كلّ التوقعات والأرقام تشير إلى أنّ موجات الحرارة ستصبح أكثر تواترا وأشدّ حدةً في السنوات المقبلة بسبب تغيُّر المناخ.فدول عدة حول العالم كانت تتميّز بالطقس البارد، لكن انقلب فيها المشهد، وباتت تعاني موجات حرّ غير مسبوقة تنذر بالخطر.وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يسبب تغيّر المناخ، في الفترة من عام 2030 إلى عام 2050، نحو 000 250 وفاة كل عام، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.دول العالم تتحرك"أوروبا تشهد أسرع وتيرة لارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، إذ إنها زادت بما يعادل مثلي زيادة متوسط درجات الحرارة عالميا منذ الثمانينيات"، وفق تقرير مشترك صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وعلماء من الاتحاد الأوروبي.وفي هذا الإطار، بدأت دول عدة برفع الصوت واتخاذ إجراءات مع مطلع فصل الصيف، ونذكر منها:1- ألمانيا في ألمانيا بدأت الاستعدادات لإطلاق مجموعة من الإجراءات الوقائية الجديدة ضد موجات الحر الشديدة المتوقعة هذا الصيف. وقال وزير الصحة الألماني كارل لوترباخ، إنّ هناك آلاف الوفيات المرتبطة بالحرارة كل عام، مشيرا إلى أنّ كبار السن ليسوا وحدهم المعرضين للخطر، ولكن أيضا النساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة والمشردين. ووفقا للتحالف الألماني لتغيّر المناخ والصحة والجمعية الطبية الألمانية وجمعية التمريض الألمانية، توفي ما مجموعه 4500 شخص بسبب الحرارة في عام 2022. وفي عام 2018، كان هناك ما يصل إلى 8700 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة في ألمانيا. 2- إسبانيا هذه الأيام، تواجه إسبانيا أول موجة حرّ في الصيف مع درجات حرارة قد تتجاوز 44 درجة محليا في جنوب البلاد، وفقا لوكالة الأرصاد الجوية الوطنية. وتضاعفت موجات الحر وباتت أكثر اشتدادا في السنوات الأخيرة في إسبانيا، وفقا للعلماء. 3- الصينالأسبوع الماضي، سجّلت بكين أشدّ أيامها حرارة، حيث وصل الحر في مناطق شمال الصين إلى 40 درجة. 4- الهند توفي 54 شخصا على الأقل الأسبوع الماضي في ولاية أوتار براديش بشمال الهند. وتزامن ذلك مع فتح السلطات تحقيقا لمعرفة ما إذا كانت الموجة الحارة هي سبب وفاتهم. 5- بنغلادش أدت موجة حر شديد في بنغلادش، إلى غلق مدارس ابتدائية هذا الشهر، وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، ما زاد من سوء أحوال السكان لعدم استطاعتهم تشغيل مراوح لتلطيف الجو، فيما حذر مسؤولو الطقس من أنّ تحسن الأوضاع لن يكون وشيكا. وارتفعت درجات الحرارة القصوى قرب 41 درجة مئوية بعد أن كانت 32 درجة مئوية منذ 10 أيام. كم يتحمل الجسم حرارة؟ في هذا الإطار، أوضح استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد حسن الطراونة، أنّ "الجسم يمكن أن يتحمل درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية"، مشيرا إلى أنّ الجسم فعليا مهيّأ لمقاومة درجات الحرارة، من خلال الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إلى الجلد والعضلات لمراقبة التغييرات". وأضاف: "عندما ترتفع الحرارة، يعطي المخ إشارة سريعة بالعطش ويبدأ في التعرق، في عملية تبقي الجسم في حال توازن، لكن في بعض الحالات قد لا تسير هذه الطريقة في شكل اعتيادي".مخاطر صحيةبالتالي لن تمرّ موجات الحرّ والجفاف مرور الكرام على الصحة، حيث تؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة تبدأ من الجفاف وتصل إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي المزمنة، وفق ما أفاد الطراونة.وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ تغيّر المناخ يؤثر "بالفعل على الصحة بطرق عديدة، منها التسبب في الوفاة والمرض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة التي تزداد تواترا، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات وتعطل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ، والأمراض المنقولة بالأغذية والمياه والنواقل، ومشاكل الصحة النفسية".أمراض تنفسية ومن أبرز المشاكل الصحية لموجات الحر، أكد الطراونة أنّ المناخ الحار يشكل خطرا على المرضى الذين يعانون الأمراض التنفسية المزمنة، ومن يعاني الربو والذين يعانون التليّف الرئوي أو الانسداد الرئوي المزمن أو حساسية الجهاز التنفسي.وأوضح استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة وأمراض النوم الدكتور محمد حسن الطراونة، أنّ ارتفاع درجات الحرارة يضاعف مستويات الأوزون وسائر الملوثات الموجودة في الهواء، ما يفاقم الأمراض القلبية الوعائية والتنفسية.ضربة الشمستحدث ضربة الشمس عند ارتفاع درجات حرارة الجسم نتيجة التعرض للشمس فترات طويلة ولحرارة تزيد عن 40 درجة مئوية.ولضربات الشمس أعراض صحية خطيرة، وفق الطراونة، أبرزها إتلاف الدماغ والقلب والكليتين والعضلات بسرعة، كما قد يؤدي ذلك إلى الوفاة في حالات معينة. وذكر أنّ "الأطفال عادة أكثر عرضة للاصابة بضربات الشمس، لأنّ أجسامهم لا تزال غير معتادة على مواجهة ارتفاع درجات الحرارة، وهم أكثر حساسية للإصابة بعوارض ضربة الشمس، مثل ارتفاع درجات الحرارة والإسهال والتعب والهذيان، وإمكان حدوث تقرحات أو أمراض جلدية". ونصح بمنع الأطفال من الخروج تحت أشعة الشمس بين الساعة العاشرة صباحا والثالثة بعد الظهر. أما بالنسبة إلى الكبار، فذكر أنه مع ارتفاع درجات الحرارة عن الـ40، تبدأ الأعضاء في الانغلاق وتتدهور الخلايا، ما قد يرهق القلب ويوقفه. وقد يبدأ مرضى في الهلوسة أو يصابون بنوبات صرع.طرق الوقاية بناءً على كلّ ما تقدّم، فاجتماعات عالمية تقيمها دول أكبر العالم والمنظمات للحد من تأثيرات تغيّرات المناخ كون المشكلة لا تتعلق بفرد واحد أو ببلد واحد.وذكر الطراونة أنّ التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة يتطلب القيام بخطوات عدة:تناول كميات جيدة من المياه يوميا للحفاظ على رطوبة الجسم. وتناول الصغار بين 4 إلى 6 أكواب ماء، والكبار 8 أكواب ماء، إضافة إلى تناول سوائل أخرى مثل العصائر.البقاء في أماكن مبرّدة.الابتعاد عن الأعمال التي تتطلب الوجود تحت أشعة الشمس، خصوصا خلال وقت الذروة.عدم تناول أطعمة يجري تحضيرها خارج البيت، لأنها قد تكون ملوثة أو مسمّمة بسبب ارتفاع درجات الحرارة. (المشهد)