خلال محاولة أستاذ الفلسفة في جامعة ميتشغن الشمالية أنطوني أومان، لتصحيح أوراق طلابه، وجد ورقة بحثية أثارت إعجابه إلى حد وصفه لها بـ"أفضل ورقة بحثية شاهدها في الفصل". الورقة ناقشت "حظر البرقع" من خلال جُمل مبنية بشكل إبداعي وأمثلة ملائمة ونقاشات منطقية. لكن الأستاذ لم يصدق أن طالبا تمكن من كتابة ما قرأ، فسأل الطالب "هل كتبت الورقة بنفسك؟" ليفاجأ بأن الطالب استخدم الذكاء الاصطناعي لكتابتها بواسطة برنامج دردشة ذكي، يمنح المعلومات ويشرح المبادئ ويقدم الأفكار في جُمل بسيطة، وفي هذه الحالة كتب ورقة بحثية. بعد ما اكتشف أومان ما حدث، قرر أن يغير من طريقة كتابة الأوراق البحثية والشرح في الفصل الدراسي، ويخطط حاليا لمطالبة طلابه بكتابة مسودة أولى في الفصل الدراسي، بواسطة المتصفحات المُراقبة التي تقيد نشاط الكمبيوتر. وفي المسودات التالية سيتعين على الطلاب شرح كل مراجعة، وفقا لخطة أستاذ الفلسفة، الذي يُخطط للتخلي عن المقالات والأبحاث من أجل التخلص من استعانتهم بالذكاء الاصطناعي.وصرح الأستاذ أومان لصحيفة "نيويورك تايمز": ما يحدث بالفصل حاليا سيتغير. سنتحدث حول بعض الأسئلة كبشر. مثل، كيف سيفكر روبوت فضائي؟ التعليم في وجود الذكاء الاصطناعيصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية كشفت بَدْء أساتذة الجامعات ومدراء الأقسام، في إصلاح الفصول الدراسة استجابة لاستعانة الطلاب بالذكاء الاصطناعي في فصولهم الدراسية وذلك في مختلف أنحاء الولايات المتحدة حاليا.ما أدى لتحول وصفته الصحيفة بـ"ضخم في عملية التعليم كليا، إذ يعيد بعض الأساتذة تصميم المقررات بالكامل، ما يؤدي لإدخال تغييرات تشمل المزيد من الامتحانات الشفوية والعمل الجماعي، والتقييمات المكتوبة بخط اليد بدلا من الاختبارات المطبوعة". تلك التحركات هي جزء من صراع يحدث حاليا مع انتشار موجة جديدة من التكنولوجيا اسمها حاليا "الذكاء الاصطناعي التوليدي". والذكاء الاصطناعي التوليدي، عبارة عن برامج محادثات ذكية، ظهرت في الأشهر الأخيرة من عام 2022، وأصبحت طليعة عملية التحول الكبير حاليا. فتلك البرامج تولد نصا فاصلا ودقيقا في استجابة لمطالب المستخدم التي تكون عادة صغيرة، إذ يستخدمه البعض لكتابة رسائل الحب والشعر والخيال والواجبات المدرسية وغيرها. تسبب ذلك التحول في قلب المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة مثلا وليس حصرا رأسا على عقب، إذ يحاول المعلمون والإداريون تمييز ما إذا كان الطلبة يستخدمون تلك البرامج الذكية المدعمة بالذكاء الاصطناعي لأداء الواجبات من عدمه. وحظرت بعض أنظمة المدارس العامة في الولايات المتحدة بما في ذلك نيويورك وسياتل، استخدام الأدوات في المدارس بواسطة شبكات الإنترنت وعبر أجهزتها، رغم ذلك لم يكن صعبا على الطلاب الوصول إليها بطرق أخرى عدة. وترددت الكليات والجامعات أولا في حظر أداة الذكاء الاصطناعي لأن الإداريين يشكون في أن هذه الخطوة قد لا تكون فعالة كما يجب، ولا يرغبون في انتهاك الحرية الأكاديمية، ما يعني أن الطريقة التي يتم تدريس المناهج بها لابد أن تتغير.هل يغير الذكاء الاصطناعي العملية التعليمية؟صرح عميد جامعة فلوريدا جو غلوفر للصحيفة الأميركية "نيويورك تايمز": نحاول وضع سياسات عامة تدعم سلطة عضو هيئة التدريس في إدارة الصف. بدلا من استهداف أساليب محددة تُستخدم في الغش. لن يكون هذا هو الابتكار الأخير الذي يجب أن نتعامل معه.تصريحات عميد جامعة فلوريدا تأتي في ظل حقيقة واضحة، وهي أن الذكاء الاصطناعي التوليدي في أيامه الأولى فقط، ومن المتوقع أن تصدر أدوات عدة متميزة لتخليق نصوص أفضل من سابقتها. شركات غوغل ومايكروسوفت دخلت بدورها عالم برامج الدردشة الذكية المدعمة بالذكاء الاصطناعي. صحيفة "نيويورك تايمز" قالت: "مطورو البرامج اكتشفوا أنه يمكن أن تُستخدم لتضليل الناس وأنهم بصدد إصدار برنامج لتحديد النص الذي أنشئ بواسطة برنامج المحادثة المدعم بالذكاء الاصطناعي". جامعات أميركية عدة وضعت البرنامج ضمن أعلى اهتماماتها للتعامل معه، وأنشأ المُديرون عددا من الفرق للتعامل مع الموقف، بواسطة مناقشات على نطاق الجامعات داخليا وخارجيا للتعامل مع الموقف، ومعظم التوجيهات حتى اللحظة ترتكز على التكيف مع التكنولوجيا. واستبعد الأساتذة فكرة طلب أوراق بحثية أو شرح من الطلبة، إذ يصيغ بعض الأساتذة أسئلة يأملون أن تكون ذكية للغاية بالنسبة لروبوتات الذكاء الاصطناعي، ويطلبون من الطلاب الكتابة عن حياتهم والأحداث الجارية. وزادت اعتمادية الطلاب على برنامج الدردشة المدعم بالذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت، إذ ظهر وسم عبر تطبيق "تيك توك" تخطت مشاهداته حاجز 578 مليون مشاهدة، والأشخاص يشاركون ما كتبوه والمسائل التي حلوها بواسطته. وأحد الطلاب وضع امتحانه في البرنامج وكتب "لا أعلم بشأنكم، لكن البرنامج سيحل امتحاني بدلا مني، استمتعوا بدراستكم".(ترجمات)