتور إلى أن أهم نظريتين لكورونا طويلة الأمد هي إما أن الفيروس دخل عن طريق مستقبل يسمى "ACES" ما أدى إلى خنق الخلايا العصبية وبالتالي تلفها، أو النظرية الثانية التي تقول إن كورونا طويلة الأمد بسبب جهاز المناعة حيث أن الإصابة بكورونا يؤدي إلى ظهور أمراض مناعية أو بمعنى آخر يجعل المناعة تثور وبالتالي تهاجم الأعضاء الجسدية.من الأشخاص والفئات الأكثر عرضة لهذه الأعراض؟الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد بشكل قوي وشديد أدى إلى دخولهم المستشفيات وغرف العناية المركزة. كبار السن: بنسبة 30%. الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والقلب.هل يمكن لفيروس معين أن يتسبب في تراجع صحة الإنسان لسنوات رغم الشفاء منه والتلقيح ضده؟ الجواب لا، باستثناء بعض الفيروسات. على سبيل المثال فإن إصابة الإنسان بشلل الأطفال قد يبقى للأبد، أو حتى الحصبة قد تسبب مضاعفات معينة. ويستغرب الدكتور من حالة الفيروس كوفيد الذي قد يصيب الإنسان وحتى بعد تعافيه منه قد تظهر أعراض لديه، أو قد يكون له تأثير الإصابة أمراض مزمنة كالسكري مثلا. (المشهد)