جرحى على الطرقات في مناطق لبنانية مختلفة، دماء متناثرة، وحالة استنفار، هكذا كان المشهد أمس عقب انفجار أجهزة اتصال لاسلكية "بيجر" في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت وسهل البقاع، وجميعها من معاقل "حزب الله".ووصف خبراء إستراتيجيين ومحللين ما حصل بـ"أكبر اختراق أمنيّ" تعرضت له الجماعة خلال الاشتباكات المستمرة مع إسرائيل منذ قرابة عام. ففي لحظة واحدة، وقع أكثر من 2800 شخص بين قتيل وجريح، تراوحت إصابتهم بين المتوسطة والحرجة، في حصيلة غير نهائية.جرحى عملية "بيجر""المشهد" تواصلت مع أطباء عدة عالجوا مئات المصابين في مستشفيات مختلفة، حيث أجمعوا على أن أبرز الإصابات كانت في العيون واليدين.ووفق تقرير لصحيفة "جيوزاليم بوست" الإسرائيلية فإنه من المرجح أن تكون اليد التي يستخدمها جرحى "حزب الله" للإمساك بزناد البندقية أو الضغط على الزر لإطلاق صاروخ تعرّضت للإصابة، مشيرة إلى أن: عناصر "حزب الله" يمكن لبعضهم العودة إلى خدمة الجماعة، ولكنهم لن يتمكنوا من استعمال إحدى أيديهم.العاهات التي سبّبها الانفجار ستكون علامة على انتمائهم.إعاقة دائمةوبالعودة إلى الواقع على الأرض، قال رئيس الصليب الأحمر اللبناني السابق ومدير قسم الطوارئ في مستشفى "أوتيل ديو" الدكتور أنطوان الزغبي إن: أكثر الإصابات تركّزت في العيون واليدين والبطن، لذا لدى عشرات الجرحى عمليات جراحية اليوم خصوصًا أولئك الموجودين في غرف العناية الفائقة وحالتهم حرجة.الإصابات الكبيرة تؤدي لإعاقة دائمة خصوصًا في اليدين والأصابع.في السياق، كشف الاختصاصي في جراحة الجهاز الهضمي الدكتور توفيق مسلّم لمنصة "المشهد"، أن "الإصابات كانت في العيون، الخاصرة اليمين والوجه واليدين"، متابعًا أن الكثير من الأشخاص فقدوا عيونهم أو أجزاء من أيديهم، لافتًا إلى أنّ غالبية الإصابات كانت في الجهة اليمنى".وذكر أن "ضرر العديد من المصابين لا يعوض كخسارة اليد أو أصابع من اليد أو عين أو اثنتين"، مضيفًا أن ذلك قد يسبب "إعاقة دائمة للبعض ما يؤثر على قدرة الشخص للعودة للميدان أو لعمله اليومي"، لافتًا إلى أن "المصابين هم من الشباب ولم يفقدوا وعيهم عقب الحادثة". ورجّح أن تعود الإصابات الطفيفة لأشخاص كانوا بجوار أولئك الذي انفجر فيهم الجهاز. وتوافق كلام الزغبي ومسلم مع الطبيب طوني كفوري الذي عالج المصابين في مستشفى جبل لبنان، قائلًا إن الإصابات تركّزت في العيون واليدين والوجه، مرجحًا بأن إصابات اليدين قد لا يمكن إصلاحها. إصابات العين تعني أن الجهاز لحظة انفجاره كان قريبًا من الوجه ما يعزّز فرضية وصول رسالة للعناصر قبل التفجير بثوانٍ، لكن ذلك يبقى ضمن فرضيات غير مثبتة بعد.جاهزية مستشفيات لبنانصحيح أن ما حصل أمس حدث غير مسبوق، لكن لم يكن الأول لمستشفيات لبنان. ففي 4 أغسطس 2020، تعرض لبنان لأحد أكبر الانفجارات في العالم، ألا وهو انفجار مرفأ بيروت وآنذاك اكتظت المستشفيات بالجرحى والقتلى، ما وضع ضغطًا كبيراً عليها حتى أن بعضها فقد المواد الأولية للجراحة. لكن ما حصل في انفجار المرفأ استفادت منه الأجهزة الطبية، وهذا ما أكده كفوري قائلا "كنا على جاهزية تامّة وكانت لدينا خبرة بعد انفجار 4 أغسطس". أما الزغبي فوصف الجاهزية الطبية بأنها "كانت جيدة جدا وكل الأدوات الطبية كانت كافية".بينما كشف د. مسلّم أهمية خطة الطوارئ التي وضعتها المستشفيات في الأشهر السابقة بالتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية، قائلا: "تحركنا بسرعة لعلاج كلّ المصابين بأسرع وقت". وتابع: "عملت مع مستشفيات عدة وكانت الجاهزية ممتازة فسبق أن وضعت المستشفيات خططًا لهذه الحالات مع وزارة الصحة لمواجهة أي حدث طارئ، وأمس فعّلت الخطة ووصلت رسائل لكل الأطباء بعد لحظات من الحدث للحضور وللتوجه للمستشفيات مهما كان اختصاصهم".ولا تزال المستشفيات تطلب وحدات دمّ لغاية الساعة للجرحى، علمًا أن حملات التبرع بالدم تمت أمس وشارك فيها آلاف اللبنانيين من مختلف مناطق البلاد.(المشهد)