وكأنها قصة من الأفلام، 5 أشخاص مفقودون في غواصة على عمق آلاف الأمتار. الهدف كان رحلة استكشافية إلى حطام السفينة "تايتانيك". الإتصال فُقد بالغواصة بعد دقائق من الانطلاق. مصير الأشخاص مجهول لليوم الرابع.فصباح يوم الأحد، بدأت الغواصة تيتان التي يبلغ طولها 6.7 متر بالنزول إلى الأعماق في المحيط الأطلسي، بينما كانت تحمل 5 أشخاص إلى أعماق المحيط لزيارة حطام السفينة تايتانيك، لكنها فقدت الاتصال مع المركبة الأم على السطح. ومنذ لحظات فقدان الاتصال بدأت فرق دولية تمشيط مساحة شاسعة من المحيط بحثا عن أيّ علامات تدل على الغواصة "تيتان".من في الغواصة؟لا بدّ من الإشارة بداية، إلى أنّ تكلفة الرحلة السياحية الاستكشافية، تبلغ 250 ألف دولار للشخص الواحد، وفق ما ذكرت مصادر عدة.أما المفقودون على متن الغواصة فهم:رجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينغ.الملياردير الباكستاني شاهزاده داود ونجله سليمان.الغواص الفرنسي بول هنري نارجوليه.والشخص الخامس هو ستوكتون راش، الرئيس التنفيذي ومؤسس لشركة Ocean Gate التي قادت الرحلة.وأمس الأربعاء، أكد خفر السواحل الأميركي أنّ جهاز سونار رصد "أصواتا تحت الماء" خلال عمليات البحث عن الغواصة السياحية المفقودة. وكان التقرير عن الأصوات مشجعا لبعض الخبراء، لأنّ أطقم الغواصات غير القادرة على التواصل مع السطح، يتم تعليمها كيفية ضرب بدن الغواصة ليتم اكتشافها بواسطة السونار.بهذه الحال يتوفون مباشرةويشير مدرب الغوص والإسعافات الأولية السعودي صالح صالح، إلى أنّ "مخاطر عدة يواجهها ركاب الغواصة في حال حدوث خلل كنقص إمداد الأوكسيجين، وثاني أوكسيد الكاربون السام، ودرجة الحرارة المنخفضة".ويعتبر بحديث لمنصة "المشهد"، أنّ "في العمق الذي يوجد فيه حطام سفينة "تايتانيك"، سيكون ضغط الماء على الجسم نحو 380 ضعفا، لما يتعرض له الإنسان على سطح الأرض". فمخاطر عدة قد يعيشها رواد الغواصة، حيث يلفت الخبير السعودي إلى أنه "عادةً ما تحتوي الغواصات على جهاز تنقية غاز ثاني أوكسيد الكاربون لإزالة الغازات السامة التي تتراكم عند تنفّس الركاب، لكنّ ساعات عمل هذه الأجهزة محدودة".ويخشى الخبراء أن الطاقة الكهربائية ربما تكون قد فُقدت بالفعل داخل الغواصة بعد هذا الوقت الطويل، وهذا يعني أن "أجهزة التنظيف" الحيوية المصممة لتصفية المستويات السامة من ثاني أكسيد الكربون في الأماكن الضيقة ربما تكون قد توقفت بالفعل عن العمل.أما عن سبب انخفاض حرارة الجسم، فيعود إلى انخفاض درجة حرارة المحيط، وفق صالح. ويجزم أنه "إذا كان هناك أيّ نوع لخرق هيكل الغواصة، فالركاب يتوفون مباشرة بسبب الضغط الذي يزيد عن 2 طن لكل بوصة مربعة، الذي يمارسه المحيط على عمق 3800 متر".فبمجرد أن يغوص الناس تحت الماء، عليهم أن يتعاملوا مع ضغط الماء، وهو أكثر كثافة من الهواء المحيط بهم.نفاذ الأوكسيجين أما اليوم، وبعد 4 أيام على الواقعة، تشير التقديرات إلى احتمال قرب انتهاء إمدادات الأوكسيجين في الغواصة، ما يعني أنّ السباق مع الزمن قد صار في أوجه.ووفق التقارير، لم يكن لدى طاقم الغواصة تيتان، سوى إمدادات أوكسجين لـ4 أيام فقط، عندما انطلقت صباحا يوم الأحد.وفي هذا الإطار، يذكر صالح أنه يمكن للأشخاص البقاء على قيد الحياة لمدة 15 دقيقة تقريبا من دون أوكسجين، متابعا أنهم قد يفقدون وعيهم قبل ذلك، مع احتمال حدوث تلف في الدماغ بعد بضع دقائق فقط من دون هواء".وتحدّث عن مسألة التخدير بالنيتروجين، مشيرا إلى أنه "مع الضغط المرتفع في أعماق البحار والمحيطات، تبدأ الكيمياء الداخلية للجسم في التغير". والنيتروجين يشكل جزءا من الهواء الذي نتنفسه، وقد يصبح في حالات أكثر قابلية للذوبان، ما يتسبب في دخوله إلى الدم، وفق صالح. ويتابع، أنّ غالبا ما سيجد الأشخاص صعوبة بالتنفس عندها، ويصبحون تدريجيا فاقدين للوعي، فالتخدير بالنيتروجين يحدث نتيجة تنفس غازات تحت ضغط مرتفع.إذا بين انتهاء امدادات الأوكسيجين، التخدير بالنيتروجين، الهلع بين الركاب، الضغط القوي وانخفاض الحرارة تتراوح المخاطر الصحية داخل الغواصة.أمل الحياة موجود؟ وعن احتمال وجود أيّ أمل بعد 4 أيام، يعتبر صالح أنّ "الوقت الآن حرج، ولا بدّ من استخدام كلّ التقنيات في الإنقاذ"، معتبرا أنّ "الأمل موجود مع استخدام الغواصة فيكتور، لأنّ لديها إمكانية للوصول إلى أعماق 6 كلم تحت البحر". واليوم، قال معهد الأبحاث الفرنسي لاستغلال البحار، إنّ الربوت "فيكتور" يمكنه الغوص إلى عمق يصل إلى 6 آلاف متر تحت الماء، في طريقه للمساعدة في البحث عن الغواصة.فيكتور قادر على القيام بالاستكشاف المرئي باستخدام جميع معدات تصوير الفيديو المزود بها. مزوّد بأذرع معالجة يمكن استخدامها لتخليص الغواصة، مثل قطع الكابلات أو أشياء من شأنها أن تعيقها في القاع.ولفت رئيس العمليات البحرية في معهد الأبحاث الفرنسي لاستغلال البحار أوليفييه ليفور، إلى أنّ الروبوت يشغّل طاقما مؤلفا من 25 فردا، متابعا أنه "يمكننا العمل من دون توقف لمدة تصل إلى 72 ساعة، ولسنا بحاجة إلى التوقف ليلا".ويرقد حطام تايتانيك التي ارتطمت بجبل جليدي وغرقت في أول رحلة لها عام 1912، على عمق 3810 أمتار وعلى بعد 1450 كيلومترا تقريبا شرق مدينة كيب كود بولاية ماساتشوستس الأميركية، و644 كيلومترا جنوب مدينة سانت جونز في مقاطعة نيوفاونلاند بكندا.(المشهد)