يسعى المفاوضون الأميركيون إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يمكن أن يوقف الحرب في غزة لفترة كافية، بما يمهّد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار، وفقًا لما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيّين وعرب مطّلعين على المفاوضات. وتدرس إسرائيل و"حماس" اتفاقًا من 3 مراحل من شأنه إطلاق سراح الأسرى في غزة، بدءًا بوقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، وفقًا لمسوّدة الاتفاق التي ناقشها هذا الأسبوع رؤساء أجهزة المخابرات من دول عدة في باريس. كما ستشهد المراحل اللاحقة أيضًا توقف القتال وإطلاق سراح المزيد من الأسرى.إسرائيل لن تستأنف الحرب بعد توقّف طويلوقال المسؤولون إنّ المفاوضين الأميركيّين، بقيادة مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، يقولون إنه سيكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب بقوتها الحالية بعد توقّف طويل لإطلاق النار. وأضاف المسؤولون أنّ الولايات المتحدة أبلغت زملاءها المفاوضين، أنّ إسرائيل تدرس فكرة الانتقال إلى مرحلة أخرى ستكون خلالها العمليات الرئيسية أكثر محدودية، بما في ذلك الغارات الجوية على غزة، بمجرد إطلاق سراح جميع الأسرى. وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القوميّ بالبيت الأبيض: "نتطلع إلى فترة توقّف طويلة كهدف. وهذا كله جزء من المناقشات، ولكن أطول مما رأيناه في نوفمبر، والذي كان نحو أسبوع". وأضاف كيربي أنّ الإدارة الأميركية تأمل في إقناع جميع الأطراف بالموافقة على وقف القتال، الذي من شأنه إخراج الأسرى من غزة ودخول المزيد من المساعدات الإنسانية. والتوصل إلى هذه الصفقة سيتطلب التغلّب على الانقسامات الداخلية والخلافات الراسخة بين الأطراف المتحاربة، حيث يقول المسؤولون العرب إنّ العقبات تجعل التوصل إلى اتفاق وشيك أمرًا غير مرجح، لكنهم أشاروا إلى أنه إذا تم التغلب عليها، فمن الممكن استكمال الاتفاق في غضون أسبوع إلى 10 أيام. وقال أشخاص مطلعون على المفاوضات، إنّ الاجتماع المغلق في باريس ضم ديفيد بارنيا، مدير الموساد، الذي وافق على نطاق واسع على الخطوط العريضة للصفقة. ويشير استعداد كلا الجانبين حتى للنظر في الخطوط العريضة للصفقة، إلى تحول صغير ولكنه مهمّ في المفاوضات، بحسب "وول ستريت جورنال"، مشيرة إلى أنه يوضح الضغوط المفروضة على إسرائيل و"حماس"، مع اقتراب الحرب في غزة من دخول شهرها الخامس ووضع المنطقة على حافة صراع شامل. وتواجه إسرائيل، العازمة على القضاء على "حماس"، دعوات متزايدة من بعض الإسرائيليّين لإنهاء الحرب لاستعادة أكثر من 100 أسير. كما يضغط حلفاء واشنطن في الدول العربية من أجل وضع نهاية دائمة للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف. وفي السابق، قالت "حماس" إنها لن تكون مستعدة لإطلاق سراح الأسرى، إلا مقابل إنهاء الحرب، وهو الأمر الذي قالت إسرائيل إنها لن توافق عليه.المرحلة الأكثر خطورةويعكس الاقتراح الحالي محاولة لسدّ الفجوة عن طريق شراء الوقت للتفاوض على هدنة طويلة الأمد، ووضع حدّ فعليّ للصراع، وفقًا لمسؤولين مطّلعين على المحادثات، والذين قالوا أيضًا إنّ "حماس" أشارت للمفاوضين إلى أنها ستكون مرنة بشأن مدة الهدنة، طالما أنّ لديها ضمانات لوقف إطلاق النار على المدى الطويل. ووفقًا لمسوّدة الاتفاق التي أبلغ المسؤولون المشاركون في المحادثات ما جاء فيها لصحيفة وول ستريت جورنال، ستوقف إسرائيل خلال المرحلة الأولى جميع العمليات العسكرية في غزة، بما في ذلك مراقبة الطائرات المسيّرة لمدة 6 أسابيع، بينما تقوم "حماس" بإطلاق سراح الأسرى على دفعات، إذ سيتم إطلاق سراح الأسرى المدنيّين، بما في ذلك كبار السن والمرضى والأطفال في البداية. وتنصّ مسوّدة الاتفاق أيضًا على حرية تنقل المدنيّين في جميع أنحاء قطاع غزة، ووصول المساعدات أيضًا إلى جميع أنحاء القطاع. وتقول المسوّدة إنه إذا نجحت هذه المرحلة، فإنّ المرحلة الثانية ستبدأ بإطلاق "حماس" سراح جنديات إسرائيليات، وسيتم إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وسيضمن الاتفاق تشغيل المستشفيات وخدمات المياه والمخابز. أما في المرحلة الثالثة من وقف إطلاق النار المحتمل، ستطلق "حماس" سراح الجنود الرجال وجثث الأسرى. وقال المفاوضون إنّ "حماس" طالبت أيضًا بإعادة جثث الفلسطينيّين الذين قُتلوا خلال هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر. ومن المتوقع أن تكون هذه المرحلة الأخيرة من الصفقة هي الأكثر خطورة، حيث قد يحتفظ قادة "حماس" في غزة بمجموعة صغيرة من الأسرى كأوراق مساومة ودروع بشرية، وهذا يدفع إسرائيل لرفض إطلاق سراح السجناء الفلسطينيّين البارزين، بحسب ما تشير "وول ستريت جورنال". ويقول المفاوض الإسرائيليّ السابق والمسؤول الحكوميّ دانييل ليفي: "سيسمح ذلك لنتانياهو بتجنب التداعيات السياسية للموافقة على عمليات الإفراج ذات القيمة العالية وإنهاء الحرب".الخلافات لا تزال قائمةوفي الاجتماع الذي عُقد في باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع، وضع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية الخطوط العريضة للصفقة، مع نظرائه من مصر وإسرائيل وقطر. كما وصفت إسرائيل المحادثات في باريس بأنها بنّاءة، بينما قالت "حماس" إنها تدرس الخطة. ولا تزال هناك نقاط شائكة، بما في ذلك نسبة الأسرى الفلسطينيّين الذين تم تبادلهم مقابل الأسرى، إذ تطالب "حماس" بالإفراج عن 150 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كلّ جندية إسرائيلية يتم إطلاق سراحها. وقال المفاوضون إنّ إسرائيل تريد استعادة جميع جنودها المحتجزين في غزة، ولا يمكن تحديد عدد السجناء الذين ستطلق إسرائيل سراحهم في المقابل. وتتعرض "حماس" أيضًا لضغوط من الهجوم العسكريّ الإسرائيليّ على مدينة خان يونس في جنوب غزة، حيث تعتقد إسرائيل أنّ قادة الحركة يختبئون تحت الأرض. ويقول المحللون إنّ الهجوم جعل القيادة السياسية لـ"حماس" في المنفى أكثر استعدادًا للتفاوض، في حين حافظ قادة الجماعة في غزة على موقف متشدد في المحادثات. ويقول بعض المسؤولين العسكريّين الإسرائيليّين، إنّ الهجوم الإسرائيليّ الأخير يهدف إلى دفع "حماس" للموافقة على شروط أكثر ملاءمة. ويتزايد ثقة المسؤولين العسكريّين الأميركيّين والإسرائيليّين، في قدرة "حماس" على النجاة من العملية البرية في قطاع غزة، ما يثير الشكّ في أحد أهداف الحرب الرئيسية، وهو القضاء على الجماعة المسلحة. وعلى الرغم من أنّ "حماس" تكبّدت آلاف الضحايا وما زالت تتعرض لضغوط شديدة من الهجوم الإسرائيلي، فقد خلصت تقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية إلى أنها تستطيع مواصلة القتال لأشهر عدة مع بقاء بنيتها التحتية تحت الأرض سليمة إلى حدّ كبير.(ترجمات)