تلقى قطاع التكنولوجيا في إسرائيل، والذي بات المحرك الأساسي للنمو، صدمة كبيرة إثر تداعيات الحرب في غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي، دفعت القطاع لفقدان توازنه.وقال الكنيسيت الإسرائيلي في بيان على موقعه الإلكتروني، إن لجنة العلوم والتكنولوجيا، وجدت خلال اجتماعها الثلاثاء أن الحرب أثرت بشكل ملحوظ على صناعة التكنولوجيا وأن الكثير من الشركات تجد صعوبة في التوظيف مع استدعاء 350 ألف من جنود الاحتياط.كما ذكر الكينيست أن هناك انخفاضا واضحا في جمع رؤوس الأموال، وأن العديد من الخبراء والمسؤولين البارزين أبدوا قلقهم من الآفاق المستقبلية والتداعيات طويلة المدى للحرب على الصناعة التي قد تصل لحد الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي.تراجع قطاع التكنولوجيا 56%وقال الباحث الاقتصادي والمالي زياد ناصر الدين إن هناك 90 ألف موظف بقطاع التكنولوجيا تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية لهذا القطاع الحساس جدًا بالنسبة للاقتصاد في إسرائيل، وبالتالي تضرر كثيرًا.وذكر خلال حديثه لمنصة "المشهد" أن الوثائق الرسمية الصادرة تشير إلى 56% تراجعًا بهذا القطاع، الذي يضم 400 شركة كبرى و6000 شركة ناشئة، وأن استعادة الثقة في هذا القطاع ستأخذ سنوات على الأرجح.وأشار إلى تداعيات اقتصادية أخرى كنتيجة لتضرر القطاع الذي يمثل نحو 50% من صادرات إسرائيل، ومن بينها تراجع الشيكل الإسرائيلي، الذي اضطر البنك المركزي لدعمه بنحو 45 مليار دولار، للحد من التدهور، بجانب خسائر البورصة، وارتفاع معدلات البطالة.ويمثل قطاع التكنولوجيا في إسرائيل نحو 18% من الناتج المحلي للبلاد فيما يستحوذ على نصف الصادرات، كما أنه بحسب بيانات أبحاث الكنيست ومركز المعلومات، فرواتب العاملين بقطاع التكنولوجيا تصل إلى 11.7 مليار شيكل، تمثل 23% من جملة الرواتب ما يعني أن الانخفاض المتوقع في عدد الموظفين بالقطاع سيؤثر على الاستهلاك الخاص، وأيضًا إيرادات الدولة لأن 25% من ضرائب الدخل التي يتم جمعها من قطاع التكنولوجيا.وخلال أكتوبر انخفض عدد الموظفين بنحو 2100 موظف أي تراجع نحو 0.5% عن سبتمبر.وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الحرب في غزة ستؤدي لتباطؤ مؤقت لكن ملحوظ في اقتصاد إسرائيل، وتوقعت انكماشه 1.5% في 2024 مقابل نمو متوقع 2.3% في 2023.انخفاض حاد في صفقات التكنولوجيابحسب تقرير لـ"برايس ووتر هاوس كوبرز"، تراجع عدد صفقات الاستحواذ والطروحات العامة في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي لأقل مستوى في 10 سنوات خلال 2023، مدفوعة بالحرب وأشهر من الاحتجاجات، والتباطؤ العالمي."7 أكتوبر غيرت كل شيء، من المبكر جدًا استشفاف التأثيرات طويلة المدى لذلك اليوم أو ما تلاه من حرب التي ما زالت جارية، لا أحد يعلم كيف ستؤثر على خصائص الحياة المدنية والعسكرية والاقتصادية لدولتنا، لكنها على الأرجح ستترك علامة دائمة". بحسب ما كتب يارون وايزنبلوث، محلل إسرائيل في "برايس ووتر هاوس".وقدرت المؤسسة قيمة 45 صفقة رصدها بنحو 7.5 مليارات دولار مقارنة بنحو 72 صفقة بقيمة 16.9 مليار دولار في العام الأسبق، وهي أدنى قيمة منذ 2018.وذكر وايزنبلوث أن إسرائيل وقطاع التكنولوجيا دخلت تلك الحرب وهي ليست في أفضل حالاتها، مشيرًا إلى أن متوسط قيمة الصفقات أيضًا انخفضت 29% لتصل إلى 167 مليون دولار مقابل 235 مليون دولار في 2022، و482 مليون دولار في 2021.ولفت إلى أن الطروحات العامة كانت شبه منعدمة فاقتصرت على 3 شركات بقيمة 2.5 مليار دولار مقارنة بنحو 13 شركة بقيمة 10.6 مليارات دولار، وهو أقل بكثير من 72 طرح بقيمة 70.1 مليار دولار في 2021.وقال الرئيس التنفيذي التقني بهيئة الابتكار الإسرائيلي، زاكي شنارتش، إنهم يتلقون عددا متزايدا من الاتصالات الهاتفية التي تطلب الدعم، وتخشى أن الموقف الحالي قد يؤدي إلى انهيار شركات التكنولوجيا، بحسب بيان الكنيست الإسرائيلي.وطالب رئيس لجنة العلوم والتكنولوجيا، وأعضاء الكنيست ومديرو شركات التكنولوجيا الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لمساعدة الصناعة قبل أن تضرر بطريقة تسبب فقدان الوظائف وتقلص إيرادات الدولة، وتُخفض النمو."بعد البيانات المُقلقة التي برزت، الاختبار الذي نقف أمامه هو كيفية المحاربة لتبني تلك الإجراءات، حتى لا تبقى حبيسة الأدراج، وتوصيتنا هي رفع نسبة تمويل الحكومية لقطاع التكنولوجيا وتشكيل لجنة مكونة من كل الوزارات، من أجل وضع خطة مساعدة شاملة وفعالة للقطاع"، حسبما قال أيمن عودة، رئيس اللجنة، في بيان الكنيست.وطالب أيضًا بوضع خطة متعددة الأعوام قبل حتى إقرار الميزانية المقبلة.مؤشرات صناعة التكنولوجيا في إسرائيلأظهرت بيانات مركز أبحاث الكينيست الإسرائيلي ومركز المعلومات أن هناك 56% انخفاضًا في الاستثمارات بقطاع التكنولوجيا لتصل إلى 6.9 مليارات دولار.وبحسب البيانات فإن ذروة جمع رؤوس الأموال كانت في الربع الرابع من 2021 بنحو 8.3 مليارات دولار من خلال 163 صفقة، قبل أن تنخفض في الفصول اللاحقة وتصل إلى 1.4 مليار دولار فقط خلال الربع الأخير من 2023، وهي قيمة مماثلة لما تم جمعه في الربع الأول من 2019.وقال كبير الاقتصاديين في معهد السياسات الوطنية للشركات الناشئة بإسرائيل، إن التباطؤ في الاستثمارات طال الشركات التكنولوجية الناشئة أيضًا، خصوصًا أن الشركات استقبلت استثمارات بقيمة 7.3 مليارات دولار بانخفاض 60% عن 2022 وهو أدنى مستوى منذ 2018.وذكر أن الانخفاض في الاستثمارات في الشركات الناشئة بإسرائيل كان ضعف الانخفاض في الولايات المتحدة التي تراجعت بها الاستثمارات 30%، كما كان أعلى من أوروبا التي شهدت انخفاضا 44%.ويقول سيفان نويفيلد، من التحالف الإسرائيلي للتكنولوجيا، إن الانخفاض الحاد في الاستثمارات الأجنبية والمحلية في الشركات الناشئة بالصناعة وتراجع عدد جولات التمويل، والتعبئة المكثفة لجنود الاحتياطيات أضرت كثيرًا بعمليات الشركات خصوصا الصغيرة منها والتي يمثل ضباط الاحتياط 50% من قوة العمل بها.مستقبل صناعة التكنولوجيا في إسرائيليقول وايزنبلوث، من "برايس ووتر هاوس كوبرز" في المذكرة البحثية، إنه من الصعب وغير الناضج التوقع بمآل الأمور، لكن هناك القليل من القلق أن تداعيات الحرب والتطورات السياسية والاقتصادية ستكون حرجة لمستقبل إسرائيل في العموم، وصناعة التكنولوجيا على وجه الخصوص.أما الرئيس التنفيذي التقني لهيئة الابتكار الحكومية، فيرى أن بعض التحركات يجب اتخاذها حتى قبل اكتمال الصورة لأن عدم التصر بشكل سليم يؤدى لنتائج غير مرغوبة، بحسب بيان الكينيست.أوضح "نحن نشهد مستوى منخفضا للشركات الجديدة التي يتم تدشينها بالصناعة، كما أنها باتت تركز على الأنظمة البرمجية خصوصًا أنها تستحوذ على 75% من الشركات، بما يجعلها تضع الكثير من البيض في سلة واحدة ويجعل مخاطر التركز أكبر".وعلى نحور متفائل يرى موران شامسي، الشريك الإداري في شركة أمبلفيلدز للاستثمارات ومقرها هرتسليا، أن غالبية شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية قد نجحت في وضع خطة بديلة طويلة المدى، مع الأخذ في الاعتبار أن جنود الاحتياط قد يظلون خارج مكاتبهم لمدة تزيد عن ثلاثة أو أربعة أشهر، وفق ما نقلته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".وفي نوفمبر الماضي رفعت وزارة المالية الإسرائيلية الدعم الحكومي الموجه لشركات التكنولوجيا خصوصا الشركات الناشئة إلى 100 مليار دولار، وتلقى القطاع دفعة من استمرار عملاق أشباه الموصلات "إنتل" سيستكمل استثماره البالغ 25 مليار دولار لتوسيع مصنعه في جنوب إسرائيل، بعدما تلقى منحة حكومية بنحو 3.2 مليارات دولار.(ترجمات)