تجتاح تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا "تيك توك" فيديوهات لأطفال، منهم من يكشف عن موهبة خاصة به ومنهم من يصور فيديوهات فكاهية بمساعدة الأهل ومنهم من يقوم بتصرفات توصف بأنها "أكبر من عمره". فبدل اللعب بالطابة أو مع الأصدقاء، نجد الأطفال جالسين أمام شاشات الهاتف يتصفحون مواقع التواصل أو يشاهدون فيديوهات، وفي غالب الأحيان "من دون حسيب أو رقيب". وفي دراسة لـ"Mott Children's Hospital National"، شملت 1030 والدا مع طفل واحد على الأقل يتراوح عمره بين 7 و12 سنة، ظهر أن: 49% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 سنة يستخدمون أجهزتهم للتفاعل مع الآخرين على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي. 32% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و9 سنوات يستخدمون هذه الأجهزة أيضا. كما تبين أن 1 من كل 6 من الآباء لا يستخدمون أي أدوات رقابة أبوية لتطبيقات الوسائط الاجتماعية الخاصة بأطفالهم. العمر الأنسب اعتبارا من عام 2021، كان 25% من جمهور "تيك توك" في أميركا من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 سنة، وفق "ستاتيستا". علما أن معظم تطبيقات الوسائط الاجتماعية تتطلب أن يكون عمر المستخدم 13 سنة على الأقل. وهنا، أشارت المعالجة النفسيّة للأطفال، والاختصاصيّة في التوجيه التربوي، رهام منذر لمنصة "المشهد"، إلى أن "عمر 13 سنة هو الأنسب لامتلاك الطفل حسابا على مواقع التواصل، ففي هذا العمر يستطيع الطفل التمييز أكثر بين الصواب والخطأ". انعكاسات سلبية في سياق متّصل، وجدت الدراسات ارتباطا وثيقا بين استعمال مواقع التواصل الاجتماعي والاكتئاب، القلق، مشاكل النوم والأكل، وزيادة مخاطر الانتحار. وتوافق ذلك مع حديث منذر، التي أشارت إلى أن "لمواقع التواصل تأثيرات سلبية على البالغين والمراهقين، بحيث ترفع من نسبة الاكتئاب نتيجة المقارنة التي تحصل بين متصفحها وما يشاهده". أما بالنسبة للأطفال، فأكدت منذر "تأثير استخدام مواقع التواصل عليهم حيث تزيد نسبة القلق والاكتئاب، إلا أن الأخطر هو محاولتهم تقليد ما يشاهدونه". ولفتت إلى أنه "قبل عمر 13 سنة لن يستطيع الطفل التمييز بين الحياة الواقعية والافتراضية ما قد يسبب مشاكل نفسية له". وأوضحت أن "الطفل قد يلجأ أكثر إلى استخدام مواقع التواصل للهروب من الحياة الواقعية في حال كان منزعجاً منها"، مشددة على أهمية "دور الأهل لتغيير الواقع المر الذي يعيشه الطفل لكي لا يعتبر أن العالم الافتراضي أفضل من واقعه". الأهل نوعان بعيدا عن امتلاك الأطفال حساب خاص بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بات من الملاحظ والرائج ظهور أطفال من حسابات أهلهم. وهنا ذكرت المعالجة النفسيّة للأطفال، أن "بعض الأهل يعرضون أطفالهم لمواقع التواصل الاجتماعي، فالبعض يسمح للطفل بامتلاك حساب خاص به، بينما البعض الآخر يصور طفله وينشر الفيديوهات أو الصور على مواقع التواصل". وميّزت بين الأسباب التي تجعل الأهل يقومون بنشر صور وفيديوهات أطفالهم وهي: مشاكل تتعلق بالطفولة، فإن لم تلبى حاجات الأهل منذ الصغر سيحاولون تلبيتها من خلال الاستعانة بطفلهم. الأسباب المادية، من أجل الحصول على مشاهدات أكثر بالتالي عائدات مالية من الإعلانات وغيرها. ورأت منذر أنه "في حال الطفل الموهوب بالطبخ أو الرسم أو سرعة الحساب، فليس من الخطأ عرض مواهبه على مواقع التواصل بعكس الحالات الأخرى". حماية الطفل تجعل مواقع التواصل الطفل يتصرف كالكبار بسبب ما يشاهده ويحاول تقليده أو التأثّر به، لذا قدمت منظمة "يونيسف" 4 طرق لاتباعها للحفاظ على سلامة الطفل عند استخدامه الإنترنت: الرقابة الأبوية، حيث تسمح بعض التطبيقات للوالدين بتحديد المحتوى الذي يمكن لأطفالهم الوصول إليها عبر الإنترنت. اتخاذ سلوكيات سليمة وآمنة على الإنترنت من خلال تعليم الطفل كيفية الحفاظ على خصوصية المعلومات الشخصية. قضاء بعض الوقت معهم على الإنترنت. خلق وسائل تواصل مفتوحة بين الأهل والأطفال من خلال الحوار الإيجابي الداعم لبناء الثقة بينهم. إذا استخدام مواقع التواصل من قبل الأطفال أمر غير سليم بشكل تامّ، فمن المهم على الأهل إجراء محادثة مفتوحة وصادقة مع أطفالهم حول ماهية وسائل التواصل الاجتماعي، وماذا ينتظرون منها. (المشهد)