لطالما اعتُبرت مرحلة ما قبل انقطاع الطمث – وهي المرحلة الانتقالية التي تسبق انقطاع الطمث – تجربة منتصف العمر، تؤثر عادةً على النساء في أواخر الأربعينات. لكنّ أبحاثًا جديدة كشفت أنّ عددًا كبيرًا من النساء في الثلاثينيات يعانين بالفعل أعراضًا شديدة لهذه المرحلة تدفعهنّ لطلب المساعدة الطبية.في دراسة شملت 4,432 امرأة في الولايات المتحدة، وجد باحثون من Flo Health وجامعة فيرجينيا، أنّ أكثر من نصف النساء بين 30 و35 عامًا أبلغن عن أعراض متوسطة إلى شديدة لانقطاع الطمث، وفقًا لمقياس تقييم أعراض انقطاع الطمث (MRS). ومن بين من استشرن الأطباء بسبب هذه الأعراض، تم تشخيص ربعهنّ بأنهنّ في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، ما يتحدى الفكرة السائدة بأنّ هذه المرحلة تقتصر على النساء الأكبر سنًا.نقص الوعي والدعم الطبينُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة npj Women’s Health، وسلطت الضوء على فجوة كبيرة في الوعي الطبي والدعم الصحي للنساء اللواتي يعانين من بداية مبكّرة لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث.تقول الدكتورة جينيفر باين، الخبيرة في الطب النفسي الإنجابي بجامعة فيرجينيا وأحد مؤلفي الدراسة: "الأعراض الجسدية والعاطفية المرتبطة بهذه المرحلة غالبًا ما يتم التقليل من شأنها أو تجاهلها من قبل الأطباء. هذا البحث مهم لفهم مدى انتشار هذه الأعراض وتأثيرها على النساء، وزيادة الوعي بين الأطباء والجمهور."رغم أنّ التعريفات الطبية لهذه المرحلة واضحة، فإنّ الوعي العام لا يزال ضعيفًا. إذ يتم غالبًا استخدام مصطلح "انقطاع الطمث" ليشمل كلًا من مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وما بعده، ما يؤدي إلى ارتباك النساء وشعورهنّ بعدم الاستعداد أو الدعم الكافي خلال هذه المرحلة الانتقالية.كيف تختلف بداية مرحلة ما قبل انقطاع الطمث؟تتفاوت تجربة النساء في هذه المرحلة، فبينما تمر بعضهنّ بانتقال سلس يستمر بين 5 إلى 7 سنوات، تواجه أخريات عقدًا كاملًا من الأعراض الجسدية والنفسية المرهقة التي تؤثر على حياتهنّ اليومية.كما يشرح الباحثون أنّ مرحلة قبل انقطاع الطمث تنقسم إلى مرحلتين:المرحلة المبكّرة: تبدأ بانقطاع متقطع للدورة الشهرية أو عدم انتظامها.المرحلة المتأخرة: تصبح الدورة الشهرية أكثر اضطرابًا، وقد تغيب لفترات طويلة تصل إلى 60 يومًا أو حتى سنة كاملة.بالتالي حددت الدراسة 8 أعراض رئيسية مرتبطة بهذه المرحلة:انقطاع الدورة الشهرية لمدة 12 شهرًا أو أكثر من 60 يومًا.الهبات الساخنة.جفاف المهبل.ألم أثناء العلاقة الزوجية.عدم انتظام طول الدورة الشهرية.خفقان القلب.كثرة التبول.وبينما تزداد شدة الأعراض مع التقدم في العمر، أظهرت الدراسة أنّ النساء في الثلاثينيات والأربعينيات يعانين أيضًا أعراضًا مزعجة. إذ أبلغت 55.4% من النساء بين 30 و35 عامًا عن أعراض متوسطة إلى شديدة، وارتفعت النسبة إلى 64.3% لدى النساء بين 36 و40 عامًا.تقول ليودميلا زونوفا، مديرة الأبحاث في Flo:أظهرت دراستنا أنّ عددًا كبيرًا من النساء اللاتي يُعتقد أنهنّ صغيرات جدًا على دخول هذه المرحلة يعانين مستويات عالية من الأعراض المرتبطة بها. من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث لفهم ما يحدث لهن، حتى يحصلن على الرعاية المناسبة.الأعراض النفسية مقابل الأعراض الجسديةكما كشفت الدراسة أنّ الأعراض النفسية مثل القلق والاكتئاب والعصبية تظهر مبكرًا، وتبلغ ذروتها بين 41 و45 عامًا قبل أن تبدأ في الانخفاض. أما الأعراض الجسدية مثل الاضطرابات الجنسية، ومشاكل المثانة، وجفاف المهبل، فتزداد بشكل ملحوظ بعد سن الخمسين. أما الهبات الساخنة والتعرق الليلي، وهما من أكثر أعراض انقطاع الطمث شيوعًا، فظهرا بشكل أوضح بين 51 و55 عامًا، بينما كانا أقل انتشارًا بين النساء الأصغر سنًا.ورغم معاناة العديد من النساء من أعراض شديدة، إلا أنّ النساء الأصغر سنًا أقل ميلًا لطلب المساعدة الطبية. فقد وجدت الدراسة أنّ 51.5% من النساء فوق سن 56 استشرن طبيبًا، بينما لم تفعل ذلك سوى 4.3% من النساء بين 30 و35 عامًا. ومع ذلك، من بين اللواتي طلبن المشورة الطبية، تم تشخيص أكثر من ربع النساء بين 30 و35 عامًا، و40% من النساء بين 36 و40 عامًا بأنهنّ في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.(ترجمات)