تشير دراسة حديثة إلى أن شرود الذهن – خصوصا أثناء أداء مهام بسيطة لا تتطلب تركيزًا عاليًا – قد يكون له تأثير إيجابي غير متوقع على عملية التعلم.في تجربة أجراها باحثون من جامعة "إيتفوس لوراند" في المجر بقيادة الدكتور بيتر سيمور، طُلب من حوالي 40 مشاركًا إتمام مهمة تعلم تعتمد على اكتشاف الأنماط الاحتمالية، بينما تمت مراقبة نشاط الدماغ باستخدام تخطيط كهربية الدماغ عالي الكثافة (EEG).كيف يساعد شرود الذهن في التعلم؟المفاجأة كانت في أن أداء المشاركين لم يتراجع أثناء فترات شرود الذهن، بل على العكس، أظهر بعضهم نتائج أفضل أثناء هذه الفترات التلقائية من شرود الذهن.أظهرت الدراسة أن شرود الذهن العفوي، الذي يحدث دون تخطيط أو نية، يعزز قدرة الدماغ على اكتشاف الأنماط الخفية وتعلمها، في حين أن أحلام اليقظة المتعمدة لم تحقق التأثير الإيجابي ذاته.حالة شبيهة بالنوم ولكن الشخص في حالة يقظةسجل الباحثون خلال فترات شرود الذهن العفوي تذبذبات دماغية بطيئة التردد تشبه تلك التي تحدث أثناء النوم أو الاسترخاء العميق. وهذا يشير إلى أن العقل يدخل في حالة "راحة يقظة"، تدعم تثبيت الذكريات والتعلم غير الواعي دون أن يكون الشخص ناعسًا أو غير متصل بالواقع.وتم تمييز نوعين من شرود الذهن في الدراسة:العفوي: يحدث بشكل تلقائي دون نية.المتعمد: يتضمن قرارًا واعيًا بالابتعاد عن التركيز.خلصت النتائج إلى أن شرود الذهن العفوي فقط هو الذي يعزز التعلم الفعّال، ربما بسبب التذبذبات الدماغية المشابهة لتلك التي تحدث أثناء النوم، والتي تُعرف بقدرتها على دعم ترسيخ المعلومات.هل نحتاج إلى "راحة يقظة"؟تشير الدراسة إلى أن البشر يقضون ما بين 30% إلى 50% من أوقات يقظتهم في حالة شرود ذهني، وهو ما كان يُعتبر سابقًا هدرًا ذهنيًا. لكن النتائج الجديدة تعيد تعريف هذا الوقت باعتباره فرصة للتعلم الهادئ وترسيخ المعلومات.بدلاً من اعتبار شرود الذهن مشكلة، تقترح الدراسة أنه يمكن أن يكون أداة معرفية فعالة، خاصة في التعلم غير المقصود أو غير النشط. كما تدعو إلى إعادة التفكير في مفهوم "التوقف الإدراكي" واعتباره عنصرًا مهمًا ضمن دورة الأداء العقلي.(ترجمات)