لم يتمكن سامر من استعادة رؤيته بالكامل منذ سنوات، بعدما نظر لوقتِ طويل إلى كسوف الشمس في البلاد منذ سنوات. واليوم، يتابع الملايين عبر مناطق كثيفة السكان في أميركا الشمالية كسوفا كليا للشمس حيث يحجب القمر الشمس تماما لأكثر من 4 دقائق في بعض المناطق. فما مخاطر كسوف الشمس 8 أبريل 2024 الصحية؟ عند كسوف الشمس الكلي، يمر القمر بين الشمس والأرض، ليغطي سطح الشمس بالكامل بطول مسار صغير من سطح كوكبنا. وهذا ما يسمى "طريق الكسوف". وتتحول السماء نهارا إلى ظلام شبيه بغسق المغيب أو غبش الفجر مما يحير الحيوانات الليلية ويجعلها تستيقظ ظنا منها أن الليل قد حل. وبمدة تصل إلى 4 دقائق و28 ثانية سيكون كسوف الشمس 8 أبريل 2024 أطول من الكسوف الكلي الذي حدث عبر أجزاء من الولايات المتحدة في عام 2017، والذي استمر نحو دقيقتين و42 ثانية. وهذا المشهد السماوي النادر لن يتكرر في هذا الجزء من العالم قبل سنة 2044. لذا عادة ما تثير هذه الأحداث فضول الكثير من الأشخاص، لكن يبدو أن للخبراء، وتحديدا خبراء النظر رؤية ثانية للأمر، محذرين من مخاطر النظر مباشرة إلى حدث كسوف الشمس. احتراق خلايا العين وكشف الاخصائي في جراحة العين الدكتور بول ديب، والذي سبق وعالج حالات عدة أصيبت بمشاكل بالرؤية نتيجة النظر لكسوف الشمس، أنه عند كسوف الشمس تزيد الأشعة ما فوق البنفسجية بأكثر من 20 مرة من وضعها الطبيعي، ومن المعلوم أن لهذه الأشعة ضرر كبير على النظر. وعدد المخاطر الصحية التي قد يعاني منهما كلّ من ينظر للشمس عند الكسوف، لافتا في تصريح لمنصة "المشهد" إلى أن أكثر من يتأذى هو البقعة أو اللطخة الصفراء في العين وهي المنطقة المركزية في الشبكية، كون لديها قدرة امتصاص عالية للأشعة ما فوق البنفسجية وأوضح أن اللطخة الصفراء فيها أكثر من 10 ملايين خلية مسؤولة عن الرؤية النهارية والألوان، وعندما تدخلها الأشعة ما فوق البنفسجية بقوة تحرق، متابعا أن العين تمتص كثيرا الأشعة ما يؤدي إلى تلف الخلايا المسؤولة عن رؤية الألوان والرؤية خلال النهار.كما أن خطرا آخر يحدق بالشخص الذي يتعرض للكسوف وفق ديب، قائلا إن الأشعة تولّد حرارة بالقرنية وهي أول جزء بالعين، وأول حماية للعين، وخلال الكسوف تحصل عملية امتصاص عالية للأشعة وتولد حرارة قوية فتسبب الجفاف، متابعا أن المريض الذي يتعرض للأشعة ما فوق البنفسجية يعاني لفترة من جفاف العين وفي هذه الحال يعطى قطرات ترطيب. لكنه أعاد التشديد على أن الضرر الكبير يطال اللطخة الصفراء، موضحا أن العارض الأبرز لها هو أن المريض لا يرى سوى نقطة سوداء في وسط نظره كون الحريق يحصل في منتصف اللطخة، ومضيفا أن عادة ما يلاحظ الشخص مباشرة تغييرا برؤيته، لذا يجب الذهاب مباشرة للطبيب. وعن ظهور الأعراض، قال أن بعد 10 دقائق من النظر للكسوف تبدأ الأعراض والرؤية السوداء، وفي حال لم يعد النظر طبيعيا بعدها بقليل فيجب أن يتجه المريض مباشرة لأقرب طبيب لرؤية مدى الضرر بالشبكية. خسارة الرؤية الصحيحة وكشف ديب أنه عالج أكثر من حالة تعرضت لكسوف الشمس، لافتا إلى أنه في حال الإصابة الطفيفة فقد تجدد الشبكة نفسها حيث يترافق ذللك مع تناول أدوية مضادة للأكسدة، واتباع نظام غذائي معين وفيتامينات لترميم الطبقة المتضررة . وتابع أن أحد الأشخاص الذين عالجتهم بقي ينظر للكسوف طوال الوقت فكان ضرره شبه كلي وخسر نظره الوسطي وبات يرى الأطراف فقط، مثلا إذا نظر إلى وجه شخص آخر لا يرى أنفه أو عينيه إنما فقط أذنيه وشعره، لافتا إلى أن هذا ضرر دائم لأن الخلايا احترقت بشكل كلي. لكن هل الأضرار تتعالج كليا؟ يجيب ديب أن النظر لا يعود بنسبة 100% لأن الضرر وُجد ومن الصعب العودة لطبيعته، ونادرا ما يُستعاد النظر بنسبة 90% وذلك بحسب درجة وقت التعرض للكسوف.كيف يمكن مشاهدة الكسوف بأمان؟ في السياق، نصح الطبيب المتحدث بعدم النظر للكسوف حتى مع ارتداء النظارات الشمسية لأن الحماية لا تكون صائبة بنسبة 100%، وعدم الخروج بتاتا من المنزل.بينما يحذر الخبراء من أنه من غير الآمن النظر مباشرة إلى الشمس الساطعة دون استخدام وسائل حماية العين المتخصصة المصممة للنظر نحو أشعة الشمس. ووفقا لهؤلاء الخبراء، فإن مشاهدة الكسوف من خلال عدسة الكاميرا أو المنظار أو التلسكوب دون استخدام مرشح شمسي خاص يمكن أن يسبب إصابة خطيرة للعين.وينصحون باستخدام نظارات شمسية آمنة أو نظارة شمسية آمنة محمولة باليد، مشيرين إلى أن النظارات الشمسية العادية ليست آمنة لمشاهدة الشمس.ما علاقة الصحة النفسية بالكسوف؟ وفي الأسئلة الشائعة لوكالة "ناسا" حول الطرق المحتملة لتأثير كسوف الشمس على البشر، ذكروا وفق موقع "creyos" أن التأثيرات النفسية حقيقية. يمكن أن يصاحب الشعور بالرهبة الملاحظة المباشرة لحركة الأجرام السماوية التي نعتمد عليها جميعًا، ولكن نادرًا ما نفكر فيها. وبينما تزيد مثل هذه الأحداث شعور التواصل مع الكون والانتماء إلى شيء أكبر من الذات، مما يمنح الأفراد شعورًا بالإثارة والدهشة، فقد يعاني بعض الأشخاص آثارا سلبية على صحتهم النفسية نتيجة كسوف الشمس، خصوصا إذا كانوا يعانون القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات الهلع. قد يزيد الشعور بالتوتر وعدم الارتياح لديهم بسبب تغيرات في البيئة المحيطة وتوتر الانتظار لمشاهدة الحدث الفلكي.علاوة على ذلك، قد يعاني بعض الأشخاص شعورا بالاضطراب أو الخوف نتيجة للاعتقادات الشائعة والخرافات المتعلقة بالكسوف. فمثلاً، في بعض الثقافات، يعتبر الكسوف علامة على شيء سلبي أو كارثي، مما يزيد من مستوى القلق والتوتر لدى الأفراد الذين يؤمنون بهذه الاعتقادات. للتخفيف من آثار هذه الظاهرة الفلكية على الصحة النفسية، يمكن للأفراد اتباع بعض الإرشادات البسيطة. على سبيل المثال، يمكنهم مشاركة الفعاليات المجتمعية أو التجمعات التي تنظم لمشاهدة الكسوف، حيث يمكن أن يكون التواصل مع الآخرين ومشاركة هذه اللحظات الخاصة مفيدًا للشعور بالانتماء والمشاركة الاجتماعية. (المشهد)